الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجبهة الشّعبيّة بحاجة إلى -فضيلة القتل- أو عليها انتظار-رذيلة الانتحار-

رضا كارم
باحث

2014 / 8 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


إذا كانت الجبهة الشّعبيّة في طريقها إلى التشظّي ، فلأنّها فشلت في وعي مهماتها و تمثّل عمقها و نفي الصّراعات الشخصيّة و الإديولوجيّة داخلها...
من أبرز علامات الفشل الذّريع في تمثّل الجبهة لبينتها التنظيميّة، إهمالها للديمقراطية ،
و استنساخها لأسباب سقوط العمل الحزبيّ في الاستبداد الفرديّ ، و صناعة الزّعيم.
منذ أعلن شكري بلعيد أنّ حمّة الهمّامي هو "القائد"، توطّدت العلاقات كثيرا بين حزبين متنافرين منذ عقدين. لقد كانت جملة واحدة كافية لطيّ أزمات بينيّة حادّة.
مع ذلك، تظلّ الجبهة الشّعبيّة جسما قابلا للتّثوير. على عكس الخوانجيّة و الدّساترة.
الفرق يكمن في القواعد. لا ينتمي إلى الجبهة من الشبّان غير المتحفّزين إلى تغييرات عميقة في المجتمع. تغييرات تمسّ الثقافة التي تهيمن عليها التّصوّرات الدّينيّة المتناقضة، مع المصالح العامّة للمجتمع و المتناقضة إبستيمولوجيا فيما بينها.
و عدى عشرات "المتزمّتين إديولوجيّا " و " الملتزمين بالشخص المفرد" المنضبطين لمقولات الطليعة الثورية و مخرجات لينين و بعض من مقولات غرامشي حول وظيفة المثقّف، يمكن تغيير الكثير في الجبهة الشّعبيّة.
ثمّة رمز يُبنى عليه. شكري بلعيد دفع دمه ثمنا لمواقفه المناهضة للقروسطيّة.
و قد كان محقّا بامتياز في رفض سيادة غيبيّة على واقع إنسانيّ متحوّل، لا يمكن أن يسوده غير الإنسان ذاته.
في الجبهة الشّعبيّة ثمّة أيضا فكر و إديولوجيا يمكن وضعها ضمن سياقات نقديّة و تعميق النّقاشات أفقيّا بين الفاعلين المباشرين و عموديّا أي عبر المحاضرات و النّدوات ، و الانفتاح على مقولات شيوعيّة طالما أقفل النّقاش حولها و تمّ تجريدها من كلّ جدّية، و هنا أقصد الفكر اللّاسلطويّ يتيّاراته المناضلة ، لا بهلوسات بعض "المحسوبين على الشيوعية التحرّريّة" و هم أقرب الى اللّيبراليّة الأولى مع جون جاك روسّو و مونتيسكيو ...
في الجبهة الشّعبيّة ، ثمّة أخطاء كبرى و هزائم تاريخيّة لا بدّ من فتحها. و أقصد تحديدا، علاقة راضية النّصراوي بدفعات المتخرّجين من كلية الحقوق بتونس ، الذين وجدوا تسهيلات من السلطة الحاكمة في بداية التّسعينات، و عن دور حمة الهمامي في التسّجيلات ضدّ مورو و الملاحقات ضدّ غيره ، أي عن الوظيفة اللّاأخلاقيّة التي مارسها حمّة تحت ضاغطة الحقد و الانغلاق على الذات المكتنزة كراهيّة للخوانجيّة.
ثمّة صفحة اتحاد الطّلبة و الاتّحاد العام التونسي للشّغل، و ربّما على الوطد الموحّد أن يدلو بدلوه في هذا الجانب. هذا الحزب قديكون أكبر الأحزاب اليساريّة تمويلا للتّجمّع بالكوادر.
يعلم كثيرون أنّ قيادات بوليسيّة زمن سلطة بن علي ، كانت تنتسب الى "الوطج" ...
و ثمّة ملفّ الوطد الذي انقسم على نفسه و تشظّى بشكل مخجل، نتيجة هيمنة الزّعامتيّة و غلبة سياسات المحاور داخل التيّار الواحد. يجب أن يسأل كلّ رموز الوطد عن دوافع ممارسات مماثلة زمن استبداد مطلق.
إنّ فتح صفحات اليسار التّونسي المكوّن للجبهة الشّعبيّة، و نقد ماضيه بصرامة و عنف، و دون شفقة، سيمنح تونس نفسها مناضلين شديدي الحرص على الممارسة النّزيهة المرتبطة بالمنافع التّشاركيّة للجماهير الشّعبية عامّة.
النّقد الصارم المتبوع ضرورة بالقرارات الصّحيحة من فضح و كشف و تعرية و ترميز (ترميز بلعيد مثلا، عمران المقدّمي، الغول و غيرهما من المقاومين على الجبهة ضدّ الصّهيونيّة) ، سيوفّر فعلا، إمكانيّات كبرى لتوحيد الفعل الثّوريّ و نقله من مستوى السّطحيّة و الانتهازيّة و التّذلّل إلى اشتراطات مختلفة ، يصنعها المقاومون و لا تفرضها الدّولة...
قبل 7سنوات، استعمت بانتباه إلى رفيق محترم يتحدّث عن ّتطوّر الخطاب و الفهم في حزبه اليساريّ". يقول إذن:" لقد كنّا على خطإ كبير عندما كنا نرفض جهاز الدّولة باعتباره جهاز سيطرة . إنّ تفكيرنا ذاك جعلنا بعيدين عن الدولة، (و بالتالي عن المناصب القياديّة) و منغلقين على ذواتنا . ليس علينا أن لا نفرّط مجددا في الدولة. بن علي ينتصر لأنه يشدّد على ارتباط حزبه بالدولة (و يقصد مفهوم الوطنية كما بلوره التجمعيون في تونس).
إصرارنا على إنقاذ الدولة يجعلنا نربك بن علي و نحاصره بمنطقه الخاصّ."
و قد كان هذا بالضّبط خطاب الب دب . " محاصرة بن علي ببيان 7نوفمبر"...
و لم يكن حمة الهمامي بعيدا أبدا عن هذا الفهم، لكنه يكابر فحسب. و قد شارك حزبه في الانتخابات البلديّة رافضا بقية الانتخابات، بحجّة رفض منح الشّرعيّة لبن علي...
لقد كان الخطاب المزدوج و استحضار المبدإ و تغييبه بمقياس الحاجة من عدمها، أكبر محرّك للتّناقض مع البوكت حتى زمن الدكتاتورية النومفبرية الرديئة .
و يتواصل التناقض بشكل أقوى و أبرز، بعد انفضاح شخصية حمة الهمامي و وظيفة جمهوره .
إن الجبهة الشّعبيّة مطالبة بكتابة تاريخها من وجهة نظر التاريخ ذاته، ثمّ تقديم تبريراتها في كتاب منفصل، حتى لايتداخل الموضوعي مع الانفعالي العاطفي.
دون هذا، سينتهي اليسار في تونس أقصد اليسار التقليدي ، إلى أزمة حادّة تنهي كلّ وجود سياسيّ له على الارض. و ما يعنيه من هيمنة أكبر للمشاريع الامبرياليّة في تونس، و التي توجد عملاءها و مريديها، من داخل الاحزاب "الوسطية" أي المتقلّبة و الانتهازيّة و الفاقدة لكل مشروع أو "برنامج حكم" .
الآن ، هل يمكن للجبهة الشّعبيّة فتح تاريخها أي تاريخ أحزابها و فحصه بمشرط و دون تبنيج؟
قد ينتظر ذلك الهزمية السّاحقة في الانتخابات المقبلة الانقلابيّة على 17ديسمبر. و قد ينتظر سنوات و سنوات أخرى، أو قد لا يحدث أبدا .
و في كلّ الأحوال، ليست مهمّة اليسار مناقضة اليمين و لا مرافقته. إن مهمة الشيوعيّ تتعلّق بإسقاط أدوات رأس المال المسماة مؤسسات الدولة.
قد يكون الاحتفاظ بالشّكل بعد تثوير مؤسساته تلك، إمكانيّة متاحة. أنا حقّا لا أجزم بالعكس.
و ستكون الحركة و التجربة محكّ التطوير و التغيير لملاءمة المشترك الإنسانيّ.
ربما سيكتشف الشيوعيون في تونس في الانتظامات الحرّة الواعية برهاناتها و المتمثلة لمشروعها كقوة تغيير، و قوة مقاومة ، و المدركة للعلاقات و اشكال التنظم داخلها بوصفها تعادلية الديمقراطيين و اختلافات الأحرار، سيكون ذلك اكتشافا ذا بال، إذا ما مكّنا ماركس من راحة مطوّلة بعد إرهاق قاتل.
__________________
رضا كارم -قلعة سنان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف ستتعامل فصائل المقاومة في غزة مع المرحلة الثانية التي أع


.. آليات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلين شرق أريحا




.. -غزة صارت فخا للموت وجحيما من الرعب-.. شهادات لوالدات جنود ي


.. شاهد| دبابات وجرافات إسرائيلية تتقدم إلى مناطق قريبة من جسر




.. خالد مشعل عن غزة: -تدمرت ثمناً للمقاومة-.. وردّ من الهبّاش: