الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس ثمة انشقاقات وكل شيء هاديء على جبهة الأحزاب العراقية الحاكمة

حسين كركوش

2014 / 8 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


حسين كركوش

ليس ثمة انشقاقات وكل شيء هاديء على جبهة الأحزاب العراقية الحاكمة


أعجب ولا ينتهي عجبي وأنا أجد هذه الأيام مَن يتوقع استنادا على ما حدث أخيرا داخل حزب الدعوة الإسلامية، بأن الحزب سيعصف به انشقاق عميق و واسع أو أن فلان الفلاني في قيادة الحزب سيستقيل من موقعه الوظيفي ويعتكف في بيته أو أن البعض داخل الحزب سيتحولون إلى معارضة داخل البرلمان !! هذه أوهام يؤمن بها أناس من أصحاب أهل الكهف الذين تحسبهم أيقاظا وهم رقود. نعم، هولاء رقود لأنهم يعتقدون أن رجال حزب الدعوة ما يزالون " فتية آمنوا بربهم " وليسوا فتية أمنوا بالدولة الريعية العراقية وما يدره اقتصادها الريعي من أرباح أسطورية وعقود تجارية وجاه ووجاهة ومناصب وحسابات مصرفية وقصور وسيارات مصفحة وأسراب حماية. هولاء نيام وحمقى ومجانين لأنهم يعتقدون أن (الدعاة) ما زالوا يرددون (هيهات منا الذلة)، بينما الدعاة الآن يرددون، على الأقل مع أنفسهم : ألف أهلا بالذلة ما دامت تمنحنا هذا النعيم.
لن يحدث انشقاق لا في حزب الدعوة ولا في الائتلاف الشيعي كله ولا في الائتلاف السني كله ولا في الائتلاف الكردي ولا في صفوف العلمانيين ولا في صفوف الإسلامويين ولا في صفوف أي كتلة أخرى. وكل ما رأيناه وما سنراه لاحقا من رواح ومجيء و ظهور كتل صغيرة بيضاء وصفراء وخضراء وسوداء داخل جميع الكتل السياسية إنما حَدثَ وسيحدث تحت شعار (الصلاة خلف علي أتم والطعام مع معاوية أدسم) وامتلاك لسانين أسلم,
ذَهبَ زمن الاستقالات منذ 17 تموز 1968 عندما بدأت الدولة تصاب بفقر دم مريع ثم أصبحت، حالما تفرد صدام بالحكم، تُدار بذهنية (أنا الدولة والدولة أنا). ثم عندما أُصيبت الدولة بالكساح بعد عام 2003 حينما تحولت إلى شركة تجارية تُدار بذهنية الغنيمة وبعقلية البازار البدائية : (هذه فرصة و السبع اللي يعبي بالأسكلة رقي).
هل رأيتم وزيرا استقال من منصبه طوال حكم صدام حسين ؟ هل رأيتم وزيرا تخلى عن منصبه طواعية منذ عام 2003 ؟ بالتأكيد، لا. في الحالة الأولى يُقطع عنقه ورزقه وفي الحالة الثانية ينقطع رزقه. وأي رزق !! ولهذا علينا أن ننتظر طويلا جدا حتى يظهر حسقيل ساسون جديد يصفق الباب وراءه ويغادر مجلس الوزراء احتجاجا لتدخل رئيس المجلس في عمله قائلا للحاضرين: "هذا موضوع من اختصاصي فأن وافقتم عليه فبها وإلا فلا أعمل معكم." وعلينا أن ننتظر زمنا أطول حتى يظهر سياسي عراقي مثل عبد المحسن السعدون تهتز الأمة العراقية هلعا لانتحاره وهي تقرأ في وصيته : " يظنون أني خائن للوطن، وعبدا للإنكليز ؟ ما أعظم المصيبة !! أنا الفدائي الأشد إخلاصا لوطني .." وعلينا أن نحلم بأن يظهر سياسي مثل فؤاد الركابي يرفض إغراءات السلطة ومفاتنها فيقدم استقالته وهو في السادسة والعشرين من منصب وزاري يحلم بشغله ألآلاف ثم يواصل مواقفه المبدأية رافضا بأخلاقية عالية كل الامتيازات لينتهي به المطاف مقتولا أشنع قتلة في سجون صدام. وعلينا أن ننتظر طويلا طويلا حتى يظهر وزير مثل محمد حديد يستقيل من حزبه ومن وظيفته الوزارية حتى لا يقال أنه تخلى عن حزبه وساند عبد الكريم قاسم طمعا بجاه وبمنصب.
أما الانشقاقات داخل الأحزاب فكانت تحدث لأن المبادئ كانت موجودة، ولا يهم أن اتفقنا أو اختلفنا حول صحتها. خذ الحزب الوطني الديمقراطي مثلا. عبد الكريم الأزري وعبود الشالجي استقالا من الحزب الوطني الديمقراطي عام 1947 لأسباب مبدأية. واستقال طلعت الشيباني وزكي عبد الوهاب من نفس الحزب لخلافهما مع الجادرجي لأسباب فكرية تخص موقفهما من الاشتراكية الديمقراطية وفهمهما لها. وقدم كامل القزانجي استقالته من الحزب نفسه لأسباب آيدولوجية. وانشق محمد حديد عن الحزب لأسباب سياسية مبدئية.
أما انشقاقات الحزب الشيوعي العراقي فأن المنشقين والمنشقين عليهم كانوا يتسابقون أيهم يدخل السجن وربما يُعدم قبل الآخر، وما كانت الاتهامات تدور حول الحصول على مكاسب وامتيازات و أي الفريقين يحقق أرباحا مالية أكثر، وإنما أيهم الأكثر أخلاصا لمبادئ الحزب، وبلغة تلك الأيام، أيهم الأنتهازي البرجوازي التصفوي وأيهم الماركسي اللينيني الأصيل.
وكبار السن من العراقيين ما يزالون يتذكرون الانشقاقات التي حدثت في حزب البعث بعد أن طُرد من السلطة أثر انقلاب تشرين 1963، وكيف كانت مفردة ( يساري) التي كان يطلقها حزب البعث (جماعة سوريا) على أنفسهم مدعاة للفخر إزاء مفردة (يميني) التي كانوا يطلقونها كشتيمة قاسية ضد ما تبقى من حزب البعث. ونتذكر كذلك أي انشقاقات عصفت بحركة القوميين العرب بعد انتكاسة 1967، لا بحثا عن مناصب وامتيازات وإنما بحثا عن رؤى جديدة واستنباط أفكار خلاقة في مواجهة الكارثة التي حلت.
و حزب الدعوة نفسه لم يخل من انشقاقات كانت المبادئ دافعها، وقتذاك حينما كان الدعاة يتسابقون نحو الموت ويفرون من مأوى سري لأخر و عندما لم يذق الدعاة بعد لذة الركوب في سيارات مصفحة مظللة يحرس كل واحدة منها أسطول من سيارات الحماية.
الآن ما من انشقاقات و لا استقالات لأن جميع (أقول جيدا: جميع) الساسة والأحزاب الذين يقودون الدولة ويشاركون في إدارتها يتعاملون مع الدولة كدكان كان متواضع الأرباح آلت إليهم ملكيته بعد أن دفعوا (سرقفلية)، وها هو دكان الأمس البسيط قد تحول اليوم إلى شركة تجارية عملاقة تدر أرباحا بالمليارات. فهل وجدتم صاحب شركة مزدهرة تخلى عنها وهل سمعتم بمساهم في شركة عملاقة ذات أرباح خيالية انشق عن شركاءه في مجلس إدارتها !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة