الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الولايات المتحدة، الإعتباطية المنظمة!!

عادل مرزوق الجمري

2005 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


الولايات المتحدة، ليست إقتصاداً أو مسيحية، هي نموذج من :
الإعتباطية المنظمة
"النهاية المطلقة في وضع المحاربين في تشكيل عسكري، هي غياب التشكيل، عندما يغيب التشكيل عن المرء، فإن الجواسيس والحكماء لا يستطيعون وضع إستراتيجية مضادة"
صن تسو "فن الحرب"

لا أفضل مطلقاً إطلاق توصيف شامل "كهنوتي" حيال توصيف السياسة الأمريكية، فليست الولايات المتحدة رهينة "ليبرالية إقتصادية"، أو "تعاليم مسيحية"، "سلوكيات إمبراطورية".
هي إمبراطورية فاقدة للتشكيل، لذلك قد يصعب علينا، سواء كنا جواسيس أو حكماء، أن نبني رؤية سياسية قارة وثابتة حيالها، ثمة قاعدة بيانات تتصف بالتعقيد والتناقض في توصيف الدبلوماسية الأمريكية والقرار السياسي الأمريكي.
ليبرالية إقتصادية
عندما نتحدث عن الولايات المتحدة من منظور "ليبرالي إقتصادي" نستطيع أن نطلق العديد من الشواهد والنظم، وأن نستدل بسلسلة طويلة من المؤسسات الإقتصادية الأمريكية المعولمة، والتي تحاول فرض وتيرتها، فيخيل لنا أن الولايات المتحدة الامريكية هي "غول إقتصادي" فقط، وهي فيما تقرره من سياسات وردود أفعال على الساحة الدولية، تدعم تغولها الإقتصادي بحثاً عن أسواق جديدة.
قد يكون من السهل أن نطلق العنان لهذا التأويل، ومن ثم نقوم بعملية تأويل جميع السياسات الأمركية في هذا السياق، إلا أننا في الحقيقة لا نستطيع أن نفسر الكثير من السياسات الأمريكية عبر هذا التأويل الكلياني، ما الذي يغري الأمريكيين "إقتصادياً" لدعم إقتصاد البرازيل المتهالك، ودعمه بمليارات الدولارات كلما أوشك على السقوط. هذا السلوك تحكمه ببساطة "السلوكيات الإمبراطورية"، فليس للإقتصاد الامريكي مصالح إستراتيجية في الإقتصاد البرازيلي.
السلوك الإمبراطوري يلزم الولايات المتحدة بدعم العديد من الدول الامريكية الجنوبية، إذ أنها في الغالب دول قامت بإتباع الإمبراطورية الأمريكية إقتصادياً وسياسياً، وفشلها في تحقيق الإستقرار هو فشل للمنظومة السياسية الإمبراطورية الأمريكية، لذلك تسعى الولايات المتحدة إلى ضمان حقيقة تاريخية تسعى لترويجها "الولايات المتحدة تمتلك أفضل منظومة سياسية إقتصادية للمجتمع الإنساني".
مسيحية التأويل في الكونجرس
كذلك هي الولايات المتحدة من منظور "تبشيري مسيحي" نجد أن جل الخطابات السياسية الأمريكية ملغومة بالنصوص المسيحية، هذا إذا ما أضفنا حقيقة تحدثت عنها العديد من مراكز قياس الرأس العام الأمريكي وهي "إن 75 في المائة من الأمريكيين يعتقدون أن العناية الإلهية هي من تحمي امريكا وليست صواريخها النووية". نجد أننا لا نستطيع فهم "الولايات المتحدة" بعيدا عن المكون الديني.
فإذا كان الكثير من المسلمين قد إعتقدوا أن "أحداث تسونامي" هي عقاب رباني، فإن الصورة ليست مختلفة في أروقة الكونجرس الأمريكي، ففي ترجمة هامة لغسان غصن "الباحث في الشؤون الأمريكية"، لمقتطفات من كلمة زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الكونجرس الأمريكي "توم دولاي"، نجد ذات الفهم والتأويل، ولعله في الكونجرس كان نوعاً ما أكثر "غباء".
يقول "توم دولاي"/ وكل من يصغي إلى أقوالي هذه ولا يعمل بها، سيكون أشبه بمغفل بنى بيته على الرمل، هطلت الأمطار وجاءت الفيضانات، وهبت الرياح، وضربت البيت، فأنهار، ودمر كلياً، وكما في سفر الرؤيا، وبخاصة الرقم سبعة، فإن الأمور تنساق في التالي:
أولاً/ العنصرية، لأن الإلبية العظمى من ضحايا الكارثة هم ممن يسمييهم أمثال دولاي "السمر الصغار".
ثانياً/ التدين المتعصب، لأن معظم الضحايا ليسوا مسيحيين، وحتى إن كان من بينهم مسيحيون، فهؤلاء ليسوا "مولودين من جديد".
ثالثاً/ الإستعلاء والتجبر، لأن البلدان المتأذية ليست مثل الولايات المتحدة، مدينة مضيئة على جبل.. باركها الله.. وكانت منيعة فخورة.
رابعاً/ الإطمئنان الى المساندة، لأن هناك أعدادا كبيرة ونافذة تشاركه في هذه الأراء والمشاعر، وتدعمه في مثل هذه المواقف.
خامساً/ جهل الآخرين او تجاهلهم، لأن التيار الرئيسي متواطؤ او لا يعلم، أو لا يكترث، أو ربما، لا حول له ولا قوة.
سادساً/ السعادة لحدوث الكوارث، لأن عشرات الملايين من الأمركييين يؤمنون بكونها أدلة توراتية على قرب إنتهاء العالم وعودة المخلص.
سابعاً/ التزاوج بين الأيديولوجيا واللاهوت، لأن هذا الأمر، الحاصل للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، يستأثر بالحكم ويحتكر السيطرة على البلاد.
إننا عبر هذه الترجمة قد نتهور في إطلاق حكم كلياني آخر، وهو أن الولايات المتحدة ببساطة "دولة دينية"، إلا أننا سنعجز بالتأكيد، في أن نفهم العديد مبررات العديد من السياسات الأمريكية.
لا يمكننا أن نفهم الإشتراك المسيحي اليهودي سياسياً، ولا حتى عن تقاعس الولايات المتحدة عن دعم العديد من الشعوب المسيحية المضطهدة إسلامياً أو بوذياً، كذلك لا نستطيع فهم "التقاعس" عن نشر المسيحية في شتى أقطار العالم.
السلوك الإمبراطوري
ما معنى أن تكون الولايات المتحدة "إمبراطورية"، هذا ما يحيلنا إلى محاولة فهم السياسات الأمريكية من منظور أنها ذات أبعاد "إمبراطورية"، لنا أن نحيل بعضاً من السلوك الأمريكي لهذا السياق السياثقافي، إلا أن هذه الإمبراطورية لها ما يميزها عن بقية السياقات التاريخية لسلسة الإمبراطوريات الآفلة.
الإمبراطورية الأمريكية، تتصف ببعض النقاط الهامة، أولاً/ هي إمبراطورية مصنوعة في زمكان معقد، قد يصعب أن تنشأ فيه إمبراطورية من الوزن الثقيل، فليس السلاح النووي هو ما جعلها تتبؤ هذه المكانة، وليس الإقتصاد المتنامي فقط، وليست التركيبة الإجتماعية ونظم الحريات. بل هو مزيج هذه العوامل مع بعضها البعض.
ثانياً/ السلوك الإمبراطوري الأمريكي يتصف بأنه سلوك "عالمي" و "كوني"، إستطاعت الولايات المتحدة أن تجر معها مؤسسات المجتمع الكوني، لتكون شريكة في السلوك الإمبراطوري، هذا ما يحيل على أن الولايات المتحدة نجحت حتى اليوم، في أن تقنع وتسير المجتمع الدولي على تبني مصالحها الإمبراطورية بطريقة مميزة وذكية.
سنستعرض "ما هية التشكيل السياسي" للولايات المتحدة في مقالة قادمة، فقط كان هدفنا في هذه المقالة تقويض أية كليانية مسبقة عن التشكيل السياسي الأمريكي، ذلك أنها نموذج "إعتباطي" يتصف بالتنظيم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي