الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع أبرز مؤسّسي مجمع اللّغة العربيّة البروفسور ساسون سوميخ(2)

سيمون عيلوطي

2014 / 8 / 18
الادب والفن


حوار مع أبرز مؤسّسي مجمع اللّغة العربيّة البروفسور ساسون سوميخ(2)

حاوره: سيمون عيلوطي*

أثار البروفسور ساسون سوميخ في لقائنا السّابق معه عدة أمور، تمحورت حول تأسيس مجمع اللّغة العربيّة، ذكرياته التي تناولها في كتابه "بغداد أمس"، علاقته بعدد من شعراء العراق وتهجير أبناء الجالية اليهوديّة عن أراضيه.. رأينا في هذا اللّقاء أن نتوقّف معه عند عدد آخر من المحطّات التي نراها مفصليّة في حياته وأبحاثه فتوجّهنا له بما يلي:
*هل لكّ أن تحدّثا عن بداية عهدكَ في البلاد؟
*عندما وصلتُ البلاد، وكنتُ في مفتتح شبابي، كانت معرفتي بالعبريّة تكاد تكون معدومة. أما بالنسبة للغة العربيّة فكان في البلاد مجموعة صغيرة من الكتّاب والمثقفين العرب، وذلك لأن ألوف من المثقفين الفلسطينيين في البلاد كانوا قد فارقوها وبدأوا يعيشون في المهاجر أو في الضّفة الغربيّة. وكان بعض الباقين في إسرائيل يعملون في صحافة الحزب الشيوعي. وكانت الناصرة بالذات مركزا هاما استمر المثقفون الفلسطينيون في حياتهم الثقافية كعرب وكفلسطينيين، واذكر من بين المثقفين العرب في الناصرة وشمال البلاد، إميل حبيبي وحنا أبو حنا وعصام عباسي وغيرهم فأخذت أسافر إلى الناصرة وحيفا متى ما تسنى ذلك. واذكر أني كنت أتوجّه إلى مقهى العين في الناصرة حيث كنت أجتمع بالشعراء والكتّاب المحلّيين اذكر منهم المرحوم جمال قعوار والمرحوم توفيق زيّاد، والمرحوم صليبا خميس والمرحوم ميشيل حداد. ولم تنقطع زياراتي الشبه أسبوعيّة للناصرة حتى خلال الشهور الثلاثين التي قضيتها في الخدمة العسكرية فكنت انتهز عطلات آخر الأسبوع فأهرع إلى الناصرة وأنا في لباسي العسكري...
إميل حبيبي، قابلته في مكاتب الاتحاد التي كان يحررها، وذلك في شارع الخوري في حيفا وكان عمره آنذاك أقل من 30 عاما.
*حين هاجرتّ مع أغلبية يهود العراق إلى إسرائيل، سنة 1951، توجّتَ في كتاباتك الأدبية نحو صحف اليسار، فكتبتَ مقالاتك وترجماتك لعدد من المؤلفات الأدبيّة العريبّة، في مجلّة جمعيّة «بريت شالوم» التي سعت إلى تشجيع التعايش بين اليهود والعرب، وفي صحيفة «كول هَعام» - صوت الشعب، التي كان يصدرها الحزب الشيوعي، كما انشغلتَ في تلك المرحلة بالأدب المصريّ، أكثر من انشغالكَ بالأدب العراقيّ الذي عايشته وكوّنتَ صداقات حميمة مع عدد من أعلامه... لماذا..؟
فعلا، كرّستّ سنوات كثيرة من حياتي الأكاديميّة في دراسة الأدب المصري المعاصر وتحقيقه، ذلك أن أهم حركات التّجديد منذ بداية القرن العشرين ظهرت في مصر بالذات (طه حسين، الحكيم، محفوظ، إدريس وغيرهم)، ولكني لم أبتعد كثيرا عن بقيّة المراكز الأدبيّة العربيّة، فالأدبين العراقي والفلسطيني كانا دائما في مركز وجداني الأدبي، كما أن الأدب اللبناني كان قريبا إلى نفسي وفعلا كتبتُ أبحاثا غير قليلة عن الشاعر اللبناني إلياس أبو شبكة وغيره.
*تُطلعنا بعض المصادر بأنّكَ تنتمي إلى عائلة تتمتّع برؤية علمانيّة للحياة عمومًا، وتنظر باحترام إلى الآخر المختلف.. ربّما هذا هو ما دعاكّ أن تذكر باعتزاز بعض المدرّسين الّذين علّموكّ في المرحلة الثانويّة، ومنهم: الدّكتور ألطّلائعيّ، حسين مروّة، صاحب كتاب "النّزعات الماديّة في الإسلام". هل كان لهذا الأستاذ دور في بلورة وصقل فكركّ في الاتّجاه العلمانيّ؟
*عائلتي البغداديّة كانت علمانيّة رغم انتمائها إلى الجاليّة اليهودية، ودرس جميع أبناء العائلة في مدارس الطّائفة اليهوديّة، أما بالنّسبة للعلمانيّة فقد كانت منتشرة في الطّبقات اليهوديّة الوسطى منذ عشرينات القرن العشرين ورغم تمسّك أبناء الطائفة بيهوديّتهم، فاغلب أصدقائي في المدرسة وخارجها لم تكن عائلاتهم متديّنة إلا فيما ندر.
*حصلتَ على شهادة الدكتوراه من جامعة أوكسفورد في لندن،سنة 1968 وهي الدّراسة التي بحثتّ فيها ثلاثيّة نجيب محفوظ (بين القصرين، قصر الشوق والسّكَريّة). وقد حازت كتاباتكَ ودراساتكَ لأدب هذا الأديب الكبير على بالغ تقديره، إذ وجّه لكَ رسالة بخط يده يعبّر فيها عن ذلك. ما هي أهم النّقاط التي لفتت انتباهه، في تقديرك، ولم يأت عليها في تلك الرّسالة؟
*عندما ذهبت إلى جامعة اوكسفورد (التي قضيتُ فيها 3 سنوات،967 -1968) كان نجيب محفوظ كاتبًا هامًا لكنه لم يكن بعد زعيمًا لهذا الأدب، ففي عام 1967 كان بين الكتاب العرب الأحياء طه حسين وتوفيق الحكيم،والعقاد وميخائيل نعيمة وغيرهم. وقد تزعّم نجيب محفوظ الرواية العربيّة في الستينات وما بعد وذلك بعد نشر ثلاثيته القاهرية "بين القصرين" بثلاثة أجزائها. وكان المشرف على اطروحتي في اوكسفورد المرحوم الدكتور محمد مصطفى بدوي المصري الأصل،وقد نشأت بيننا صداقة حميمة استمرت حتى بعد انتهائي من الدراسة بل ظلت حية حتى وفاته قبل سنتين.أما صداقتي مع نجيب محفوظ فكانت بدايتها بعد نشر اطروحتي عن رواياته التي نشرت عام 1973 في هولندا.وقد حاولت إرسال نسخة من الكتاب المطبوع لعنوان الروائي الكبير ولكنها لم تصله.ولكن الدكتور محمد يوسف نجم الفلسطيني الأصل والأستاذ في الجامعة الأمريكية في بيروت، عثر على الرواية في المكتبة الجامعية فصورها على آلة التصوير وأتى بها إلى نجيب محفوظ، فقرأها مرة أو أكثر من مرة (وكان ما يزال في حالة صحية تمكنه من قراءة كتاب كامل).وعندما أتمّ قراءتها، صرّح للروائي المصري جمال الغيطاني بما يلي:
في الآونة الأخيرة أعطاني الدكتور محمد يوسف نجم صورة بحث لباحث من جامعة تل أبيب اسمه ساسون سوميخ لقد كتب بحثًا طويلاً أعتَبرُهُ من أخطر ما كتب عن الثلاثية، رد فيه على كل ما كُتب من نقد بخصوصها. وقال إن جوهرها هو موقف الإنسان أمام الزمن.الحقيقة أنني دهشتُ بسبب الدقة وعمق البحث.وهذا يعطيك فكرة عن مدى اهتمامهم بواقعنا،ذلك الاهتمام الذي نفتقده نحن أحيانا. وجوابًا على سؤال آخر للغيطاني صرح محفوظ: "لا بد من إيجاد علاقة بين إيقاع الزمن والشكل الفني". وأذكّر القارئ أن عنوان كتابي الإنجليزي هو "الإيقاع المتغيّر"،وكأن محفوظ قال الجملة الأخيرة معقبا على اسم كتابي وموضوعه، الذي هو في الواقع العلاقة بين الزمن وإيقاع النص القصص.
*خصّصتَ جانبًا هامًا من دراساتكَ لأدب القاص المصري يوسف إدريس أيضا... ما هي، في رأيك، الأسباب والمعايير التي جعلت لجنة التّحكيم لجائزة نوبل تمنح جائزتها لمحفوظ وليس لإدريس، مع انه يستحقّها وفق رأي العديد من النّقاد؟
*طبعا لا علاقة لي باللجنة التي تنتخب فائري نوبل، ولكن الواضح أن يوسف إدريس، رغم عبقرّيته الأسلوبيّة والأدبية، لم تبلغ سعة إنتاجه ربع إنتاج محفوظ، ولا نجد بين كتبه نصا متميزا كثلاثية نجيب محفوظ.
*قمتَ بترجمة ديوان "جغرافيا بديلة"، للشاعرة المصريّة إيمان مرسال، من العربيّة إلى العبريّة، فقامت الدّنيا ولم تقعد في مصر، احتجاجًا على مباركة الشاعرة لهذه الخطوة التي اعتبرها بعض الأدباء والنّقاد نوعًا من أنواع التّطبيع الثّقافيّ بين مصر وإسرائيل، مع أن هناك كتابا مصريّين كبارا تُرجِمت لهم من قبل أعمالا إلى العبريّة، مثل: نجيب محفوظ، صنع الله إبراهيم، يوسف إدريس وتوفيق الحكيم، بالإضافة إلى ترجمة العديد من الأعمال الأدبيّة الفلسطينيّة إلى العبريّة. والسؤال هو: هل الديوان موضوع حديثنا يستحق من ناحيتي الفن والمضمون أن نغامر من أجله ونتحمّل بسببه الانتقاد الذي وصل عند البعض حدّ الهجوم؟
*فكرة التّطبيع مع إسرائيل أخذت عند بعض الكتّاب المصريّين معنى لا صلة له بالمعنى الأصلي. فهؤلاء الكتّاب يرون في فكرة التّطبيع استسلاما للثقافة الإسرائيلية، وهي في رأيي فكرة وهميّة. والشاعرة إيمان مرسال ردّت على نقّادها بمقال جريء نشرته لها مجلّة "أخبار الأدب" القاهريّة.
*ما دمنا بصدد التّرجمة. هل هناك قصيدة معيّنة من شعر محمود درويش، قمتّ بترجمتها إلى العبريّة، وتعتزّ بترجمتها أكثر من ترجمتكَ قصائد أخرى للشاعر الفلسطيني الفذّ؟
* تعرّفتُ على المرحوم محمود درويش وهو بعد شاعر ناشيء، وذلك حين انتقل للسكن في حيفا في أواخر الخمسينات، وكان أحيانا يفاجئني بقصيدة جديدة من قصائده قبل نشرها. وأنا من جماهير عشاق شعر درويش، فقد ترجمتّ عشرات من قصائده إلى العبريّة خلال السنوات الأربعين الأخيرة، وأستعد الآن لجمع مختارات من ترجماتي له في كتاب. وفي السنوات الأخيرة ترجمتُ بعض مطولاته مثل «لاعب النرد» و»سيناريو جاهز مسبقا» ونشرتها في الملحق الأدبي لجريدة "هآرتس".
س12- الشخصيّة العربيّة، في الكثير من الأعمال الأدبيّة العبريّة الحديثة، يتم تصويرها على أنها مهلهلة، متخلّفة، لا يُؤتمن جانبها. لماذا في رأيك يقابل هذا التّصوير بالصمت خاصة من الكتّاب اليهود المحسوبين على حركة اليسار؟
*الشخصية الأدبية في الأدب العبري ليست متهافتة كما تظن. والكثير من الكتّاب والشعراء الإسرائيليين يعالجون «الموضوع العربي» باحترام وتعاطف تام مع العربي، والفلسطيني بشكل خاص. أذكر منهم الشاعرة المرحومة دالية رابيكوڤ-;-يتش، والمسرحي الكبير حانوخ لڤ-;-ين وكذلك روائيين كبار من أمثال داڤ-;-يد غروسمان، وسامي ميخائيل، والشاعر الكبير نتان زاخ، وأخيرا وليس آخرا الأديب الشاب ألموغ بيهار وخاصة في قصته «أنا من اليهود» التي حازت قبل سنوات على الجائزة الأولى في مباراة جريدة هآرتس في مجال القصة القصيرة.وخصصت لها مجلّة "الهلال" المصريّة بابًا خاصًا.

(*منسّق إعلامي في مجمع اللّغة العربيّة)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة