الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف يتحرر اليسار من التهم الموجهة له

محمد الحاج ابراهيم

2005 / 8 / 11
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


في كتابه أصول الفلسفة الماركسية يوضح جورج بوليتزر حجم الهجوم الإمبريالي الأخلاقي التقليدي على قوى اليسار في العالم كل حسب موضعه وبنيته المجتمعية، مفترضا إمكانية القضاء عليه حسب الاعتقاد الذي تم بناؤه على دراسات تفترض أن المرأة التي هي معيار الشرف في الوعي والعرف الشرقي عامة والعربي بشكل خاص،هذا الشرف الذي يمكن أن يُشكل استغلاله ضربة قاضية لليسار الملحد الكافر الإباحي حسب التوصيفة الإمبريالية له، الذي يثير المجتمع التقليدي ضده فيمنع تقدمه إن لم ينهيه، لكن الإمبريالية بفلاسفتها ومفكريها وسياسييها لم يتطرقوا للظلم الواقع على الفقراء في العالم والذي أسس للماركسية، ولم يُناقشوا بنية اليسار الفكرية والتاريخية الخارجة من رحم الصراع الطبقي الفاضح لانتهاكات الأقوياء لضعف لفقراء الاقتصادي والسياسي بكل المعاني حتى الأخلاقية التقليدية.
في الوسط العربي تم استثمار هذا الموضوع بشكل فوضوي، وتمت عملية تشهير ليست قليلة بالشباب اليساري، ساعد على ذلك أخطاء بعض الشباب غير المنتمين تم انخراطهم لتغطية إشكاليات تقليدية كانوا يعيشونها، مضافا له أخطاء البعض من شباب اليسار، وتم التشهير بهذه الشريحة المثقفة بغاية القضاء عليها الذي لم يتم بأسباب حمايتها من قبل شباب يساري مؤمن بقضاياه الوطنية والإنسانية، استطاع أن يحميها من هجمات أعوان وسماسرة الإمبريالية، وذلك بإمكانات نوعية ذات أفق سياسي واجتماعي ووطني واسع، تبين فيما بعد أن التوصيف المسلكي لم يكن خاص أو من ميزات اليسار بل هي بنية مجتمع يعاني من عقدة الجنس، وما أكثر مشاكله المكدسة في ملفات المحاكم الشرعية والمدنية والجنائية، وهذا محكوم به المجتمع من يساره إلى يمينه، والأكثر ابتلاء بهذه القضايا هو الأكثر تخلفا أو أكثر ضخامة عقدية، وعلى ذلك تجد حجم التحرشات والاعتداءات في الأوساط التقليدية أضعاف مضاعفه عن حجمها في الأوساط التقدمية، ذلك أن الردع في الأوساط التقدمية يؤدي إلى خروج العضو من الهيئة المنتمي لها نهائيا، فلا توجد توبة نصوح إذ أن السقوط هنا يعني النهاية والتبرئة منه، لأن المهمة هدفها بناء الإنسان والأسرة والمجتمع وتكريمها والمحافظة عليها بكل السبل.
لم تأت الصفات التي يلصقها البعض باليسار نتيجة الممارسات بقدر ما جاءت نتيجة الهجوم عليه، وتحميله صفات ليس له علاقة بها، إنما هي من إفرازات المجتمع بشكل عام، وإحدى أزمات الأوساط الثقافية و السياسية و الاقتصادية وما أكثر الأمثلة على ذلك،وهذه التهمة لم تكن من إنتاج الداخل بل خارجية بحتة، إذاً جاءت مُرتبة نتيجة الصراع العالمي بين الغرب الامبريالي والشرق الاشتراكي الذي تمثل بالاتحاد السوفييتي والكتلة الشرقية السابقين، والسبب في ذلك هو القطع على تشكل قوى رديفة للشرق الاشتراكي في بقاع العالم.
في مقالة للمرحوم الرفيق عبد الخالق محجوب حول نفس الموضوع، ذكر على سبيل المثال أن الحزب الشيوعي السوداني الذي ربى كوادره على احترام العادات والتقاليد بشكل دقيق، لم تُسجل حادثة واحدة لعضو قام بخلل أخلاقي تقليدي ،ومع ذلك كان يوجد في السودان تيار يحذر من الشيوعيين الملحدين والإباحيين، وذلك حسب ماورد للداخل السوداني من تهم جاهزة، استطاعت أن تلعب على الأخلاق العامة لمحاربة الشيوعيين،بينما حدثت حالات لأحزاب أخرى لم يُسميها، كانت حسب المعيار الأخلاقي العام للشرف في السودان تُشكل الفاجعة، ومع ذلك مرّت دون فضحها لأنه لم يتم اللعب عليها وعلى حكم المجتمع فيها،كون هذه الأحزاب لاتُشكل خطرا على الامبريالية العالمية في السودان كمركز،بينما كل حركة أو حزب تبنى الماركسية كان هدفا للشائعات بغاية لجم الحراك اليساري في العالم، والقضاء على حركات التحرر اليسارية التي تُشكل كل الخطر، والمؤهلة للثورة العالمية ضد الاستغلال لثقافة الشعوب واقتصادها وإنسانها.
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والكتلة الشرقية،لم يبقى هناك تحديات للغرب الامبريالي، فصارت هذه التهم جزء من ثقافة المجتمعات التقليدية الذي يقوم على محاربة اليسار في هذه المجتمعات على خلفية التشويه التي ساهمت بها ثقافة الالغاء التي شكّلت مكونا حقيقيا لاأخلاقيا بالتعامل مع الآخر، وتم استغلال هذه التهم لقطع الطريق على نشاطات اليسار الوطنية النبيلة التي لم يستطع غيره تقديم التضحيات أكثر منه، فصار المارق والتوفيقي والهزيل واللاوطني يحاول النيل منه لعبا على الوعي العام، وباعتقادي أن اليسار بقدر مايكون دقيقا بالتعامل مع التقليد والمراقبة والتربية الأخلاقية التقليدية والأصيلة سيقطع الطريق على هؤلاء وسيجرهم للهم العام الوطني، فيعلمهم مالا تعلموه في أوساطهم وأحزابهم وحركاتهم بكل أشكالها، ويثبت للتاريخ أنه وُجد من أجل العالم ومكانة الانسان فيه كوعي اجتماعي، هادفا إلى تحقيق العدالة الانسانية دون ظلم لأحد أو على أحد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح