الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوح في جدليات – 6 – ارتدي ثيابك َ لقد تأخرنا.

نضال الربضي

2014 / 8 / 18
حقوق الانسان


بوح في جدليات – 6 – ارتدي ثيابك َ لقد تأخرنا.

نهض من النوم ِ برأس ثقيل و جسم ٍ مُنهك، لم يعد الشرب ُ يعفيه ِ من الشعور ِ بالوحدة ِ و الضعف، و أصبح يفكر في الموت كثيرا ً و يتمناه أكثر من أي وقت ٍ مضى. مضت عشر ُ سنوات ٍ منذ أن توفت زوجته و غدا يقينه أنها قد انتهت يثير أفكارا ً متضاربة ً في نفسه فلم يكن يدرك أنها تحتل من نفسه هذه المساحة و أنه متعلق ٌ بها لهذه الدرجة، و عندما ألح عليه شعوره الجنسي و جاء ببائعة هوى إلى البيت لم يطق منظرها و هي تدخل الغرفة لتستلقي على الفراش مكان زوجته الراحلة، وأحس بالألم، و الخوف، و الخجل، و الغضب، و الرغبة في البكاء في نفس الوقت، فناولها ما اتفقا عليه و طلب إليها أن تغادر بأدب شديد دون أن يلمسها وسط ذهولها.

التقط سماعة الهاتف و طلب الرقم فجاء صوت مُحدِّثه من الطرف الآخر:
- ألو، مستشفى "المحطة الأخيرة"، كيف يمكنني مساعدتك؟
- عفوا ً أبحث ُ عن استشارة ٍ بخصوص إنهاء حياتي.

- بالتأكيد، سأحولك إلى قسم الراحة الأخيرة.
- شكرا ً لك.

- أنا الدكتورة نِعمة، أهلا ً بك، يمكنك أن تتحدث معي، تفضل.
- أريد أن أنهي حياتي، ماذا علي أن أفعل؟

- يوفر المستشفى عندنا طرقا ً كثيرة للاختيار، فمثلا ً لدينا خيارات لمن يحبون أن يرتاحوا بهدوء، بينما البعض يفضل أن يذهب بصخب، و هناك أيضا ً خيارات ٌ خاصة.
- خيارات خاصة؟ ماذا تشمل؟

- البعض يفضل أن يذهب و هو يعذب بعض الحيوانات أو يقوم بجلد متطوعين، و آخرون يودون أن يُجلدوا و هم يرتاحون ، و نحن نقدم هذه الخدمة مرة واحدة في الأسبوع و لدينا حجز مسبق و الجدول ملئ لشهرين، لذا إذا رغبت يجب أن ....
- لا داعي، أفضل نهاية ً هادئة.

- في هذه الحالة، أوصي لك بالسيانيد، يسبقه إبرة مخدرة حتى لا تشعر بالألم، سيسري مفعول المخدر في ثوانٍ ثم سنقوم بوضع قرص ٍ صغير بين أسنانك و نضغطهما فيسري السم في جسدك في الحال دون أن تحس. يستغرق الموضوع بأكمله أقل من دقيقة.
- يبدو هذا الخيار جيداً.

- كيف تريد التعامل مع جسدك بعد موتك؟ دفن ٌ أم حرق؟
- أرجو حرقة بالكامل و وضع رماده في زجاجة، هل تستطيعون إرسالها لولدي؟

- بالتأكيد سيدي، اترك لنا العنوان و سنقوم بإيصالها حسب طلبك.
- نعم نعم هذا جيد، متى يمكنني الحضور؟

- تفضل في الغد في الساعة العاشرة ِ صباحا ً، علينا أن نقوم بتعبئة بعض النماذج القانونية، و سيمضي كل شئ ٍ على ما يرام.
- شكرا ً لكِ.

أغلق السماعة ثم دخل َ إلى الحمام، خُيِّل َ إليه أن الدوش يبصقُ عليه الماء، و زاد شعوره من انحناء رأسه، و ألم ِجسده المترهل. خرج و استلقى على الكنبة كما هو دون ثياب، مُبتلا ً، ساهما ً، ثم نهض َ و فتح َ الشباك فدخلت نسمة ُ هواء ٍ من البلكونة اقشعر َ لها بدنه فعاد فاستلقى مجددا ً على الكنبة.

في اليوم التالي ذهب َ إلى المستشفى حسب الموعد، تحدَّث إلى الطبيبة نعمة و استكمل الإجراءات القانونية، كان القانون يقضي بوجوب مرور شهر ٍ كامل بين توقيع النماذج و تنفيذ عملية ِ الموت، لكي يُترك المجال للتراجع و مراجعة الذات. أحس أنه يريد أن ينتقم من الحياة و من الدنيا و من جسده الضعيف و من كل شئ، فاستباح َ كل شئ، هاتف أحد أصدقائة القدماء و طلب منه جرعات من المخدرات أتاه بها، و تعاطياها، ثم خرج و أتى ببائعة هوى ضاجعاها سويا ً و بدون واقي لمرات ٍ كثيرة، مارس شذوذا ً لم يطقه عندما كان شابا ً و انحدر في الفسوق ِ حتى بصق َ على وحهه في المرآة ِ، و في اليوم التالي خرج إلى الشارع و قاد سيارته بطريقة ٍ جنونية، صرخ َ في المارة و في الشرطي، و في السائقين الآخرين، و شتمهم، ثم دخل إلى المطعم و طلب أشياء ً كثيرة، أكل بعضها، و ترك المعظم، ثم خرج دون أن يدفع، و عندما حاول النادل إيقافه دفعه في صدره و خرج.

فعل في هذا الشهر كل ما كان يعزف عنه طوال عمره، اتصل بصديق ٍ قديم و أخبره رأيه فيه بصراحه، قال له أنه يعتقد أن أحمق و أن زوجته تخونه مع صديق ٍ آخر، و بعث برسالة ٍ إلى عضو الحزب ِ الذي انتخبه وجه له فيها سيلا ً من شتائم مقذعه بذيئة نادرا ً ما تفوه بها. زار رئيسه القديم في العمل و وجه َ له ضربة ً في منتصف ِ وجهه و عندما سقط على الأرض ركله بقوة و نعته بالحمار الذي لا يفهم شيئا ً.

لم يسلم منه أحد، حتى صورة ُ زوجته الراحلة رماها على الأرض فكسر بروازها ثم داسها بقدمه التي أدماها خليط الزجاج و برواز الصورة، و تركها على الأرض لأيام ثم التقطها و بكى فاختلطت دموعه بالدم الناشف ِ البني الذي نزفه وقتها. "سامحيني" ظل يردد ثم نام و الصورة ُ فوق صدره تضغطها ذراعاه المشبوكتان بقوة إلى صدره.

ذهب إلى المستشفى في الموعد المضروب له، استقبلوه ُ بابتسامات ٍ باردة، تحمل في طياتها الموت الذي سيقدم له الراحة الأخيرة، تقدم منه الأطباء مصحوبين بالمحامي و الشهود حسب القانون، و سألوه إن كان يرغب في إتمام العملية، فأجاب بالإيجاب، سألوه هل يشعر بأي شك في عزمه و لو قليلاً، فأجاب بالنفي.

بدأت الإجراءات، فحقنوه بالمخدر الذي غيـّـَبه عن الوعي، ثم وضعوا قرصا ً صغيرا ً بين أسنانه و شدوا على فكيه قليلا ً فانتشر ما فيه من سمٍّ في جسده، فمات في ثوانٍ، سجلت الأجهزة ُ المربوطة ُ بجسده عملية الموت، و تركوه نصف ساعة ٍ للتأكد ثم أدخلوه الفرن الحارق حيث تحول إلى رماد وضعوه في زجاجة.

أرسلوا الزجاجة َ إلى ولده حسب طلبه داخل طرد ٍ معد ٍّ خصيصا ً لهذه الحالات مع رسالة عامة تشرح محتوى الزجاجة مُرفقة بالوثائق القانونية التي تُثبت العملية و تشهد على قانونيتها.. فتح ابنه الباب و تسلم الطرد المغلق دون أن يعلم ما فيه، جاءت زوجته من الداخل:

- حبيبي، لقد تأخرنا، اليس عليك أن ترتدي ثيابك؟ اليوم عيد ميلاد أبيك و ستكون مفاجأة ً جميلة ً له! لم نره منذ سنتين!
- أكيد، في الحال، لكن دعيني أولا ً أرى ما في هذا الطرد.

---------------------------------------------------------------------------------------------------------
خاتمة: إن أشد َّ جريمة ٍ يمكن أن يرتكبها الإنسان هو أن يُهمل من يحبهم و يحبونه!
لا عُذرعن غياب المحبة!
لا عُذر!
لا عُذر!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ نضال الربضي المحترم
امال طعمه ( 2014 / 8 / 18 - 10:49 )
لاعذر لغياب المحبة حقا
نعم قد باتت مجتمعاتنا تتبنى شعارات دون فعل (ما الجديد؟)وهي شعارات ليست بحاجة الى الكثير لتحقيقها بتنا نسمع عن ابن يسكن في نفس العمارة مع اهله ولا يراهم سوى قليلا وكنة تسكن في نفس المنزل لاتهتم ان تحضر طبقا اضافيا على الغداء لحماها الارمل وزوج يرفض ان تذهب زوجته لمساعدة اهلها المساكين ياه لقد اصبحنا مجرد شعارات وهمية
هل سمعت عن مهرجان البيجامات الذي قامت الدنيا وقعدت عشانه الحقيقة لم اسمع به سوى من وكالات الانباء التي هيجت الرأي العام لا اعرف ماهيته بالضبط الا من اسمه ،ولكن كل هذا التطبيل مشان مهرجان الغي بالنهاية حفاظا على القيم وعندما نسمع ماذكرته اعلاه نحزن فقط ونسأل هل سنكون مثلهم في يوم من الايام عذرا لقد اصبحنا مجتمعات مزيفة تباطح مع الايام واعتقد حقا ان غياب المحبة الحقيقية وليس الواجب الاجتماعي او الديني هو الذي يضفي الى تلك الحالة من اليأس كل واحد منا مس قلبه جزء من اليأس والاحباط وان لم يصل الى مرحلة متأخرة ولكن ذلك الجفاء الحاصل بيننا والذي اصبحنا نعتبره من المسلمات يمس دواخلنا ويخط سطرا من الالم والحزن لم نحن قساة هكذا؟تحياتي لك


2 - الاستاذ نضال الربضي 2
امال طعمه ( 2014 / 8 / 18 - 11:07 )
ومرورا على الاحداث الخيالية التي صغتها للوصول الى فكرتك
الموت والانتهاء من هذه الحياة ليس الموت الجسدي بالذات ! لذلك بطل القصة احس انه انتهى لم تعد الاشياء كما كانت من قبل زوجته رفيقته ذهبت وهو حانق لرحيلها المبكر ويعيش وحدة ومعاناة وتخبط بين ماكان وما هو الان لجا الى امور لم يفعلها من قبل علها تريحة وعله يعرف لذتها قبل الرحيل الاخير واجدا انها ليست ذي شأن
حاول نسيان همه ونسيان ماضيه بتحطيم صورة زوجته ولكنه مالبث ان ندم لان ماضيه جزء منه لايستطيع ان يتخلى عنه غياب الاهتمام اي المحبة من جانب ولده العاق ومن جانب هذا العالم الشرير جلب له التعاسة فلم يحارب بالبقاء تعيسا بائسا حزينا ؟! اليس من الاولى الرحيل مبكرا عن هذا العالم
ودائما نحن نعرف خطأنا بعد مضي الوقت وبعد فوات الاوان حيث لا يفيد لا كلام ولا دموع
لنعش يومنا كأنه الاخير ليس فقط لنا بل كأنه للاخرين لا شييء يعوض فقدان شخص ما


تحياتي مرة اخرى


3 - الأستاذة آمال طعمة - 1
نضال الربضي ( 2014 / 8 / 18 - 12:02 )
أهلا ً بك ِ أستاذة آمال و أنا سعيد بقراءتك ِ المتأنية للمقال،

الأحداث صناعية خيالية تُخبر عن المغزى النفسي لما وراءها، لاحظي معي مثلا ً:

- هناك مستشفى مخصص للموت الرحيم، مرخص من الحكومة، فيه أطباء و محامون، يقدم فيه الموت مجانا ً، فالموت هنا أرخص من الحياة، تكفله الدولة و المجتمع، و لا يكفلون الحياة، و هذه سخرية.

- سخرية أخرى: يقدم الموت حسب الطلب: اختر مماتك الهادئ أو الصاخب، بما أنك غير قادر على اختيار حياتك.

- نحس هنا بانعدام قيمة الحياة و تفريغها من أهميتها و بشاعة الأوتوماتيكية التي تمضي بها الأحداث ليصبح الفناء مقبولا ً على بشاعته و لنخفف من البشاعة بقبولها و اختراع طرق لتحقيقها تصير جزءا ً من حياتنا.

- انغمس الأب في كل البشاعات و كأنه يقول أن -خلاط- الحياة، -مولينكس- الوجود لا يكترث للاختلاف، الكل فيه واحد، الطيب، الشرير، النظيف، القذر.

- هذا الانغماس يقول أن الأب أحس أن المجتمع قد خانه و أن النظام قد خانه و أن العائلة قد خانته، و هو عاجز عن الإنتقام منهم، فانتقم من نفسه بأن عرضها لما يكرهه و لا يريده و لا يحبه و ما يأنف منه من بشاعات.

يتبع


4 - الأستاذة آمال طعمه - 2
نضال الربضي ( 2014 / 8 / 18 - 12:08 )
تابع

ما فعله الأب صرخة احتجاج و انتحار معا ً، فهو مارس أمورا ً فيها تهلكة حتمية: مخدرات، جنس بدون واقي، احتكاك مع السلطة في شخصية الشرطي، كسر للقانون في المطعم، اعتداء شخصي على النادل و على مديره السابق.

- دمر الأب حياة صديقه عندما قال له أنه أحمق فجرح شعوره ثم رمى له خبر خيانة زوجته له، لينهي زواجه، فلا معنى بعد أن يكون لصديقة عائلة و هو لا عائلة لديه، سقطت القيم عندما فشل المجتمع القائم على القيم أن يؤدي دوره للأب الذي هو أولى بها من غيره.

إن الأب متعطش للاهتمام للحب للعناية، و يبرز هذا أكثر شئ في اختياره مستشفى لينتحر، كان بإمكانه أن ينتحر لوحده، لكنه اختار أن ينتحر بين يدي فعل خارجي يقوم عليه بشر كان يتمنى لو اعتنوا بحياته أكثر مما برعوا في الاعتناء بتحقيق مماته.

ثم ختم حياته بإرسال الرماد إلى ولده، يريد أن يعاتبه، و يعاقبه، و يضعه أمام ضميره، ففعل في موته أقسى مما كان أن يجب أن يفعله في حياته، لولا كبرياؤه الذي رفض أن هاتف ولده ليستجدي حبه.

كثيرون حولنا يتمنون الحب و يريدونه لكن كبرياءهم لا يطلبه، فالحُب إن طُلب فقد قيمته تماما ً.

يسعدني حضورك ِ دوما ً.


5 - الاستاذ نضال الربضي المحترم
امال طعمه ( 2014 / 8 / 18 - 12:42 )
شكرا لردك المفصل
اكيد قد وظفت تلك الاحداث الخيالية بشكل ساخر للوصول الى هدفك والى تبيان هذا الواقع البائس بطريقة ساخرة وخيالية
كل حدث من احداث القصة قد ينتج عنها تأملات خاصة
ولكن بالنهاية العبرة فيما قلته بالاخير لا عذر لغياب المحبة


6 - صناعة الحب فن على الإنسان الاجتهاد ليدرك سر الصنعة
ليندا كبرييل ( 2014 / 8 / 20 - 10:12 )
الأستاذ نضال الربضي المحترم

الخيال نقلتَه إلى الواقع وأنا سأتكلم بالواقع

هذا إنسان لم يقدّر أن مصاعب الحياة ليست بقدرة كل إنسان أن يوجّهها كما يريد

خلال حياته مع زوجته وابنه وأصدقائه وأقاربه وجيرانه... ماذا قدّم لهم ليردّوه له ذات يوم؟

علينا أن نخدم الحياة لتخدمنا
لا أن نطلب الحب مجانا
مجانا أخذت الحياة ؟ مجانا سترحل منها

الحب صناعته شاقة بورك منْ أدرك كنهها


على الإنسان أن يتواضع في تقديره لمصاعب الحياة، وأن يدرك أنه ليس بإمكانه أن يمتلك كل مفاتيحها، هذه هي السعادة

هناك مجالات كثيرة ليتطوع الإنسان في خدمة مجتمعه
وإمكانية أن يترافق مع الآخرين ليساعد المحتاجين

إنه لم يفقد الحب فحسب، بل فقد القدرة العقلية على خلق طرق الحب

لا يكفي أن نطلب، يجب أن نعطي أيضا
والعطاء قبل الطلب
العطاء أولا

عالم هذا الرجل ضيّق جدا حصره بابنه، أين المجتمع الذي كان يحياه من قبل؟
إنه أناني أن تصرف بهذا الشكل القاسي

ثم إن الملتزم أخلاقيا لا يتخلى عن أخلاقه وينحدر حتى في أقسى حالاته الحرجة
عاوز يموت؟
خلليه يموت
ولكن بلا انغماس في متع مسحت كل فضيلة مارسها في حياته من قبل
نهاية بائسة اختارها لنفسه

احترامي


7 - بعد اذن الاستاذ نضال المحترم
امال طعمه ( 2014 / 8 / 20 - 11:29 )
احب ان اعلق على كلمات الاستاذة ليندا جميل ما رايتيه حيث نظرت الى القصة من ابعاد اخرى افترضت ان هذا الانسان لم يكن لديه عطاء او القدرة لذلك ماذا اعطى ليأخذ ؟ولكن في الواقع الكثيرين يعطون في هذه الحياة لا ياخذون ما يستحقونه اما عن السقطات الاخلاقية التي وقع بها البطل انها تعبر برأيي عن واقع ممل عاشه وكلمة ممل ربما تكون بسيطة ولكن واقع مثالي اخلاقي لم يربح منه شيئا ربما بنظره فأراد التغيير عله يحس ان هناك بعض من السعادة المنشودة انا هكذا قرأته اي بطل القصة ،الانسان في مراحل حرجة من حياته يلجأ الى ماهو مدمر ويلجأ الى غير المألوف وكأنه يريد ان يحتج على كل ما يعرفه
واتوقف عند كلامك عن مجالات لنفع المجتمع وخلق جو اخر من خلال ذلك على مافهمت ،وهنا لابد ان اؤيد ما جئت به فنحن في مجتمعاتنا ما زلنا ننظر للعمل التطوعي باستخفاف ولكن الامور بدأت تتغير هنا وهناك وأذا نظرنا من زاوية مجتمعاتنا الشرقية وشعارها بتمسكها بالعادات وقيم وتقاليد عائلية صلة الرحم والتأخي فإن وضع بطل القصة مأساوي فنحن وضعنا أنفسنا ضمن هذا الاطار المثالي الذي لم يعد له انطباع في الواقع كما كان اخيرا السعادة تنبع من ذات الانسان


8 - الساعي إلى السعادة ساع إلى الحياة عزيزتي آمال
ليندا كبرييل ( 2014 / 8 / 20 - 17:58 )
أشكرك عزيزتي الكاتبة الرقيقة آمال طعمة المحترمة على المشاركة في الرأي

بالنسبة للذين يعطون في الحياة ولا يأخذون فهذا واقع ولا مهرب منه، كم من الناس أعطوا من رحيق عمرهم وما نالوا شيئاً، ولكن لهذا أسبابه أيضاً
إلا أنه علينا أن نهيّئ أنفسنا دوماً لمفاجآت الحياة هذه ، ومن حقنا كما أعطينا سعادة للآخر أن نحصل على بعض منها
فإن لم يتوفر لنا هذا مع الدائرة الأقرب لنا فبالإمكان أن يجد الإنسان سعادته بطرق أخرى
طرق الحياة لا تنتهي وما علينا إلا الاختيار الصائب

كان على بطل القصة أن يخرج من دائرته قبل أن يحكم بالإعدام على حياة رُزق بها ولم يقدّرها

عاش بطل القصة حياة مثالية أخلاقية مملة، يبدو أنه فيما أطلقنا عليه سقطات أخلاقية سعادة للكثيرين وإلا لما أقدموا عليها

وبطل القصة حقق بعضا من هذه السعادة قبل موته، هذا يعني إقراره بخطأ منهجه في الحياة حتى الآن وأراد تصحيحه بالطرق الممنوعة المسماة بسقطات التي هي لبّ الحياة لبعض الناس

محاولة بطل القصة تغيير حياته في آخر مرحلة دليل على تعلقه بالحياة
كان سعيدا بسقطاته وإلا لما أقدم عليها فلِم الانتحار؟

شكراً مع تحياتي


9 - .
صافي الجوابري ( 2014 / 8 / 20 - 23:00 )
بائس يائس كيف بوفاة زوجة له ان يصاب بهكذا حالة! كل من ينهار نفسياً وينجرف نحو قتل نفسه هو انسان مريض من دون اي شك - فينا القدرة على تقبّل اي وضع لا يد لنا فيه او لا نستطيع تغييره - عليه ان يصل لقناعة - عليه ان يعرف كيف يكون سعيدا بحياته بداية فهكذا اشخاص لا اعتقد انّهم ذاقوا السعادة يوماً كان عليه ان يكون ذكياً ان يعرف كيف يجمع المال لوقت يحتاجه ان يتقبّل [ انا اسميها (حواجز) بحياتنا ] يجب ان يقفز فوقها - ان يحبّها - يجب ان لا يتوقف عن محاولة السعادة - هذا ما يميزنا وهذا ما يجعلنا اذكياء واكثر اثارة وحبّاً وعقلاً من غيرنا


10 - ما اضيق العيش لولا حفنة الأمل
صافي الجوابري ( 2014 / 8 / 21 - 00:45 )
اعترف لك يا استاذ نضال غدرتني هذه المرة بعنوان مقالتك فإذ به مليء بالضعف المرضي واليأس الشديد والحزن والأسى والاستسلام ولو عرفت ان هذا ما به ما قرأته
فأنا اكره مطالعة اي شيء فيه يأس او حزن او قلة حنكة .... ومقالك غدرني فلم نعتد على هذا اليأس بكتاباتك


11 - الأعزاء ليندا، أمال و صافي
نضال الربضي ( 2014 / 8 / 21 - 06:02 )
نهارا ً جميلا ً طيبا ً أتمناه لكم،

كم أنا سعيد بتفاعلكم مع هذه القصة، و التي هي لوحة واصفة غير مقيدة بحدود الزمان أو المكان أو الشخوص،

بمعنى أننا لا يجب أن ننظر إليها كأحداث زمنية متتابعة يفصل بينها مفهوم الوقت الذي نعرفه لكنها اختصار للوجود البشري بأجمعه عبر كل الحقب،

و يمعنى أن الأب يمثل نفسه و أيضا ً البشر بمجموعهم،

و بمعنى أن كل أفعاله هي أفعال جميع البشر،

و بمعنى أن موت الزوجة هو رمز لموت الحب، و إهمال المجتمع هو رمز لإهمال الإنسان عبر كل العصور، و إهمال الإبن هو رمز لديناميكية الحياة التي تمضي دون الضعفاء،

فكل ما صنعه الأب و إن كان على المستوى الشخصي انتحارا ًو صرخة احتجاج و ألم لكنه ليس فعلا ً خاضعا ً للتحليل الأخلاقي لأنه يرمز على المستوى الأعلى إلى كل تفاعلات الحياة بخيرها و شرها و التي يُدفع لها الإنسان أو يضطر إليها و التي هي أيضا ً طبيعية في حالات معينة،

و ربما أن مستشفى الموت ليس إلا النهاية الحتمية على ذات المستوى الأعلى، و كلنا ينتحر يوميا ً بطرق مختلفة لو فكرنا في الأمر (دخان، وزن زائد، نكد، قلق).

مشاكساتي تهدف إلى تسليط الضوء على النفس البشرية.

سعدت بكم جداً!


12 - -
صافي الجوابري ( 2014 / 8 / 21 - 07:34 )
تسليط الضوء على نفس ضعيفة مريضة متعبة تائهة قليلة الحنكة والنباهة _ فضلا لا تشمل يا استاذ


13 - الأستاذ صافي الجوابري
نضال الربضي ( 2014 / 8 / 21 - 09:32 )
أخي صافي،

لقد فاتك المعنى تماما ً هنا.

الأب يحمل في ذاته البشرية جميعها، كل الخير الذي فيها، لاحظ معي: هو شخص متقاعد أي كبيرفي السن، أدى واجبه كاملا ً نحو المجتمع، تفاعل مع الحب حتى نهايته (يمثل موت الزوجة نهاية الحب و غيابه)، تفاعل مع المسؤولية المجتمعية حتى نهايتها (لاحظ أن ولده رجل مستقل متزوج).

و يمثل أيضا ً كل الشر: لاحظ أفعاله الأخيرة.

إذا ً أنا أعرض النفس البشرية بكل جوانبها و أركز على أثر غياب المحبة و إهمالها.

ليس الأب مقصودا ً بحد ذاته، لكن البشرية هي المقصودة، و ستفهم الموضوع أكثر لو نزعت الأب ووضعت مكانه التاريخ البشري.

أهلا ً بك.


14 - .
صافي الجوابري ( 2014 / 8 / 22 - 18:01 )
من يملك املا لا يملك يأساً ومن يملك يأساً لا يملك أملاً

استاذنا الغالي
المسييحيّة علّمتنا الضعف في طيّات تعاليمها -الخنوع والذلّ والاستسلام والجبن- فهي تنشىء انساناً يملك املاً جميلاً لكن ضعيف الشخصيّة والنفس مُرهب جبان لا يستطيع مجرّد الدفاع عن نفسه - لهذا اقوياء الشخصيّة من المسيحيين هم علمانيون او يرفضون تعاليم التسامح والاجحاف بكرامة الانسان بين نصوصها ورغم ذلك كلّه فهي افضل من الإسلام (سنّي-شيعي) بمراحل ولا يوجد اي مقارنة بينهما


15 - الأستاذ صافي الجوابري
نضال الربضي ( 2014 / 8 / 23 - 20:28 )
أهلا ً بك أخي صافي،

و كأنك بصدق قرأت أفكاري!

قبل عدة أيام و عندما قرأت ما فعلته قوات البشمركة الكردية في داعش أحسست باحترام شديد تجاههم، و قلت في نفسي: لماذا و هم أقلية يصنعون لأنفسهم كيانا ً و يقيمون اقليما ً و دولة ً و تقوم قوات حماية المرأة الكردية و هن نساء بالتصدي بكل بسالة لكلاب داعش أما نحن فنهاجر من أوطاننا.

أردت أن أكتب مقالة في هذا الموضوع، ثم اكتشفت أنها ستكون سلسلة، فعكفت عن ذلك لأني ما زلت غاضبا ً على حالنا، و منا و من حالنا و سيكون روح المقال الغضب لا التحليل. ربما أكتب لاحقا ً.

سياسة -أنتم تصمتون و الرب يحامي عنكم- هي كذبة كبيرة تجعلك تكفر بالرب و رب الرب و كتاب الرب و قديسي الرب و كل هذا الهراء الرباني.

ميزتنا أخي أننا نحب العمران و البناء و العلم و التقدم لكن ضعفنا أننا لا نقاتل حين يجب القتال (ركز معي على كلمة حين يجب و ليس في كل حين).

على كل حال فات الأوان الآن، وجودنا هنا انتهى، و سنمضي إلى مكان آخر في دول حضارية لا نحتاج فيها أن نقاتل، و لندع هذه البلاد لجموع الزعران و السرسرية داعش و النصرة و كتائب الجهاد و كل هؤلاء المخابيل و سوف يدمرونها.

تحياتي لك.

اخر الافلام

.. تغطية خاصة | تعرّض مروحية رئيسي لهبوط صعب في أذربيجان الشرقي


.. إحباط محاولة انقلاب في الكونغو.. مقتل واعتقال عدد من المدبري




.. شاهد: -نعيش في ذل وتعب-.. معاناة دائمة للفلسطينيين النازحين


.. عمليات البحث والإغاثة ما زالت مستمرة في منطقة وقوع الحادثة ل




.. وزير الخارجية الأردني: نطالب بتحقيق دولي في جرائم الحرب في غ