الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المالكي والتحدي الطائفي

اسماعيل شاكر الرفاعي

2014 / 8 / 18
مواضيع وابحاث سياسية



النشاط الطائفي فعل واع مقصود لذاته له نشطاؤه السياسيين ، وله هياكله التنظيمية ، وله آيدلوجيته التبشيرية التي تتميز عن سواها من آيدلوجيات التبشير القومية والأشتراكية والليبرالية بتركيزها على النجاة في العالم الآخر كونها صاحبة التفسير الصحيح للدين ...فالتبشير الطائفي ثقافة تفترض انها المقصودة بالحديث النبوي الشهير الذي يحصر النجاة في الآخرة بطائفة واحدة ، بعد ان ينقسم الأسلام الى فرق ونحل دينية متعددة .. وانطلاقاً من هذا الحق الأفتراضي ( اذ لا يوجد بين يدي فرسان الوعي الطائفي من كل الطوائف دليلاً قاطعاً بافتراض النجاة ) يقوم غلاة هذا الوعي بالأقتصاص من الطوائف الأخرى في الدنيا ، وليس في الآخرة ، أي في يوم الحساب المنصوص عليه قرآنياً . ولا يكتفي التبشير الطائفي بهذا الأدعاء بل يذهب الى تشويه الطوائف الأخرى بالصاق تهمة المروق عن الدين بها ، فهي في عرفه فرق ضالة ، فاسقة ، هرطوقية ، ولا يتوقف حتى يبلغ غايته بشيطنة الطوائف الاخرى وأبلستها في وعي أعضاء طائفته ، ليسهل عليه اقناعهم بأنها تنطوي على جوهر خبيث يدفعها الى التآمر الدائم على طائفت( نا ) ، لتهيئة أذهان أفراد الطائفة على تقبل ضرورة الاستعداد لدفع أذى هذه الطوائف المارقة عن طريق تصفيتها بالسيف كفعل مقدس يتكامل من خلاله اسلام المرء ...
اذاً ، أشاعة الخوف من الآخر الطائفي بند ثابت من بنود التبشير الطائفي الذي برع فيه نشطاء الوعي السياسي الطائفي لدى كل الطوائف ، لكن أشاعة الخوف لا يعطي ثماره ويكسب الغالبية من أفراد الطائفة الى صفوفه ان لم تكن نظرية المؤامرة هي منهجه في تفسير الحوادث ، وان لم يقدم على اختراع جملة من الرموز التي تعزز الشعور بانتماء الاعضاء الى هوية واحدة ، كالعلم والطقوس المميزة للطائفة ، والذهاب بعيداً في التاريخ لأصطناع الحوادث والحروب والمواقف التي تمنح اعضاء الطائفة الشعور المريح بوجود تاريخ مشترك ، واذن بوجود مستقبل وآمال مشتركة ...
لا يستطيع النشاط الطائفي الاطمئنان الى وجوده بتحقيق هذه الاهداف ان لم يعمل على التشويش على مفهوم الدولة في وعي أعضائه السياسي ، وتقديم البرهان على تجاوز الأحداث لضرورة وجودها ، من خلال تقديم الدليل على انحيازها الى الطائفة الأخرى لكي ينفي عنها صفة الحياد أولاً ، واظهارها بمظهر الضعيف الذي لا قدرة له على حماية مواطنيه ثانياً .. بهتين الوسيلتين يسحب النشاط الطائفي شرعية وجود الدولة وبالتالي شرعية احتكارها للسلاح واحتكارها للمؤسسات العسكرية والأمنية ، ويطرح نفسه بديلاً عن الدولة في حماية أعضاء الطائفة ، وبالتالي صاحب الشرعية في امتلاك السلاح وامتلاك الميلشيا...
نجح النشاط الطائفي ــ لكن الى حين ــ في تحويل العرب العراقيين الى أمتين لكل منهما زعمائها السياسيين وآيدلوجيتها السياسية وميليشياتها ، أي نجح في زحزحة موقف الغالبية من الالتفاف حول الدولة كهوية جامعة لكل الهويات الفرعية الطائفية والقبائلية والجهوية ، وذلك لا يتم من غير نجاح دعايته في تسريب فكرة تحريم الشرع الانصياع لأوامر حاكم من الطائفة الأخرى ...
هل كان المالكي غافلاً عن هذا الخطر الداهم ، أم كان مشغولاً عنه بتحقيق مآرب أخرى ؟ فقد تصاعد لهيب الصراع الطائفي في السنتين الأخيرتين وخاصة بعد رحيل الامريكان ، وكانت خطبه الأسبوعية تتضمن بعداً واحداً للمعالجة هو البعد الأمني ، مسقطاً عن رؤية تأثير الحلول الناجحة لأزمات الاقتصاد والخدمات والفساد ، بل نافياً أمكانية الوصول الى حلول وسطية عن طريق الحوار .. كانت معادلة المالكي الثابتة في معالجة كل الأزمات تتمثل بالآتي : هناك مؤامرة ، وما أمامنا غير السيف طريقاً لمعالجتها ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة ايريك سيوتي عضو اليمين الفائز بمقعد البرلمان عن نيس|#عا


.. قراءة عسكرية.. محور نتساريم بين دعم عمليات الاحتلال و تحوله




.. تفعيل المادة 25 قد يعزل بايدن.. وترمب لا يفضل استخدامها ضد خ


.. حملة بايدن تتعرض لضغوطات بعد استقالة مذيعة لاعتمادها أسئلة م




.. البيت الأبيض: المستوطنات الإسرائيلية تقوض عملية السلام والاس