الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عرب 48 وعرب 67 فى إسرائيل

خليل كلفت

2014 / 8 / 19
القضية الفلسطينية



تعيش الشعوب العربية والثقافة العربية فى حالة دائمة من خداع النفس بشأن فلسطين. وأعتقد أنه لا يجدر بنا التواطؤ مع متلازمة الأوهام التى تسيطر على عقولنا وحياتنا.
وبطبيعة الحال فإن الشعب الفلسطينى مشدود دائما إلى مستقبل يتحرر فيه من دولة إسرائيل الصهيونية؛ على الأقل فى سياق حلّ الدولتين الذى تضع فيه منظمة التحرير، وكذلك الفصائل المتمردة عليها، أملها وحلمها.
والدعوة إلى التحرُّر من خداع النفس دعوة إلى وضع إستراتيچيات للتعامل مع الحقائق وليس مع الأوهام. ولا شك فى أن إسرائيل، والدول الغربية، وحتى الدول العربية، تعرف حقائق المسار الفعلى للقضية غير أنها تُخفيها، تفاديا لأىّ احتجاجات شعبية فلسطينية وعربية كبيرة قبل أن تترسَّخ الحقائق الجديدة كأمر واقع ينصاع إليه الجميع.
والتصور السائد هو أن عرب 48، مع كل تشبثهم بوطنيتهم وقوميتهم وهويتهم، ورغم مقاومتهم بالوسائل المتاحة لهم، صاروا جزءا لا يتجزأ من دولة إسرائيل، فيما صارت أراضى عرب 67 فى الضفة الغربية وغزة "مناطق" محتلة تسير فى طريق صعب وطويل نحو التحرُّر والاستقلال فى إطار حلّ الدولتين، وهذا وَهْمٌ تغذِّيه إسرائيل وباقى الدول المعنية.
والحقيقة التى تعرفها إسرائيل وباقى الدول، على وجه اليقين، ولكنْ لا تبوح بها هى أن أن عرب 67، فى الأراضى المحتلة منذ 47 سنة فى الضفة وغزة، سوف يتمّ ضمها فى الوقت المناسب رسميا إلى إسرائيل، كما حدث مع مرتفعات الجولان التى تمّ ضمها إلى إسرائيل بقانون فى ديسمبر 1981.
ولأن أراضى الضفة وغزة محتلة منذ حوالى نصف قرن دون تحرير فإنه يغدو من المشروع أن نتساءل بموضوعية عن مصيرها. والحقيقة أن هذه الأراضى لم تكن مستقلة بل كانت خاضعة للبريطانيِّين، ثم للشروط الإسرائيلية الحديدية التى جعلت الضفة وديعة لدى الأردن وغزة وديعة لدى مصر، منذ 48، لحماية أمن إسرائيل، ثم فرضت عليهما الاحتلال والحصار المتواصليْن منذ 67. وبالطبع فإن بلدانا كثيرة فى العالم تحررت من الاحتلال الاستعمارى الطويل غير أن هذا كان فى سياق أوضاع مختلفة تماما.
ولنا أن نتساءل: ما الجديد المتوقع الذى من شأنه أن يقلب هذه المعادلة؟ وهنا يتجه اللوم إلى مصر وباقى الدول العربية. والحقيقة أن الدول العربية، حتى لو توفرت لديها الإرادة، لا تستطيع مواجهة إسرائيل وحلفائها الأقوياء. ويعلم الجميع أن كل بلد عربى يعيش مشكلته الخاصة المتمثلة فى التبعية الاقتصادية؛ وهى أم كل التبعيات الأخرى. فلا بلد، إذن، سيحارب معركة بلد آخر، مع أن وجود دولة إسرائيل خطر على كل البلدان العربية المحيطة بها. ويعلم الجميع نتائج المغامرات العسكرية التى ندخلها بجهلنا وضعفنا، وليس بمعرفتنا وقوتنا، وكان الاستثناء الوحيد حرب 73، مهما اختلفنا حول تقييم نتائجها السياسية.
ولأن المورد الديمجرافى الأساسى لإسرائيل يتمثل فى روسيا وأوروبا الشرقية، فإنه يمكن القول إن إسرائيل كيان روسىٌّ-بولندىٌّ من ناحية البشر، وأمريكىٌّ-أوروبىٌّ من ناحية التمويل والعون الشامليْن، وكذلك من ناحية استخدامها كأداة استعمارية فى المنطقة.
وفى غياب دينامية تحرُّرية ذاتية لدى الفلسطينيِّين، لن يُجدى توجيه اللوم إلى الدول العربية، أو دول العالم، أو المجتمع الدولى، ويذهب كل هذا الصراخ فى البرية أدراج الرياح.
وإسرائيل دولة توسعية تضيق عليها مساحتها الحالية (20770 كيلومتر مربع، أىْ حوالى 80% من مساحة فلسطين، 26990 كيلومتر مربع)، ويعيش فيها حوالى 8 ملايين نسمة، بالإضافة إلى الزيادة السكانية والهجرة اليهودية. فالتوسُّع إذن ضرورة حياة أو موت، ويتمثل المجال الحيوى للتوسُّع فى أراضى الضفة وغزة، وتتجاوزهما أهداف التوسع إلى الدول العربية المجاورة بادئةً بمرتفعات الجولان التى تمّ ضمها بالفعل.
وتصل مساحة الضفة إلى 5640 كيلومتر مربع، وتُواصل المستوطناتُ اليهودية، التى تضم حوالى نصف مليون مستوطن، قضمها وهضمها وابتلاعها. ولا تتجاوز مساحة غزة 360 كيلومتر مربع. ولا تتجاوز المساحة المحتلة من الجولان 1200 كيلومتر مربع. وبحساب بسيط، تصل مساحة هذه المناطق إلى حوالى 10 آلاف كيلومتر مربع، أىْ حوالى نصف مساحة إسرائيل، وتمثل هذه المناطق المجال الحيوى للتوسع الإسرائيلى المفتوح الشهية دائما؛ ولكل شيء فى الحياة وقت.
وكنتُ وما زلت من مؤيدى إقامة دولة علمانية ديمقراطية واحدة لكل العرب واليهود على كامل التراب الفلسطينى. غير أن هذا شعار للأجل الطويل، ولم يكن مطروحا أصلا للتحقيق العملى فى الأجل القصير أو المتوسط.
وليس حلّ الدولتيْن الذى تتواصل مفاوضاته العبثية على مرّ العقود سوى استهلاك للوقت إلى أن تأتى ساعة الحقيقة. ووراء أوهام العودة إلى فلسطين تختفى حقيقة الترحيل القادم من فلسطين، أىْ من دولة إسرائيل على كامل التراب الفلسطينى.
ولا جديد لا فى الاحتلال والحصار والضمّ، ولا فى الترحيل (الترانسفير)، فهذه ممارسات توسعية إسرائيلية تم تطبيقها طوال تاريخ إسرائيل. ولا مناص من وضع إستراتيچيات ثورية يضعها ويطبقها الشعب الفلسطينى، ولا يعبث بها أىّ مغامر، لمواجهة المصير الصهيونى بمصير فلسطينى محتمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل حقاً
هاني شاكر ( 2014 / 8 / 19 - 21:40 )

هل حقاً
_____


هل صحيح مانسمعه من دعاية صهيونية أن عرب أسرائيل هم أحسن حظاً من جميع عرب ألجوار ( مصر ، سوريا ، ألصومال ) ؟ فى ألتمتع بألمزايا ألحياتية ( سكن ، ملبس ، غذاء ، طبابة ، تعليم ، وظائف .... ) و ألمزايا ألسياسية ( حرية تعبير ، ممارسة سياسية ، عدم ألتعرض للسحل و ألنفخ فى سجون عبد ألناصر أو بشار ... ألخ )

ولا هو كلام جرايد و بس ؟

يسقط ألأستعمار و ألصهيونية و ألأمبريالية !


....






2 - يؤسفني ان اخذلك استاذ هاني:ليست دعاية صهيونية
بشارة ( 2014 / 8 / 20 - 02:42 )
يا ليتها كذلك,بل حقيقة على ارض الواقع تسنى لنا نحن عرب 48 فلسطينيي الداخل او عرب اسرائيل,سمنا ما شئت,لمسها بعد فتح الحدود اولا مع مصر وبعدها مع الاردن.ربما السماح لنا بزيارة الدول العربية كان مدروس من قبل الانتلجنتسيا الاسرائيلية,وكان عملية ضرب عصفورين بحجر واحد:فمن جهة تقبلنا الصدمة باوضاع العرب المزرية من جميع النواحي مما سيؤدي لاحقا الى تمسك اشد بالهوية الاسرائيلية والولاء للدولة,فلا يمكن لاي عاقل ان لا يلاحظ الفارق المذل(لنترك جانبا الناحية الاقتصادية على اهميتها-فالى اليوم الفارق رهيب بين اسرائيل ومناطق 67)في احترام حقوق الانسان
انا شخصيا صدمت على نقطة الحدود في رفح وفهمك كافي
ومن جهة اخرى اظهار القوة الاقتصادية لعرب 48 امام الشعوب العربية,لهز ثوابتهم الخيالية في ظلم اسرائيل للفلسطينيين(هذه الثوابت التي ما زالت عندك
والحقيقة يا استاذ هاني ان اسرائيل ليست ذلك الحمل الوديع لكن علينا الاعتراف حقيقة انها واحة ديمقراطية(غير كاملة ولا حنى في اعرق الدول)في الشرق الاوسخ
دعني اذكرك بحال الاقليات الدينية خاصة في بلاد العرب وفي اسرائيل
لا مقارنة
تحياتي لـ أ.كلفت ولجميع المارين عبر الكلمات..


3 - أفصح ياعم بشارة
هاني شاكر ( 2014 / 9 / 4 - 14:37 )


أفصح ياعم بشارة
_________

يعنى أنت معايا ؟ ... ولا معايا ؟!

تحياتى

.....

اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا