الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاومة الفلسطينية بين الإرهاب الإسرائيلي والإرهاب المصري

ناجح شاهين

2014 / 8 / 20
القضية الفلسطينية



ناجح شاهين
أحياناً تشيع كلمة معينة إلى حد ينسى الناس معناها الأصلي. ذلك أن تكرار استخدام المفردة يوحي نفسياً بأنها معروفة، وقريبة المنال. لذلك لا ضير من أن نذكر هنا بمعنى مصطلح الإرهاب بأبسط ما يمكن من مفردات. الإرهاب هو عنف أو أذى يتم إلحاقه بالمدنيين من أجل دفعهم إلى تبني موقف سياسي يخدم أهداف الجهة التي مارست الإرهاب بحقهم. بهذا المعنى تم قصف المدنيين الألمان في الحرب العالمية الثانية بغرض تحفيز حراك شعبي ضد هتلر وحكومته. كذلك دمرت الولايات المتحدة قرى بأكملها في فيتنام بغرض كسر الالتفاف الشعبي حول حكومة هانوي الثورية. وبالطبع تلجأ حركات المقاومة كثيراً لهذا اللون من الحرب بأمل أن تخترق النقطة الأضعف في بناء المستعمر وتدفعه إلى الانصياع لمطالبها التحررية.
في حالتنا الراهنة لم تمارس المقاومة الفلسطينية الإرهاب إلا على نطاق محدود جداً. والدليل على ذلك هو أن عدد القتلى المدنيين في جانب الاحتلال على امتداد أكثر من شهر من المواجهة لم يتجاوز الثلاثة. أما الاحتلال فقد مارس الإرهاب على نطاق واسع بقتله المدنيين دون تمييز. بل يمكن القول إنه قتل المدنيين "مع التمييز" عندما وجه ضرباته إلى المدارس المكتظة بالنساء والأطفال. فهو إذن قصد إلى إلحاق الأذى الذي يصل حد القتل بالمدنيين على وجه الحصر.
غني عن القول إن "إسرائيل" لا ترغب في العادة في أن تقدم نفسها في صورة الدولة المجرمة الإرهابية التي تستهدف الأبرياء. ولذلك فإن علينا أن نفكر في السبب الذي دفعها، وما زال يدفعها إلى فعل ذلك. ذلك السبب في رأينا ليس خفياً ولا غامضاً: إنه عجز قوات الاحتلال عن إلحاق الهزيمة بفصائل المقاومة المقاتلة من قبيل "القسام" و "السرايا" و "أبوعلي مصطفى". وهذا يعني أن على قادة الاحتلال البحث عن طريقة أخرى. لو كان بالإمكان هزيمة المقاومة في الميدان، لكان ذلك بالنسبة لهم خيراً وبركة. فهم يتخلصون من هذا العدو المقاوم المزعج، ويستثمرون المزاج الشعبي المهزوم في قطف صنوف من الثمار السياسية السائغة.
جاء صمود المقاومة ونجاحاتها ليقلب الطاولة على المحتل وأصدقائه، مما يستدعي أن تأخذ المقاومة الحق في قطف الثمار. لكن ذلك بالطبع لا يجوز بالنسبة للمحتل وأصدقائه في العالم والمنطقة. ولذلك لا بد من سحب البساط من تحت أقدام المقاومين مهما كلف الأمر. ومن أجل ذلك لجأ الاحتلال إلى ممارسة الإرهاب (ضد المدنيين بالطبع) بغرض دفع الناس في غزة إلى التخلي عن المقاومة والانقلاب عليها.
من نافلة القول إن ذلك لم ينجح حتى اللحظة. ولكن المشروع ظل مستمراً في سياق المفاوضات من أجل تحقيق تهدئة وفق شروط لا تعود بالوضع إلى ما كان عليه قبل العدوان. تريد المقاومة وأهل غزة، وذلك من حقهم سياسياً وأخلاقياً على السواء، جنى ثمار انتصارهم وصمودهم. أما إسرائيل وأصدقاؤها فيريدون تهدئة ترتد سلبياً على المقاومة في مقابل بعض الفتات لتحسين حياة الناس.
في هذا الإطار تتم ممارسة نوع آخر من الإرهاب غير الإرهاب العسكري. ذلك هو تجويع السكان وحرمانهم من الخدمات الحياتية الضرورية من قبيل خدمات الصحة والمياه والكهرباء، وما يلزم من سلع ضرورية. هنا يأتي الدور البالغ الأهمية الذي يؤديه نظام السيسي الذي يمارس الإرهاب بحق مدنيي غزة بغرض إجبارهم على الضغط على المقاومة عن طريق خنقهم بالإغلاق. ليس لدى السيسي على الأرجح أية أهداف أخرى من الإصرار على إغلاق المعابر. إنها رسالة واضحة إلى أهل غزة: إما أن تجبروا حماس والجهاد وفصائل المقاومة على العودة لبيت الطاعة، والانصياع للخطة الإسرائيلية المقبولة على ما يبدو في المستوى العربي عموما، وإما أن نحيل حياتكم إلى جحيم يصبح الموت خيراً منها.
لسوء الحظ لا يمكن أن يكون في العالم إرهاب أشد من هذا. فهو يستخدم القوة العسكرية، والحصار على السواء بغاية واحدة هي ابتزاز موقف سياسي من المقاومة عن طريق "تثوير" جمهورها بالذات وقلبه عليها. ولذلك تبدو المقاومة في موقف لا تحسد عليه. وليس هناك فيما نحسب من طريقة لمواجهة هذا الموقف إلا بالرد على المحتل بطريقته وسلاحه، بمعنى أن تبدع المقاومة في أدائها إلى حد دفع سكان فلسطين من المستوطنين إلى الضغط على حكومتهم من أجل أن تخلصهم من جحيم الظروف التي يخلقها العمل المقاوم. بطولة المقاومة وذكاؤها هو المخرج الوحيد لانزلاقها من كماشة الإرهاب "الإسرائيلي" وإرهاب النظام المصري المدعوم كونياً وعربياً على نطاق واسع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جحا أولى
عادل الليثى ( 2014 / 8 / 20 - 10:37 )
الفلسطينيون أولى بتحرير فلسطينهم وإطعام شعبهم
والسيسي أولى بإطعام شعبه بل أولى برفاهية شعبه




2 - المقاومة
ناس حدهوم أحمد ( 2014 / 8 / 21 - 00:25 )
الإرهاب الإسرائلي والعدوان الإسرائلي مسألة مفهومة ومدانة كليا بالنسبة إلينا نحن كعرب لأن إسرائيل حتى وإن كانت دولة معترف بها في مجمع الأمم المتحدة إلا أنها دولة إحتلال وقد إستعملت الإرهاب أول مرة لإثبات دولتها وكان ذلك بمباركة بريطانيا وبعدها أمريكا والغرب بسبب ظروف خاصة واستثنائية عندما تعرض اليهود إلى الإبادة من طرف النازية
لكن وأقول لكن هذا لا يبرر أن نترك أولادنا أطفالا ونساءا وشيوخا تحت رحمة القصف الصهيوني ونستعملهم وقودا لجلب التعاطف الإنساني العالمي
أطفالنا أغلى من هذا الثمن
وكان علينا حسب اعتقادي المتواضع أن لا نعطي المبرر لإسرائيل كي يفعلوا بأطفالنا ما فعلوه بهم
فالمقاومة واجب لكن المقاومة لها ظروفها وشروطها
وقتل أطفالنا بالمئات أغلى من تحرير وهمي لا يتحقق
وصواريخ حماس التي لا تقتل صهيونيا واحدا إلا فيما ندر
لا تبرر كل هذه المجازر ضد أطفالنا

اخر الافلام

.. طائرة الرئيس الصيني ترافقها طائرات مقاتلة بعد اختتام زيارة إ


.. كيف يبدو المشهد السياسي في تونس بعد تحديد موعد الانتخابات ال




.. الرئيس البولندي: قطر تلعب دورا بارزا في منطقتي الشرق الأوسط


.. الاحتلال يقصف المستشفيات ويتسبب بتكدس جثامين الشهداء في خان




.. انتخابات تاريخية تشهدها بريطانيا.. والعائلة المالكة تمتنع عن