الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحقيقة حين تكذب في مهرجان للمسرح

أحمد الخميسي

2014 / 8 / 20
الادب والفن


د. أحمد الخميسي

حفزني لمشاهدة عرض " قهوة بلدي" من بين عروض المهرجان القومي للمسرح المصري أنه من إعداد وتنفيذ مجموعة من الشباب قدموا العرض على أرض مكشوفة بدار الأوبرا تحت لافتة " مسرح الميدان" باستغلال كل ما لكلمة الميدان من إيحاءات وتداعيات سياسية ثورية، كما قدمت الاعلانات العرض بصفته" ليلة شعرية غنائية تتناول هموم المجتمع المصري وهموم المواطن في إطار شعري غنائي". حكما بظاهر الأمور نحن إذن أمام عرض مرتبط بالميدان وطابعه الجماهيري وقضايا المجتمع. لماذا إذن يتم العرض داخل دار الأوبرا الوجيهة التي تؤمها النخبة وليس في ميدان أو شارع؟. هذا عن مكان العرض وجمهوره الذي يتناقض مع توجه العرض المعلن وجمهوره المفترض. ومع ذلك ليست المشكلة فقط في ذلك التناقض بين مكان العرض ورسالته، إذ يمتد التناقض إلي موضوع العرض ومايدعيه من بحث في هموم المجتمع. وأول ما يفاجئنا في الاعلان هو التعريف بالقائمين عليه. تقرأ : محمد عادل إخراج وصياغة شعرية. فما الذي تعنيه عبارة " صياغة شعرية" في نص يعتمد في قصائده كلها على نصوص شعراء العامية المصرية المكتوبة والتي لا تحتاج لأية صياغة شعرية؟ ماهو المفهوم الأدبي أو حتى الأخلاقي هنا لعبارة " صياغة شعرية"؟ ما الذي صاغه محمد عادل في قصائد صلاح جاهين وبيرم التونسي وأحمد نجم وفؤاد حداد وبديع خيري وغيرهم؟. وعبارة " صياغة شعرية" تشبه تمام الشبه عبارة أخرى رائجة هي " رؤية " التي يلجأ إليها البعض للتدخل في نصوص كبار كتاب المسرح وتشويهها باعتبار أن ذلك " رؤية". كل تلك المصطلحات وما شابهها لا تمثل في واقع الأمر سوى حالة احتيال فني وأخلاقي صريحة، يتسلق بها البعض أكتاف نصوص الكتاب والشعراء الكبار. ولو أن العرض نجح في تقديم شئ ما لغفرنا له كل ماسبق. فما الذي قدمه إلينا مخرج العرض وصاحب" صياغته الشعرية"؟ لاشيء سوى لعبة فنية تم اختبارها طويلا. لعبة الحقيقة حين تكذب! أو الكذب حين تجرى في عروقه بعض من دماء الحقيقة! العجيب أن مخترع هذه اللعبة هو المسرح التجاري الذي أدرك من زمن بعيد أن انتشاره مرتبط بمغازلة هموم الجماهيروالتلويح الرخيص بقضاياها. وأشهر مثال على ذلك هو صيحة عادل إمام في إحدى مسرحياته " الحمد لله كل حاجة رخيصة .. وكل شوية يقولوا لنا فكوا الحزام فكوا الحزام"! هو يلمس مشكلة الجماهير لكنه لا يضعها في سياق، ولا يقترح لها حلا، هو فقط يقوم بالتنفيس عن غضب الناس من وضع اقتصادي لا أكثر. هذا ما قدمه عرض" قهوة بلدي" حين اختار مجموعة من القصائد الملحنة معظمها لأحمد نجم والشيخ إمام تفيض بالغضب، مثل " شيد قصورك ع المزارع.. واقفل زنازينك علينا"! ثم ماذا؟ إلي من نوجه هذا الغضب؟ لنظام مبارك؟ لفترة حكم الإخوان؟ للنظام الحالي؟!. لا يقول العرض شيئا لأنه وضع نصب عينيه فقط أن يقدم فتافيت الحقيقة ونثار الغضب من دون أن تجمع كل ذلك فكرة أو رؤية أو نسق يحول فتافيت الحقيقة إلي وجهة نظر تكسبها قيمة فكرية وفنية. بالرغم من كل هذا أود أن أتوجه بالتحية لأولئك الشباب وما أظهروه من مواهب وقدرات في التمثيل والغناء خاصة فاطمة عادل. وأعتقد أن آخر ما تحتاجه هذه المواهب أن ندفعها إلي طريق الكذب الفني.

***
أحمد الخميسي . كاتب مصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شابة يمنية تتحدى الحرب واللجوء بالموسيقى


.. انتظروا مسابقة #فنى_مبتكر أكبر مسابقة في مصر لطلاب المدارس ا




.. الفيلم الأردني -إن شاء الله ولد-.. قصة حقيقية!| #الصباح


.. انتظروا الموسم الرابع لمسابقة -فنى مبتكر- أكبر مسابقة في مصر




.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل