الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولادة من عنق زجاجة الفودكا

ئازاد توفي

2014 / 8 / 20
الادب والفن



في المهجر, كنت أملك محل صغير في أحدى ضواحي غوتنبرغ الجميلة, كان لي زبون ويعمل مبشرا أنجيليا, وكلما كان يأتي للمحل ويبتاع علبة الحليب كعادته, ككل مساء, يبتسم ويلقي تحيته (عمت مساءاَ يا صديقي المحمدي !!!) ويدفع ثمن علبة الحليب ويهديني منشورا أو إثنين من مناشير الكنيسة الأنجليكانية وباللغة العربية ويودعني, وكعادتي وفي كل أمسية, وفورا أمد يدي الى المناشير وأوجهها الى حاوية ...(سلة المهملات)...
وبين الحين والآخر,كان يسألني (هل قرأت المناشير ؟ وماذا فهمت من عظمة الرب؟ ومارأيك ؟؟؟), وكعادتي لم أعطيه أية إجابة, ليس لأني لا أملك الجواب بل حرصا كي لا أفقد زبونا للمحل !!!
كان ذكيا جدا, وكان يعلم بمصير هداياه لي, وآخر حديث بيننا فاجئني بسؤال خبيث (لما لا تقرأ منشورات الرب وتعاليمه فإنها أثمن من منهج محمديتك !؟)
وقفت ساكنا في محلي, وشل لساني وإصطدمت بجدار السكوت, لبرهة من الزمن, وفجأة إنطلقت الى موضع الدفاع عن هذه الهجمة الشرسة والذكية, وقلت أنت أيها الصديق هل تعلم أن الأنبياء أولاد العمومة وأحفاد أبراهام صاحب و صديق الرب, إن كنت أنا محمديا وأنت يسوعي وعندي زبائن داوديون, وكلنا ندعي بالأحقية والأولوية, إن كنت تكذب بمحمديتي, كن على ثقة بأن الذي تدعواليه أيضا كذب, والداوديون سبقوكم الى الكذب كما سبق اليسوع محمدنا !!!
إنزعج كثيرا من الجواب, وفقدت زبونا مسائيا على ما أعتقد, وقلت في نفسي : وأخيرا إرتحت من شخص مزعج رغم خسارتي له كزبون !!!
أيام قليلة, عاود المبشر من الظهور ثانية, لكن ليس كعادته في المساء, كان صباحا هادئا, باردا نظرا لطبيعة المدينة الإسكندنافية الساحلية, دخل المحل وإبتسامة خفيفة ومع شقراء جميلة جدا, أستتفحت وبادرت الى التحية الصباحية: مرحبا أيها الصديق العزيز وصباحك جمال ومحبة مع رفيقتك الجميلة والحسناء !
باتريك: صباحك أجمل وأرق يا صديقي !
أنا : ليس كعادتك المجيء الى المحل صباحا ؟
باتريك : الم تعلم بأني أعمل في وظيفة جديدة ليلية؟
أنا : آها !! ومن سيخبرني ؟ فلم أراك منذ تلك الليلة !!
باتريك : أية ليلة ؟؟؟ الا زلت تتذكرها ؟
أنا : أعتذر منك ! لقد تفوهت بكلمات غير لائقة معك !!
باتريك : يضحك بصوت عالي ! يا لك من طيب !
أنا : شكرا ! لكن أين طيبتي في ذلك ؟
باتريك : الا تعلم ؟ لقد تركت ذلك العمل المشئوم وأيقظتني من غفلتي , وبحثت عن عمل وأنقذني الضمير و وجدت فرصة وأنا الآن أعمل ليلا, وهذه صديقتي (آنا) في العمل معي.
تسمرت في مكاني, منذهل من ما يرويه باتريك لي, أنظر اليه وعيناي لا تفارقه من هول الصدمة, بينما هو يصول ويجول في المحل ويبحث عن سلع بين الرفوف ويسرد ويغرد وكأنه إنسان نال حريته !!!
أنا : هل ما تقوله يا باتريك صحيح أم تطيب خاطري؟؟
باتريك : ولماذا أطيب خاطرك ؟ هذه هي الحقيقة !!
أنا : وتبشيرك وعملك القديم ؟ وإيمانك ؟
باتريك : صديقي العزيز علمتني شيئا لم أكن أعلمه !! الم تقل لي هم أولاد العمومة وأحفاد أبراهام ؟؟ وأصدقاء للرب أو الله المحمدي ؟؟ إذن لنتركهم في ما يذهبون اليه ! ولنذهب نحن في طريقنا ونتمتع بها كما أرادها الرب لنا وجل إحترامي لهم !!!
أنا : لقد صدمتني يا باتريك ؟
باتريك : في تلك الليلة يا صديقي, إنقهرت كثيرا من ردك على أسئلتي القاتلة, لقد جاوبت بإسلوب ذكي منعني من التطاول في الحديث معك لأبرر أخطاء محمديتك, و تهربت مني بكل ذكاء, وعندما عدت الى البيت بحثت عن صلة القرابة بين الأنبياء في كتاب ما و وجدت جوابك الذكي صحيح الى درجة لا يمكن الطعن بها, وكنت أملك زجاجة فودكا في البيت, لا أتناول الكحول الا قليلا وفي بعض المناسبات, ولا إراديا ذهبت أبحث عن الزجاجة وبدأت أتسامر مع الزجاجة الى أن وقعت في حبائلها, وفي الصباح و إنذهلت ولأول مرة في حياتي من تناول هذا القدر من الكحول, لكن مع ذلك وجدت الحياة جميلة وإنتبهت الى الأمر الذي كنت فيه, وأيقنت إني كنت متقوقعا في سجن رهيب وهو الرب, علما إن الرب جميل ولا يحب أن يضع القيود علينا في رحابه, و قررت أن أخرج من هذا السجن, وفي نفس الصباح وبعد تناول الفطور ذهبت مسرعا الى مكتب العمل والحظ أنقذني و وجدت سبيلي الى العمل, وشكرا لك أيضا
على الصبر معي !!!
أنا : إذن يا باتريك قمت بدور اليسوع المسيح وخلصتك من عبوديتك للرب !!!
باتريك : لا تستهزىء بي أخي ؟ لم تكن مخلصا !! بل عفويتك كانت أداة لتنويري ولا زلت أحب الرب وأؤمن به وعليك أن تؤمن بما أنت عليه !!!
أنا : أصبحت فيلسوفا يا باتريك ؟
باتريك : الا تعلم الفلسفة تأتي دائما من الحمقى ؟
أنا: وهل بنظرك أنا أحمق؟
وإبتسامة ساخرة من باتريك : كلنا حمقى !!!
أنا : كيف ؟
با تريك : أبحث عن الإجابة , لأني وجدت جوابا لحماقتي !!
أنا : يا صديقي, أتفق معك في الحماقات, فكلنا بشر وخطائون, وأكتشفت حماقتي عندما هاجرت الى موطن لا أنتمي اليه, ومع ذلك تكيفت في حما قتي !
باتريك : اخي, هاجرت الى هنا وبحماقتك لتخلص باتريك من حماقته, أرأيت الحماقة تولد الفلسفة والفلاسفة .
أنا : هل لا زلت تؤمن بالله او الرب كما تدعي يا باتريك ؟
باتريك : نعم وبقوة !!!
أنا : هل تؤمن بالأنبياء وبمحمد ؟
باتريك : أولاد العمومة وأحفاد أبراهام
أنا : شكرا يا باتريك لأنك لازلت صديقي وزبون لي !!!
باتريك : شكرا يا أخي بفضلك ولدت من جديد, من عنق زجاجة الفودكا !!!
AZAD TOVI (آزاد توفي )
ملاحظة : أحداث القصة حقيقية في حياتي في المهجر, وفقط تم الصياغة بشكل أدبي كقصة قصيرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-