الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لغة العيون و لغة الأصابع

شوكت جميل

2014 / 8 / 22
الصحافة والاعلام


المقال على شرف لغة الإعلام المصرية،العامة و الخاصة،المقروءة و المرئية منها، على حدٍ سواء،و ما نسمعه و ما نراه فيها من بذاءاتٍ لم يعد اللسان أداتها الوحيدة؛و كأن بذاءة اللسان لم تعد كافيةً،فابتكروا لغة الأيادي و الأصابع و الإشارة و ما شاكل!!كل هذا تراه و تسمعه شبيبتنا من صفوة الأمة و نخبتها،و التي أنيط بها أن تكون قدوةً ومثالاً...و حسبك أن تشاهد واحداً من برامج"التوك شو"،أو مقالاً من مقالات التنابذ و التراشق على صفحات الصحف،فتخلص أن ثمة علة في أمس الحاجة للالتفات و العلاج.

يقول أحمد شوقي في "يا جارة الوادي":(وتَعَطّلتْ لغةُ الكلامِ فخاطبتْ.....عينيّ في لغةِ الهوى عيناكِ).وقد صدق حقاً،فللسان لغةٌ،و للعيون لغة آخري،أما لغةُ اللسان فلا تغطي إلا طرفاً يسيراً من لغات التخاطب بين البشر،و أما لغة العيون فواحدة من لغات الجسد،والذي يستخدم الإنسان فيها طائفة كبيرة من أعضائه كأدوات في التخاطب و التعبير_واعيا بذلك أو غير واعٍ_من أكبر أطرافه التي ينتصب عليها، إلى أوهن عضلات وجهه؛ يرفس الرضيع بالأولى معبراً عن غبطته أو امتعاضه،و تفصح الثانية أحياناً عن حقيقة محدثك أكثر ممّا يفصح حديثه، ويحق لنا أن نذهب بأن لغة الجسد تلك قديمة،قديمةٌ قدم الإنسان و بداءته،وأكبر الظن ،أن ظروف التحضر قد فرضت على الإنسان فرضاً،تهذيب هذه اللغة وصقلها وانتقاء أدواتها وأعضاءها.

أقول هذبتها كما هذبته ،في دربه الطويل من بربريته إلى عصرنا هذا،بيد أنه_ كعهدنا بكل شيء_ تبقى طائفة من شذاذ الناس،تنخذل عن قافلة التاريخ؛سقط منها هذا التهذيب أو سقطت عنه،فباتت لها أدواتها الأثيرة الخاصة وأعضاءها المفضلة الغريبة للتخاطب،فلا عجب إن أنكرها عليهم من تهذبت وارتقت لغتهم،وعلى أية حال فلكل لغته ولكل "حساسته"!.

و أياً كان أمرهم وأمر الناس،فالحقيقة التي لا أماري فيها كثيراً، أن لغة العيون على قمة الهرم تهذباً ورقياً؛تفصح كثيراً عما يعجز عنه اللسان،بالرغم من أنها تلمِّح و لا تصرح؛فلا كلام فج ولا خطابة زاعقة ،نعم..قد تستنكر العين أحياناً،و قد تسب العين أحياناً وقد تلعن أحياناً، لكنها أبدا لا تفحشُ قولا!و لربما رجلٍ على قدر من الحس والوجدان،تكفيهُ نظرة،فيعلم منها علماً،ويقع على ما فيها من بغضةٍ أو حب،من قبولٍ أو كراهة،و لربما ذهب جراءها على غير عود،أما لغة الجسد ،فلقد كان قاسيا كل القسوة أن تقطب حاجبيك في وجه احدهم،و إهانة أن تنظر إليه من أعلى نظارتك!.

وأما الآن فأنظر..ودع عنك جارة الوادي ولغة العيون؛كان ذلك عهداً وانقضى،وزماناً ومضى،فقد باتت الجلود"سميكة"،والأذواق نابية،وألفت أسماعنا حديث الأيدي "المشوحة"و الأقدام الرافسة،وألفت أبصارنا الأصابع الممددة في وجوهنا،تجرح العيون،تهتز تهديداً و تنفس وعيداً.
حقا لغة القوم بعض منهم ،ونهاية الأمر..الفرق ما بين أناسٍ وأناس،وما بين عصرٍ وعصر،كالفرق ما بين لغة العيون...ولغة البهائم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نزوح مستمر بعد التصعيد العسكري في رفح: أين نذهب الآن؟


.. مخاوف من تصعيد كبير في رفح وسط تعثر مفاوضات الهدنة | #غرفة_ا




.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل في جنوب لبنان | #غرفة_الأخب


.. إسرائيل تقول إن أنقرة رفعت العديد من القيود التجارية وتركيا




.. الصين وهنغاريا تقرران الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى