الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة الخليفة إبراهيم البغدادي و العزيمة المتوحشة

عبدالله جاسم ريكاني

2014 / 8 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



بعد غياب دام تسعين عاماً، عادت مؤسسة الخلافة القديمة الى الوجود من جديد في الاول من رمضان من عام 1435 هجرية المصادف للتاسع عشر من حزيران من عام 2014 ميلادي. هذا الإنبعاث المذهل توج الصحوة و الاندفاع الاسلامي الذي بدأ قبل اربعين عاماَ نحو استرجاع ما يسمونه بأسترداد أمجاد الخلافة.
من اين جاءت هذه المغامرة المتهورة؟
للمبتدئين فقط، بعد مراجعة سريعة لمبدأ الخلافة حسب ما ورد في التاريخ الاسلامي، يتبين لنا، انها نشأت في عام 632 بعد الميلاد، بعد وفاة نبي الاسلام محمد (ص)، لتلبي حاجة المجتمع السلامي الحديث النشأة، لقائد يصبح الوريث لسلطة القائد المؤسس. بعد الخلفاء الاربعة الراشدين، تحولت الخلافة الاسلامية الى حكم السلالات او الملك العضوض يرثها كابر عن كابر.
منذ البدء، اختلف اتباع الدولة الاسلامية، حول صفات الخليفة. هل من المفروض ان يكون اكثرهم قوة ورعاً، أم، أكثرهم قرابةً للنبي محمد. و لقد أدى هذا الانقسام في الرأي، الى إفتراق الامة الى طائفتي السنة و الشيعة و الذي نجم عنه هذا الانشقاق الديني الذي لا زلنا نشهد توابعه و فواجعه الى الان.
لحد العام 750 ميلادية، كان هناك خليفة واحد يحكم كل العالم الاسلامي. و لكن بعد ها التاريخ، بدأ الضعف يدب في جسد الامة بسبب عاملين. العامل الاول، هو بدأ تفكك المقاطعات النائية في الثغور، و الثاني هو ترهل و تعفن مؤسسة الخلافة نفسها و السيطرة عليها من قبل المماليك والولاة على الامارات و الأمصارالاسلامية المختلفة. و بقي الأمر هكذا الى العام 940 م. بعد هذا التاريخ، سادت سلالات ملكية اخرى أنتحلت لقب الخليفة و بالتالي شرعت لنفسها حق إحتكار السلطة السياسية.
إستمرت مؤسسة الخلافة بشكل ضعيف وواهن، إلى أن انهى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة و بشكل دراماتيكي و بالضربة القاضية أخر أثر لها في عام 1924 م. وعلى الرغم من المحاولات العديدة التي بذلت بعدئذٍ لإسترداد الخلافة، و لكن بقيت هذه المؤسسة ميتة و رمزاً للفوضى و الانشقاق في الدول الاسلامية و هدفاً بعيداً تتطلع اليه بعض المجموعات الاسلامية.

و سارت الامور على هذا المنوال طيلة 90 عاماً منذ سقوط الخلافة في تركيا، إلى ان أعلنت مجموعة تدعى الدولة الاسلامية في العراق و الشام (داعش)، إحياء الخلافة مجدداً في تصريح نشر بخمس لغات مدعيةً بيعة الخليفة الجديد للمسلمين كافةً تحت إسم إبراهيم البغدادي، البالغ من العمر 40 عاماً، والمولود في سامراء العراق و المقاتل في أفغانستان سلبقاً و من ثم في العراق لاحقاً. و الأن، يدعي بأنه قائد المسلمين في كل مكان و يطلب منهم البيعة و وجوب الطاعة.
طبقاً لشريعته، فقد فقدت كل الحكومات العربية و الاسلامية الاخرى الموجودة حالياً شرعيتها. و بالإضافة الى ذلك، فقد طلب من المسلمين نبذ و ترك ما يسمى بالديموقراطية و العلمانية و القومية وكل الافكار و القمامات المستوردة من الغرب على حد زعمه.
إن إحياء الخلافة العالمية في نظر داعش يعني إعلان و تحقق الوعد الإلهي للمسلمين بسيادة العالم ثانيةً، هذا الوعد الذي بقي محبوساً في ظلمات الإهمال. لقد أشرقت شمس الجهاد ثانيةً، و شاعت الأنباء و الاخبار السعيدة ، والانتصارات بدأت تلوح في الأفق، و الكفار قد أرعبوا في الغرب و الشرق و الاسلام سيرث الأرض و من عليها.
في نظر بقية العالم، كل هذه الكلمات و الوعود تبدو طنانة و متحذلقة و ليس لها حظ في النجاح. داعش تبدو مدعومة من بعض الدول مثل قطر و تركيا و لكن للقتال في سوريا فقط و ليس لإقامة هيمنة عالمية. القوى القريبة من داعش مثل الشيعة، الكورد، بعض السنة، ايران، السعودية، إسرائيل و حتى تركيا، تعتبر داعش عدواً لها و كذلك معظم الحركات الاسلامية الاخرى و من ضمنها القاعدة، بإستثناء منظمة بوكو حرام، وبعض الفصائل في غزة و بعض المنظمات الباكستانية الاسلامية الجديدة.
دولة الخلافة حالياً، تلاقي صعوبات جمة في حكم الاراضي التي استولت عليها و التي تقرب مساحتها من مساحة بريطانيا. و من المنتظر ان تزداد هذه المتاعب كلما زادت دولة الخلافة من إخضاع سكانها إلى صرامة و قسوة تعليمات الشريعة الإسلامية.
و يتوقع المراقبون بأن لا تدوم الدولة الاسلامية طويلاً كلما إزدادت عداوتها لجيرانها و إضطهادها لسكانها.ولكن و بغض النظر عن المصير المفجع الذي ينتظر الخليفة و اتباعه، فإنهم نجحوا في إحياء و بعث المؤسسة المركزية الوحيدة في الاسلام و هي الخلافة و جعلها حقيقة نابضة بالحياة مجدداً.
22/8/2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR


.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما




.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟


.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح




.. إسرائيل تقدم ردها لمحكمة العدل الدولية على طلب جنوب إفريقيا