الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر..هل لها من حرب؟ (جعجعة بلا طحن)

احمد البهائي

2014 / 8 / 24
الادارة و الاقتصاد


مصر..هل لها من حرب؟
(جعجعة بلا طحن)
قال عباس محمود العقاد ""..فإذا سُئلنا: هل السياسيون منافقون؟ فالجواب أن نصيبهم من النفاق على قدر نصيب الشعوب التي يحكمونها من الجهل والغفلة وإيثار المصلحة العاجلة وقلَّة الخبرة بمعترك السياسة الشعبية، وأن النفاق لا يمتنع في الشعوب بمجرد اليقظة والارتقاء. فإنها قد تُبتلى بالمنافقين والمخاتلين، وقد تُمتحَن بالمساومات والوعود. ولكن الفرق بينها وبين شعب غافل لم يختبر ضروب السياسة وأفانين الدعاية أن النفاق فيها لا يطول، فلا يلبث أن يؤول بأصحابه إلى شرِّ مآل، وأنه في الشعب الغافل الغرير يطول ويتمادى، ويكفل لأصحابه الغلبةَ على ذوي الصدق والاستقامة من الدعاة والحكام.

مصر في القرن الواحد والعشروين ومازال العقل والفكر واللغة "الاقتصادية" كما هم لم يتغيروا ، والتي كشفها بوضوح البرامج الاقتصادية للحكومة ،فمازال الخلاف دائر حول هل تكون الوسيلة فرض ضرائب تصاعدية ، ام وضع حد للدعم المقدم ، ام الجمع بين الوسيلتين!!، وياللعجب..عندما تجد حديثا مطولا حول خطوط اصلاحية عفا عليها الزمن مستوحاة من افكار القومية الفاشية من القرن الماضي ، كالدعوة الى توزيع الاراضي البور،والاصلاح الزراعي،والرأسمالية المسلحة،وكأن مصر مازال اقتصادها كما هو في عشرينيات وثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي اقتصاد زراعي راكد،ولم تصل اليها موجة نظام اقتصادي يقوم على الصناعة والزراعة والتجارة ،مع العلم ان العالم تخطى هذا بمراحل واصبح الان حديثه لغة الثورة التكنولوجية !!،هذا هو العجز بعينه .

اتضح ان رجال الاقتصاد في مصر ينتمون الى المدرسة الاقتصادية القديمة التي عفا عليها الزمن وبلغت من الكبرعتيا ، فمن العجب قبل المسئولية تجدهم يهاجمون الاحتكار والرأسمالية المتوحشة والشركات المتعددة الجنسيات ، وبعد دخول المطبح تجدهم اول من اصدروا قوانين وتشريعات لحماية المحتكر والمسيطر الاجنبي ، والامثلة تؤكد ذلك ،فمنها قوانين اصدرت لحماية البيروقراطية وبقاء الاحتكارية ، فالتضخم في مصر بلغ 13%،بسبب بعض تلك التشريعات التي تقتل المستثمر الوطني والمنتجات المحلية لصالح المستثمر الاجنبي ومنتجاته الاحتكارية.

ومن جانب اخر نجد ان من ضمن الاسباب الرئيسية لتخفيض تصنيف إصدارات العملة الأجنبية طويلة الأجل لاهم البنوك المصرية يرجع فى الأساس إلى توسع هذه البنوك فى تغطية أذون الخزانة لسد عجز الموازنة ، حيث سبق أنه تم تخفيض التصنيف الائتمانى للقطاع المصرفى المصرى بسبب خفض تصنيف أدوات الدين المحلى ، والتوسع في الائتمان المصرفي الحكومي في الوقت الذي وقف فيه نمو الودائع في البنوك والهروب المنظم للمدخرات الدولارية للخارج ناهيك عن نزيف الاحتياط النقدي، وهذا ما كنا نخشاه لما له من تداعيات سلبية على الاقتصاد المصري وخاصة على عمليات الاستيراد نتيجة لوقف الاعتمادات المستندية لدى البنوك لقلة المتاح نقدا ، وبالتالى خلق أعباء إضافية على الموازنة فيما يتعلق بتمويل استيراد السلع الأساسية ، ونتيجة تراجع التصنيف الائتمانى بخفض مؤسسة «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني للعملة الصعبة في مصر على المدى الطويل بواقع خمس درجات دفعة واحدة "المنطقة عالية المخاطر" .

ومع ذلك من عجب العجاب انك تجد من يلقبون انفسهم بخبراء المصارف والاقتصاد يخرجون عليك ويطلقون على عملية قيام البنوك باقراض اموالها للحكومات في شكل اذون الخزانة "استثمار" ! ، بينما يطلقون على الاستثمار في الصناعات الصغيرة والمتوسطة " اقراض عالي المخاطر " !! عجبي..

ومن هنا نقول الله يرحم الرائد (طلعت حرب ) الذي وضع مؤلفه المشهور " علاج مصر الاقتصادي ومشروع بنك المصريين او بنك الامة " ، ومؤسس اول بنك وطني بنك مصر الذي تم انشائه في 3 ابريل 1920 عقب ثورة 1919 مباشرة ، وكيف استطاع بحسه الوطني تسخير الصعاب وتطويع الامكانيات لإنجاح مشروعه القومي ، فنظرا للروح العدائية التي ابداها الاجانب نحو فكرة انشاء البنك ، اشترط الرجل من جعل اسهم البنك كلها اسمية ، وبقائها بيد مصرية لاشعال العامل القومي ، خوفا من المضاربة كذلك فيه ، حيث لا ننسى كلمته المشهورة لقطع الطريق عليهم اي الاجانب بحرمانهم من تملك اسهمه ومضاربتهم بها في سوق الاوراق المالية ، وما قد تؤدي اليه من قتله في مهده قائلا ..( ان المساهم لم يساهم في البنك على ما نعتقد ليضارب بأسهمه ، بل ونذهب لاكثر من ذلك : ماذا يضر الامة التي ألفت الوقف ، لو وقف بعض بنيها جزءا من مالهم على استقلال بلادهم الاقتصادي ، واعتبروا الاسهم من أول يوم وقفا لا بيع فيها ولاشراء ) ، وبهذا أستطاع طلعت حرب عن طريق الضرب على الوتر الحساس في كل طبقة ان يحشدها وراءه .
فالرجل نجح في وضع تصور وتطور هام جدا لدور البنوك وهو الاتجاه الى تكوين الشركات الصناعية والتجارية ، الامر الذي جعله يجمع بين صفة الراسمالية المالية وصفة الراسمالية الصناعية والتجارية ، ووضع النواة الصحيحة للراسمالية الصناعية المصرية ، التي اثمر عنها ميلاد كثير من الصناعات التي كانت عمد اقتصاد البلاد ومنافسة للمنتجات الاجنبية وقتها ، ففي فترة وجيزة من المدة من عام 1922 الى 1928 انشأ عشر مؤسسات تجارية وصناعية كبيرة اتبعت في تنظيمها وادارتها وتشغيلها احدث النظم العلمية ، وغطيت الميادين الاتية :*الطباعة1922 *الحليج والاقطان 1924 * النقل والملاحة النهرية 1925 * السينما 1925 * غزل ونسج القطن والحرير 1927 * مصايد الاسماك 1927 * الكتان 1927 - ، بالاضافة الى ذلك فقد ساهمت تلك النجاحات ودوره اي "طلعت حرب" في بناء اقتصاد بنكي وطني قوي الى تأسيس ( الاتحاد المصري للصناعات ) لتأييد الصناعات المصرية والدفاع عن مصالحها ، وتكوين ثلاث غرف تحت رعايتها ، الاولى نقابة المقاولين ، والثانية نقابة الملاحة النهرية ، الثالثة نقابة لمصانع الدخان والسجائر ، ثم ناتي الى اهم شئ ساهم في بناء الراسمالية المصرية والتي يرجع الفضل فيها الى بنك مصر ومؤسسيه وعلى راسهم طلعت حرب وما اقاموه من مؤسسات صناعية وتجارية الى تعديل النظام الجمركي في عام 1930 ، حيث لغيت فيه التعريفة الجمركية التي كانت تسوي بين المواد الاولية اللازمة للصناعة المصرية وبين المواد المصنوعة التى تنافس المصنوعات المصرية ، وراعي فيه التمييز العادل بين مختلف اصناف الواردات ، وخفضت الرسم على السلع الضرورية والمواد اللازمة للزراعة والصناعة ،ورفعته على الكماليات والسلع التي تنافس الانتاج المحلي ، وفرقت بين المواد الخام غير التامة الصنع والمصنوعة ، هؤلاء هم رجال بقامة وطن اين منهم هم الان من يصفون بالنخبة ويتحدثون عن مصر واقتصادها.. !! .

جميعنا نسمع ان هناك مشروعات عملاقة ادرجوها تحت بند مشروعات قومية تم الاعلان عنها ، هذا جميل ورائع ومهم ، ولكن اين مشكلة الطاقة الازلية وكيفية التغلب عليها من تلك المشروعات العملاقة ، فأزمة الكهرباء وانقطاعها بالساعات يوميا ولا حلول لها شاهدة على ذلك ، أين الخطط والحلول السريعة لطرق الموت على مستوى الجمهورية التي تحصد يوميا مئات الارواح بسبب تهالكها ولانعدام وسائل السلامة بها ، أين جانب التعليم والصحة من تلك الشروعات القومية ، حيث يقاس نمو الدول بما تقدمه لشعبها من خدمة صحية ومستوى تعليمي ، فمصر اصبحت تحتل اسفل قائمة دول العالم من حيث الاهتمام بصحة وتعليم مواطنيها ، أين..واين..واين..، فقائمة الضروريات طويلة .

فخلاصة القول ، مصر الان لا تحتاج الى قوانين وتشريعات اقتصادية فحسب ، بل في اشد الاحتياج الى رجال اكفاء ، لا تغلب عليهم احلام اليقظة والتحدث بها وكثيري الكلام فيما يفكروا فيه ولكنهم قليل الافعال ، إن ما نراه ونشاهده الان على الساحة المصرية ينطبق عليه حكاية المثل .. (مـالي أسـمع جـعجـعة ولا أرى طـحـنا) ، وللحديث بقية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نشرة_الرابعة | ولي عهد الكويت يؤدي اليمين.. وأوبك+ تمدد خفض


.. نشرة_الرابعة | بعد استمرار خفض إنتاج النفط حتى 2025.. كيف ست




.. عيار 21 الآن .. سعر الذهب اليوم الأحد 2 يونيو


.. كلمة أخيرة - وزير التموين: سنكون سعداء لو طبقنا الدعم النقدي




.. كلمة أخيرة - وزير التموين: صندوق النقد لم يطلب خفض الدعم.. و