الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إذا كانت داعش فتلك مصيبة و إذا كانت غير داعش فالمصيبة أعظم

عايده بدر
باحثة أكاديمية وكاتبة شاعرة وقاصة

(Ayda Badr)

2014 / 8 / 25
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


إذا كانت داعش فتلك مصيبة و إذا كانت غير داعش فالمصيبة أعظم
ما يعيش فيه العراق الآن موجة من التناقضات و الشائعات تروج لها كل القوى التي تتعارض بالطبع مصالحها فيما بينها من جهة و فيما بينها و بين نهضة العراق و الحفاظ على وحدته من جهة أخرى
التلويح الأمريكي بمعاودة التواجد على أرض العراق للمساهمة في الحفاظ على استقراره ليس إلا حيلة جديدة لمعاودة احتلاله بشكل مختلف و بتوقيع حكومي و بتهليل و تأييد شعبي لعودة القوات الامريكية للتواجد على أرضه من جديد و هذا لا يغيب عن ذهن المواطن العراقي البسيط فما بالنا بمن تجمعت في أيديهم خيوط سياسة هذا البلد العظيم ...
أمريكا في تعليق أوباما أوضحت إمكانية تواجدها لو تنحى المالكي عن رئاسته للحكومة و السؤال هل لو تنحى المالكي سيكون العراقيون بحاجة للتدخل الأمريكي ؟ فماذ ستكون حاجة العراق لأمريكا بعد رحيل المالكي ؟ هل لديها علم بشيء ما سيحدث و تريد ترتيب أموره أم هي تريد تنفيذ خطتها بنفسها و الاشراف الكامل عليها و تريد هذا بموافقة أهل العراق أنفسهم ؟
ما يحدث الان على أرض العراق سببه تراكمات وقتية طويلة و نفوس لم تهدأ منذ سقط نظام صدام بكل ما كان فيه من خير لمن يعتبره خير و شر لمن يعتبره شر و التواجد غير المنصف لحكومة المالكي التي من خلال الانتخابات الاخيرة كان واضحا سخط الشعب عليها والشيعي قبل السني على ممارسات حكومته و لا نعرف لحد الان سبب اعادة انتخاب المسخوط عليهم و نجاحهم لكننا من قبل و من بعد يجب ألا ننسى أن هذه انتخابات عربية تجرى على أرض عربية فلا استغراب للنتائج إذن
ما يحدث في العراق الان بتوصيف دولي هو اجتياح لقوات داعش غير النظامية و المسلحة بأحدث االاسلحة و الممولة من جهات لا أحد يعلمها على وجه التحديد لكن الجميع يدرك أنها الذراع الأمريكي المستتر تحت لحية و شارب و عمامة و الصورة المعدلة وراثيا من نظام القاعدة و الممولة حسب التكهنات من دول النفط و برعااية خاصة لدول العالم الأول
إذا كانت القوات غير النظامية الموجودة على أرض العرق هي داعش فتلك مصيبة تجتاح بلاد الرافدين و تحتاج فيها الشعوب العربية للتكاتف معا ضد امتداد هذا النسيج السرطاني بعد توحشه في سوريا و ليبيا ووو لكن إذا لم يكن هؤلاء داعش فتلك مصيبة أعظم لأننا إزاء تصرفات همجية ترجع بنا لعصر انسان الكهوف حيث الصيد و ذبح الفرائس و أكل لحومها حية أحيانا و لبس ما يستر ... و اللحية و الشارب لا تستر هنا بل تفضح و تكشف و راية الرسول المدانة هنا تُمرغ في وحل الطائفية و ترتفع و تنخفض طبقا لمن يضع يده على الارض أولا .. نحن أمام إعادة ممنهجة لممارسات تقتل على الهوية من جديد ، تستبيح عرض و دم من ليس على طائفته ، فتح للبلاد و غزو لما يليه من أرض ، غنائم حرب و مكاسب واعلان ولاية و تسمية والي فلماذا لم يحملوا السيف أيضا و يتركوا الأسلحة الحديثة فلم يكن منها شيء على عهد الرسول الذي يتسترون تحت اسمه و عنوانهم دينه و يمزقون كل روابط انسانية تحت مسمى إقامة دولة اسلامية و الاسلام منهم و من امثالهم براء ، فأي دين هذا الذي يمارس تحت شعاره كل هذه الممارسات ؟ و أي راية الآن ترفع في ظل هذا التناقض
يذيع الثوار أن ما يحدث على أرض العراق هو ثورة شعبية سنية بعثية تقودها العشائر السنية التي انتفضت ضد حكم شيعي ظالم جائر و بالاضافة إلى بقايا حزب البعث مكونين جيشا غير نظامي يعمل ضد الجيش العراقي النظامي الذي يتم توصيفه بالصفوي و المالكي و غير ذلك من أوصاف متناسين أنه يضم من جميع افراد المجتمع لكنه يأتمر بأمر حاكمه الذي له سجل حافل ضد جماعة السنة و ربما كان مقبولا أن تقوم ثورة ضد نظام حكم ظُلم بسببه الكثير و كان من الأحرى بالطرف الآخر( الشيعة ) المعترضون على نظام المالكي الوقوف بجانب أخوتهم ضد نظام هم أنفسهم يعلمون أنه نظام فاشل و لم يحقق لهم سوى مزيدا من الدمار و الفقر و لكنهم لم يفعلوا و لن يفعلوا ليس لتقديسهم لهذا النظام و لا محبة فيه و في أعماله لكنهم ببساطة يكررون نفس ما حدث من موقف لأهل السنة الذين رفضوا وقت انتفاضتهم الشعبانية السابقة الوقوف بجانبهم و الثورة مثلهم و هلم جرا في معاودة لتصفية حسابات قديمة
إذا سلمنا القول أن ما يحدث الآن هو ثورة سنية خالصة النوايا هدفها إزاحة الظلم لكن حتى هذا الوصف من الصعب تقبله كليا لأن ما يحدث من هتك أعراض و ذبح رجال و نساء و أطفال ، قطع طريق و تهديد آمنين ، مطالبة بأعراض الفتيات الصغيرات و كثير كثير ممارسات يندى لها الجبين الحر و لا تعترف بوجود الآخر هل تكون هي ما يريده الثوار ؟ بالطبع لا فلم تقم ثورة ضد نظام و لا ضد دولة ظالمة ليكون هدفها غرس الظلم و قتل و ترويع المواطنين
االثورة الشعبية السنية التي حققت من قبل مكاسب في صد هجمات المالكي و قابلها هو بتعنت شائع في رؤوس الحكام العرب هل تتخذ من راية داعش راية لها ؟ ام هناك اختراقات من قِبل داعش لصفوف هؤلاء الثوار ؟ الأمر الأكثر ريبة هو استقبال أهالي بعض المناطق بترحاب لما يحدث و رفع شعارات التأييد لإقامة الدولة الدينية الجديدة في ظل ثورة اجتماعية اصبحت طائفية بفعل فاعل ، فهل يحاولون تأمين أنفسهم أم هم مؤمنون و مقتنعون أن ما يحدث هو ثورة صحيحة النوايا باقتلاع الظلم و ليس لزرع ظلم بديل و أنه هناك دائما ضحايا لكل الثورات ؟
الاحداث التي تزف إلينا عبر الفضائيات و تصور العثورعلى مقابر جماعية و هتك لأعراض و محاولات تصدى النساء تارة بدفع المغتصب عنها و قتله و تارة بالانتحار و إحراق نفسها ... تحت أي مسمى يمكننا أن نصنف ما يحدث ؟ بالاضافة طبعا إلى الرسائل التي تبث و البيانات التي يرسلها تارة الثوار و تارة قواات داعش و فيها يتبرأ الاثنان من بعضهما فلماذا إذن يرفعون نفس العلم و لماذا يتخذون من أسلوبهم و نمطهم تكرارا و مثالا
الأمر الواضح الآن أن ما يحدث هو عملية معقدة من تصفية الحسابات للجميع على حساب الجميع و على حساب وحدة هذا البلد و الأرض الآن لمن يضع يده عليها و لا يتركها ، و التقسيم الذي كان حلما صهيونيا قديما أصبح على وشك أن يكون واقعا عربيا يضاف لتاريخ العرب المجيد منذ ضياع فلسطين و حتى الآن فالسجل حافل و يزيد
تحت مسمى حكومة فيدرالية تضم مناطق سنية خالصة و أخرى شيعية خالصة و شمالا كوردية خالصة سيتبقى لنا هنا الأقليات التي لا يصلح عدد مواطنيها لتكوين مناطق حكم ذاتي فأين سيكون موضع التركمان و المسيحيون بطوائفهم و المندائيون و الايزيدية و غيرهم من هذا التقسيم ؟ هل سيطالبون هم أيضا بمناطق حكم ذاتي تشمل عنصرهم و هويتهم فقط ؟ ليصبح البلد الواحد نتفا لبلدان متناهية الصغر و حلم ( من النيل للفرات لا يزال يرفرف في رؤوس لم تقطف لحد الآن )
أم ستعلن كل طائفة دولتها منفردة و يصبح لدينا ( شيعستان و سنستان ) و على كل منهما أن تضم لنفسها بعضا من الأقليات ضمن حدودها الجديدة و من جديد يعاد مسلسل ضياع حقوق الأقليات
أفهم أن الكرد حينما طالبوا بحكم ذاتي و أقاموا حكومتهم و أصبح لديهم شبه استقلال كامل إذا أعلنوا عن رغبتهم في الانفصال فيمكن أن يكون هذا مفهوما لكن أن يسعى بعض العراقيون لشطر هذا البلد فعليا ألا يكفي التقسيم الحادث الان من توزيع غير منصف في تركيبة السكان فمناطق شيعية كاملة يحذرها السنة و مناطق سنية كاملة يخشاها الشيعة وانفجارات تهز أركان هذا و تشطر ذاك
إذا كان ما يحدث في العراق هو تصحيح لأوضاع غالبية سنية مقهورة تحت حكم شيعي جائر بمساندة قوى دولية هدفها الأول إعادة هيكلة هذا الوطن الممتد من المحيط للخليج و إعادة تأهيل شعوبه تحت ظل ربيع دامس أغرقونا فيه ... فلماذا دائما لا نتعلم من تجاربنا ذاتها فما يحدث هنا حدث و لا يزل في بلاد أخرى فأين الحكمة من تكراره إلا إذا كانت المصالح العليا للجميع تحدد عملية التكرار و كيفيتها و مدتها من خلف ستار شفيف للأسف الجميع يراه و يلوي عنه بعنقه كأنه لا يرى شيئا
ختاما فأني ضد أي مسمى ديني يتخذه الانسان ذريعة للبحث عن مطالب دنيوية ليس لها علاقة بالدين و البحث عن كرسي الحكم و مقاتلة أخيه الانسان أيا كان عرقه أو دينه أو معتقده و أنا لست ضد ثورة سنية تنتفض ضد الظلم و لا ضد ثورة شيعية تنتفض ضد الظلم و لكني ضد المسمى بحد ذاته سواء كان سني أو شيعي و ضد أن يكون الدين مطية للسياسة و للتمييز بين الناس و أن يكون هناك اتفاق مسبق أو تحالف بين أي ثورة تعلن عن نفسها و بين داعش تحت أي مسمى و عليه فإن كانت هذه داعش فتلك مصيبة لكن المصيبة تعظم حين ندرك أنها ليست داعش وحدها بل هو التعاون الغريب بينها و بين ثوار العشائر السنة
و على الثوار من أهل العشائر تطليق كل ما يمت لصورة داعش ثلاثا و أربعا و عشرا حتى يؤمن الناس بأن ما يحدث فعلا هو انتفاضة شعبية ( سنية ) كما يقولون ضد الممارسات التي تتخذها حكومة المالكي ضد المعارضين و التي تصنف على أنها ممارسات شيعية ضد معارضين سنية ، الأمر الذي تحولت معه الثورة الاجتماعية لثورة دينية و بصورة أخرى يصورها البعض على أنها ثورة ( يزيد ضد الحسين و الحسين ضد يزيد )
الانتفاض ضد الظلم لن يحققه العنف لأننا بهذا سنبقى في دائرة عنف لا تنتهي مرة باسم السنة و مرة باسم الشيعة ، في الوقت الذي يجب على المالكي التنحي و حقن دماء العراقيين و النظر للثورة الحقيقية بعين الاعتبار و الانصاف و لكن بالطبع هذا لن يحدث لأن القوى الخفية / الواضحة لم تعط إشارة لهذا التنحي و لا إشارة على الصعيد الآخر بوقف العمليات العكسرية
يتبقى السؤال ... من سيخلفه هذه المرة هل طاغية سني أم طاغية شيعي ؟ أم لمرة سينتفض فيها أهل العراق الموحد ليكون هناك حاكم انسان بغض النظر عن ملته و دينه يخلص الرافدين من شرور أيد تمتد شرقا باسم الدين و غربا باسم النفط لتبحث عن مصالحها من أكباد العراقيين أنفسهم
بات من الواضح أن الطريق إلى القدس يا عرب يجب أن يمر بكل درب في شوارعنا العربية و على جثثنا جميعا و لا أعلم حين تصلون إلى القدس محررين إياها ... كم سيكون قد تبقى من شعوب عربية تحتفل بهذا الانتصار الذي استقر بجانب العنقاء و الغول و الخل الوفي كرابع للمستحيلات في ظل انقساماتكم المتكررة و خيباتكم التي لا تتعلمون منها
عايده بدر
23-6-2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط