الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديمقراطية الدم

طاهر مسلم البكاء

2014 / 8 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


منذ العام 2003 ، بدء مشوار الديمقراطية المدخلة امريكيا ً الى العراق ،ولكنها مترافقة مع سيل الدم اليومي الذي لاينقطع ولا يتوقف ، وكأنه العلامة المميزة لما عرفت لدى الشعب العراقي بديمقراطية بريمر نسبة الى الحاكم العسكري الأمريكي على العراق بعد التاريخ اعلاه ، ان الديمقراطية المتبعة في العراق اليوم بدأت تلد نتائج ان دلت على شئ فأنها تدل على عقم الديمقراطية في بلادنا وقد يفسر البعض ذلك بكونها لاتزال وليدة ،فعندما نبغي بالديمقراطية حصول التوافق ووحدة الشعب ونجد ان أصوات الطائفية تبرز من خلالها، فهذا دليل على أنها لاتسير في الطريق الصحيح ،وكذلك عندما نجد أن المسؤول المنتخب في البنية النيابية الوطنية لايدافع عن وحدة البلاد وكرامتها وديمومة مؤسساتها بل أنه يدافع عن منظومة ضيقة قد تكون حزبا ً أو كتلة أو طائفة مما يهدد نسيج البناء الداخلي للبلاد ويولد الفوضى بلباس الديمقراطية . وعندما يجد الأرهابي والسارق والمخرب المجال واسعا ً للنيل من امن البلاد ومواردها بأسم الديمقراطية فهو التطبيق البليد للديمقراطية .
والسؤال المطروح الأن هل ان هذه الديمقراطية (بشكلها المطبق حاليا ً ) قد افادت العراقيين في :
- تمتين وحدتهم الداخلية .
- تحسين اوضاعهم الأقتصادية والمعاشية .
- استباب الأمن والشعور بالأطمئنان والأستقرار .
- زيادة قوة ومنعة الدولة وبروز هيبتها داخليا ً وخارجيا ً .
- تقدم العلوم والبناء والعمران .
- ازدهار الصناعة والزراعة والتجارة .
- انخفاض الفساد السياسي و المالي والأداري .
والجواب الواضح يعرفه كل العراقييون والعالم ،وهو ان شيئا ً من هذا لم يحصل بل ان ماحصل هو العكس في جميع هذه النقاط ،فالوحدة الداخلية اصبحت مهددة رغم النسيج المتين الذي كان يربط العراقيين لآلاف السنين ، والأوضاع المعاشية اصبحت صعبة وان نسب الفقر عالية جدا ً وهي في تصاعد ،والأمان مفقود حيث المفخخات والأنتحاريين الأغراب يتجرئون على تراب العراق وحدود مفتوحة لمن هب ودب ،وهيبت العراق الخارجية لااوضح على وصفها بأن دول مجاورة كان يخيفها اسم العراق تقوم اليوم بالتنزه والفرجة على جثث ابناءه الذين يموتون يوميا ً بفعل مؤامراتها دون ان يقال لها اف ٍ .
اما ما يخص العلوم والعمران فحدث ولاحرج حيث تبدو بغداد عاصمة العراق اشبه بمدينة اشباح مات فيها البناء واستفاق فيها القتل والمفخخات والأرهاب .
والصناعة توقفت واصبحت الأسواق تعج بالمستورد ولا وجود للصناعة المحلية وقد دمرت المصانع التي كانت قائمة ووزع كوادرها لكل من يرغب من الوزارات الأخرى ، المهم ان لاتكون هناك صناعة !
وحال الزراعة اسوء من حال الصناعة بكثير ،فاذا استثنينا المجهودات الفردية لبعض الفلاحين فلا اثر لأي جهد على مستوى الدولة لدعم الزراعة التي هي الأساس في توفير لقمة العيش الكريمة وخاصة وقت الشدائد وهذا ما برز واضحا ً ابان الحصار الظالم على العراق ،واسوء ما نشاهده اليوم هو امتلاء اسواقنا بمنتجات البلاد الصحراوية فيما تكون اراضينا الزراعية تبكي الأهمال .
ديمقراطية ام مهزلة :
ان هذه الديمقراطية التي تؤخذ اليوم بالبلاد من سيئ الى اسوء يتوجب مراجعتها ونقدها بشدة من قبل العراقيين لمعرفة مدى فائدتها ومدى ضررها لمستقبل البلاد ،على اعتبار انها يتوجب ان تكون المحرك الرئيس لجميع فعاليات العراق ،غير ان وضوح تخلف وتوقف هذه الفعاليات وتؤخرها بالمقارنة مع الأخرين يعتبر مؤشر كبير على فشل هذه الديمقراطية وعدم ملائمتها لبلد مثل ظروف العراق .
وليس افضل دليل مما نراه اليوم مما حل بالبلاد من تجرؤ لمجاميع ارهابية شبيهه بالعصابات وقطاع الطرق ،على احتلال اجزاء واسعة من البلاد وتطاول فئات محسوبة على العراقيين على الأنتفاع بما يتعرض له الوطن من محنة ،والأرذل من كل ذلك هو مواقف السياسين الذين يقودون البلاد اليوم والذين لايزالون لم يستشعروا الخطر المحدق بل انهم مافتئوا يتكالبون على المناصب والمنافع الشخصية والحزبية متناسين القتل والمآسي اليومية التي يتتعرض لها العراقيين في عموم البلاد ،ان البلاد لاتزال سائبة منذ اكثر من عام ببركات هذه الديمقراطية ،حيث ان الحكومة السابقة قد استنفذت حيلتها في مواجهة المشاكل الكبرى القائمة والآنية ،والحكومة الجديدة لاتزال لاتدرك شيئا ً مما يحدث وليس بيدها اي سلطة وهي تصارع للوقوف على قدميها امام نهم الطامعين
الأمل في المستقبل :

من يكون قادر على الحد من مساوئ الديمقراطية ؟
أن لنا بشعب العراق الذي واجه مختلف المحن وبمرجعياتنا الدينية في عموم العراق وبرجال العراق الشرفاء ثقة كبيرة في ممارسة نقد الواقع العراقي الذي يعود القهقري، فيما العالم اليوم يتقدم بسرع كبيرة ،نناشدهم بتحمل مسؤلياتهم الشرعية وتدارس واقع العراق نحو أسلوب عصري لايعتمد المقاييس الحالية الفاشلة ،بل يعتمد الديمقراطية التي تتناسب وظروف البلاد وتبنى على الكفاءة والتحصيل العلمي الحقيقي وليس المزور والسمعة الحسنة والخبرة والممارسة في من يتصدون للمسؤلية القيادية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يتجه الشرق الأوسط نحو صراع شامل؟ قراءة في رسائل خامنئي


.. بعد تعرضها لخسائر فادحة.. هل غيرت إسرائيل أهداف حربها على لب




.. مظاهرة في بنغلاديش ضد الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان


.. تسريبات صحفية: نتنياهو يرى بايدن ضعيفا وإسرائيل لم تطلع أمري




.. سحب دخان تغطي مناطق في بيروت خلال ساعات الصباح الأولى بسبب ا