الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرة التفاهم... تحليق في ليل مظلم

محسن احمد

2014 / 8 / 26
مواضيع وابحاث سياسية



مشروع مذكرة التفاهم المرسلة من هيئة التنسيق الوطنية إلى بعض قيادات جبهة التغيير والتحرير والتي تنص على تفاهمات ( وطنية ) مشتركة والتي وافقت عليها جبهة التغيير والتحرير بمختلف قواها ماهي إلا خطوة خطيرة لى الوراء .
خطوة تعمق الهوة بين قوى التغيير السلمي في طريق اضمحلالها وتؤكد أن قضية الانقسام الوطني لم تكن راسخة بالمعاني الواضحة لدى غالبية كوادر وقيادات هذه القوى ...
مشروع التفاهمات نصر احادي لمفاهيم هيئة التنسيق ( وكان اعتقادي بأنها تسير بخطى حثيثة نحو تنسيق ذاتها ومفاهيمها ) وثأرية ضد السلطة لقوة مركزية في جبهة التغيير والتحرير وتلبية لطموحات لتيار اضمحل بذاته فلم يعد لديه من الهواء الا القليل فوجد في رياح التنسيق شهيقا له ، وتيارنا أحس بالعزلة فانجرف مع الموجة .... وهكذا اعتمدت ورقة التفاهمات المشتركة مع الهيئة ودخلت قوى التغيير السلمي في طريق تبديل مسارها ..إلى مسارات أخرى..
ولمعرفة النتيجة السابقة لابد من الوقوف عند القضايا التالية :
• الورقة ... ليست تقاطعات مفاهيمية بين الطرفين :
في جميع دعواتنا السابقة كنا نصر على عمل المعارضة المشترك ، والبعض الان يوجه لنا اللوم كيف كنا ندعي للعمل المشترك وعند أول تفاهمات بين قوى المعارضة نقف ضدها، ولبيان ذلك نقول بأن العمل المشترك يتم على الحد الادنى لتقاطع المفاهيم والبرامج ، دون تخلي أي طرف عن مفاهيمه وعلى الاقل دون تخلينا عن مفاهيمنا المركزية .. فالتقاطعات تكون في الرؤى السياسية لتحديد الاوليات الراهنة ( التكتيكية ) وليست في المفاهيم المركزية ، وورقة التفاهم المشتركة عملت بحسن نية أو سوء نية لتذويب مفاهيم قوى التغيير السلمي في الرؤيا المفاهيمية لهيئة التنسيق ضمن المسائل التالية:
1. ورد بمذكرة التفاهم (ويهدف الطرفان إلى التغيير الجذري الشامل ... وعلى طريق هذا الهدف يلتزم الطرفان بالحل السياسي التفاوضي الذي بدأت مسيرته في جنيف وبضمانات دولية لعميلة ونتائج المفاوضات ) لم يعد على ما كان يسمى قوى التغيير السلمي أن تقول بأنها لم تتنازل عن مفاهيمها حيث كان فكرة الحوار الوطني أحد أهم الاسس لديها في مفاهيمها (وعليه، تعتبر قوى التغيير السلمي المعارضة أن مواجهة الأزمة لها الأولوية الحاسمة، ما يفرض توجيه كل الجهود من أجل الخروج منها بأقل التكاليف. وذلك: بالدعوة إلى حوار وطني شامل، وإجرائه فوراً بمن حضر) ولكي لا يقلل البعض من اهمية الموضوع ، علينا إدراك الفوارق الشاسعة بين التفاوض ( الذي يجري بواسطة وسيط ما ) وبين الحوار الوطني الذي يتم بلقاء كل الاطراف دون وسيط ، عدا عن أن ّ فكرة الحل التفاوضي المتفق عليها تماما بين هيئة التنسيق وبين الائتلاف الوطني دون أدنى خلاف بين الطرفين والآن تنضم لهم جبهة التغيير والتحرير، ولنتذكر جميعا بأنّ من يقف لدعم هذه الرؤيا هي قوى امبريالية وصهيونية وخليجية والفكرة اساسا تتضمن الاقصاء الكلي للنظام السوري دون إدراك النتائج الكارثية المترتبة على ذلك بصفته ( نظاما اجتماعيا) وابسط هذه النتائج هي الدخول في حرب اهلية طويلة الامد ، وكانت قوى التغيير السلمي ادركت ذلك سابقا بقولها في منظومتها المفاهيمية (معارضة جادة وشاملة للنظام في طبيعته وبنيته الديكتاتورية والقمعية، والإرادة الحقيقية بضرورة تغييره إنما بصورة سلمية، وعبر الحوار الوطني الشامل، وهو شريك فيه، وشريك في كل الإتفاقات القانونية والدستورية والتشريعية حول المرحلة الإنتقالية، وطابع النظام الديمقراطي المطلوب لسورية. وله الحق الكامل في العملية الإنتخابية، وإن برزت أي فرصة لنجاحه جزئياً أو أكثر من ذلك (كاملاً) فسيكون ذلك حقه، وسيكون في هذه الحالة نظاماً مختلفاً بتأثير كل الضغوط و التطورات، وبإشراف الأطراف الضامنة، والصيغ الديمقراطية الجديدة ) وعليه هناك تنازل عن هذه الرؤيا لصالح القناعات التي تصب في محور الائتلاف الوطني وتوابعه السياسية ... أما اذا اراد البعض الاجتهاد في رؤية المخرج الجنيفي للازمة بقراءة خاصة فله كل الحق، لكن عليه أن لايتخيل أنّ لهيئة التنسيق ذات القراءة ، فرؤيتها واضحة في برنامجها بذلك وهو الاقصاء الكلي للنظام السوري وهو ماكان يجب أن يناقش اساسا بين جبهة التغيير والهيئة ، أما الذوبان في مفاهيم الهيئة لأغراض واضحة يريد البعض منها تجذير ذاته في معارضة يؤكد على أن المسار السلمي لقوى التغيير السلمي كان أقرب للبراغماتية والأبعد عن القناعة الحقيقية.
2. ورد بالمذكرة ( نظام ديمقراطي تعددي ضمن دولة ديمقراطية مدنية على أساس مبدأ المواطنة المتساوية لجميع السوريين بغض النظرعن هوياتهم العرقية والدينية والمذهبية) وللتذكير بأن أول من طرح مفهوم الدولة الديمقراطية المدنية هم جماعة الاخوان المسلمين وأكدوا على ذلك بأدبياتهم منذ عام 2005 وفي مؤتمر القاهرة صيف 2012 ودافعوا دفاعا مستميتا عن ذلك فكيف توافق جبهة التغيير على ذلك، وكل قواها تتدعي العلمانية واليسارية .. أن توافق هيئة التنسيق على ذلك هو أمر مفهوم جدا ضمن تركيبتها القومية الاقرب للدينية والتي ترفض بالعموم الدولة العلمانية وتدافع مع الائتلاف الوطني عن مفهوم الدولة المدنية يقول د.سربست نبي في ذلك ( مفهوم الدولة المدنية يمثل تحريفا للشروط النظرية والايديولوجية للدولة الحديثة......... والحديث عن الدولة المدنية اشبه ما يكون بالثرثرة الفارغة عن الماء السائل وهذا الاختراع لايمكن أن ينسب إلا للمعارضات العربية عموما والاسلامية بوجه الخصوص ) وفي حديثه عن تلك المعارضات الاسلامية ومفهوم الدولة المدنية يبين ( إنها تتحين من وراء هذا المفهوم الزائف احتواء التغيير الديمقراطي الحقيقي والملح ولي عنقه نحو فخ المفاهيم الايديولوجية الفضفاضة كي تنقض عليه تاليا وتنسفه بترسانتها الايديولوجية التكفيرية) وهذا غيض من فيض حول الدولة المدنية.
وكذلك جاء النص بدلالات واضحة وخطيرة مؤكدا على مفهوم الدولة المدنية أما برأي المطلوب هو دولة ديمقراطية علمانية تقوم اساسا على مبدأ فصل الدين عن سلطات الدولة فالسياسة باتت واضحة للجميع بأنها شأنا عاما دنيويا، مرتبطة بحركة الحياة اليومية ومصالح الامم والأفراد بالتالي ليست هي شأنا الهيا منصوصا عنها بآيات وهذا هو الجوهر المهم في العلمانية العموم .
وكذلك لو دققنا في مذكرة التفاهم لوجدنا أنها نحاول التعريج على أمر خطير وهو دولة المواطنة المتساوية بالنسبة لجميع السوريين بغض النظر عن هوياتهم الدينية والمذهبية ، كان ممكن الاكتفاء بعبارة دولة المواطنة المتساوية لكن التعريج على ذلك ليعكس حالة الدولة المدنية ( الدينية) للمفهوم السابق ففي حال سيطرة القوى الدينيية على السلطة السياسية ستغدو الفقرة اللاحقة لامعنى لها لانها لن تتحقق المواطنة المتساوية ومن الدلالات الخطيرة كذلك على الفقرة السابقة أنها تعكس عموما آلية النفكير والهواجس والحس الطائفي لدى الهيئة.
3- من التفاهمات المشتركة: ( نبذ العنف وتواجد المسلحين غير السوريين ) هذا نموذج للغناء المرفق بموسيقا صاخبة لكنه نشاز وشاذ بكل المقاييس ، والسؤال ماذا عن المسلحين السوريين ( جهاديين وغير جهاديين ) ...ألا يتوجب الامر بشكل واضح نبذهم أم أن الهيئة لازالت ترى بما يسمى الجيش الحر فصيل من فصائل ما يسمى الثورة أليس من الاجدى كان رفض حمل أي سلاح أو امتلاكه وحصره بالدولة تحديدا .... وماذا لو قدم أحدهم غدا ليقول لنا أن الجبهة الاسلامية على سبيل المثال ليست من القوى الاصولية التكفيرية!!!! ألا يتناقض ذلك بالمبدأ مع مفاهيم قوى التغيير السلمي التي لا تشرع حقوقية حمل السلاح واستعماله إلا للسلطات حصرا وترفض بالمطلق ازدواجية المؤسسات أو مؤسسات بديلة فماذا بشأن الجيش السوري ؟ . وأين اصبحت قوى التغيير السلمي من مفاهيمها في ذلك ....
4- ( رفض أي تدخل خارجي بالعموم ) هو أمر غير مقبول الحديث عنه في الصراع الراهن في معادلة الصراع الراهن فالطرف الاصولي قد استدعى مجاهدين منذ اليوم الاول من تحول الحراك إلى حراك مسلح واستدعى دخول اجهزة مخابرات تركية وخليجية وامريكية عدا عن التدخل الخارجي المباشر والعلني من خلال الدعم المالي والأسلحة والعتاد والتسهيلات اللوجستية لما يسمى بالجيش الحر والاصوليين وبعدها تم تدخل جزئي من حلف مايعرف بالمقاومة ... وبرأي في حال تقدم الجبهة الاصولية الفاشية ( محور داعش والنصرة و الجبهة الاسلامية ) يكون عندها استدعاء الحلفاء ضرورة ملحة لمواجهة تقدم هذا الخطر ليس دفاعا عن السلطة الامنية المستبدة ولكن كي لا ندخل البلاد في اتون حرب أهلية تدخلنا و نفق مظلم غير معروفة المدة والنتائج وتؤدي تلقائيا إلى التقسيم الكانتوني.
5- ( موضوع أوهام الحل العسكري) كنا في قوى التغيير السلمي نعتقد جازمين بأن الازمة الوطنية السورية مستعصية على الحلول العسكرية بسبب ( التوازن النسبي الخارجي والداخلي ) لكننا حين ادركنا تقدم قوى الجبهة الاصولية بمختلف فصائلها وما تمثله من خطورة فإننا دعونا إلى مواجهتها عسكريا وبكل السبل والطرق الممكنة وبالتالي نحن في دوامة الصراع الراهن نرى ضرورة تضافر كل الجهود الوطنية لمواجهة الخطر الفاشي الجديد وهذه المواجهة ستأخذ الشكل العسكري اساسا سواء عبر الجيش السوري أو المقاومات الشعبية على غرار ما يحدث في ريف دير الزور وعليه يجب العمل على الحسم ( العسكري) على هذه الجبهة وملحقاتها المسلحة ولا يمكن اجراء أي تسوية سياسية معها.
• قضايا خطيرة لم تتطرق لها الورقة المذكورة:
من أهم القضايا الخطيرة التي تركت عائمة في الورقة المذكورة والتي تجعل من ورقة التفاهم قابلة للمد والجزر كل حسب رؤيته هي مايلي :
1- غياب أي ذكر للدور الامريكي الامبريالي والخليجي والتركي في تأجيج الصراع الداخلي في سورية ، هذا الدور هو ما يؤدي إلى التشريد والدمار والخراب واستمرار انهار الدم السوري جارية بشكل فعلي، على الاقل غياب أي مطالبة لهؤلاء بوقف التمويل والتسليح للمجوعات المسلحة
2- غياب الموقف الواضح من المؤسسات البديلة بما تؤسس لحالة انقسام واضح للدولة السورية وبالتالي البند الاول في ورقة التفاهمات يغدو بندا انشائيا بحتا غايته تضليلية أكثر منه فعلية وبالاخص حين لايأتي على تحديد موقف من الجيش السوري فالهيئة ترى فيه ( قوات النظام ) وبالتالي موقفها من الجيش الحر ( الاسلامي المذهبي) يبدو مفهوما. وقد كان الامر موضع خلاف
3- عدم العودة للبحث في المفاهيم الخلافية ( حراك ، ثورة) وعدم وضع تصور عام للوضع الآني وقد كنا سابقا نأخذ على الهيئة عنعناتها بالمواقف ولكن الهيئة استطاعت أن تجر قوى التغيير السلمي إلى تلك العنعنات ... فالورقة في عمومها تحمل عنعنات غير محدودة وسيلجأ كل طرف إلى تفسيرها بطريقته الخاصة وبما يلائم مصالحه الآنية...
4- عدم تحديد أي موقف من القوى السياسية المعارضة وتحديدا من القوى التي تدعم التدخل الخارجي وتستجلب السلاح والأموال للجهاديين السوريين.
5- عدم التحديد في البند الخامس من هي القوى القوى التكفيرية والأصولية مما يترك المجال للاجتهادات والتأويلات ...
6- لم تتطرق الورقة إلى ما يعرف بالانقسام الوطني الذي هو الاساس التي تقوم عليه قوى التغيير السلمي .
في النتيجة نجد أن قوى التغيير السلمي في مشروع تفاهماتها مع هيئة التنسيق تخرج من ثوبها السابق برمته لتنهي دورهها ولتدخل بدون اضواء في ليل مظلم ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تأخذ استراحة بشكل صحيح؟ | صحتك بين يديك


.. صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة




.. أمام منزلها وداخل سيارتها.. مسلح يقتل بلوغر عراقية ويسرق هات


.. وقفة أمام جامعة لويولا بمدينة شيكاغو الأمريكية دعما لغزة ورف




.. طلاب جامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس الأمريكية ينظمون مسيرة