الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حفل تخرج

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 8 / 27
كتابات ساخرة


لم أحضر حفل تخرجي من الجامعة..و تلك الصورة التي يمتلكها الكثيرون و يتباهون بها دوماً و هم يرتدون زي تخرجهم لم أمتلكها يوماً..لماذا؟؟..الإجابة طويلة بعض الشيء و قد لا تهم أحداً غيري..لهذا سأسردها لنفسي بكل المتاهات النفسية التي قد تكون تمتلكها بين ثناياها.

لم أحضر حفل تخرجي لأني شعرت أني لا أملك حينها هويةً لتكون حاضرةٍ في حفل تخرجها..مجرد قطعة أخرى من السواد المتحرك..لا يميزها أي شيء..حتى الفكر الذي قد تكون تحمله بين جنباتها لن يكون ظاهراً للآخرين في ملامح وجهها و لن يكون حتى ظاهراً في صور حفل تخرجها..جسدٌ يرتدي زيٍ تقليدي يتدثر بالدين مُحتالاً ليطمس الهوية كما الروح.

لم أحضر حفل تخرجي لأن الفتيات كان من المقرر أن يقفن في الصفوف الخلفية كما الجواري خلف صفوف الخريجين من الذكور..هذه حياتنا..ظل..جسدٌ يتبع الذكر حتى لو كانت صاحبة ذلك الجسد الهش تتفوق على سيدها فكرياً و أكاديمياً و حتى اجتماعياً فستظل غالباً تقف خلفه..و الحجة الظاهرة لذلك الأمر كانت و ستكون حتى لا ينظر ذلك الذكر إلى ما لا يجب النظر إليه!!..و الحقيقة هي لكي تتعلم دوماً أنها ستكون خلفه و هناك ستظل.

لم أحضر حفل تخرجي لأن لون زي التخرج تم اختياره بحرص ليكون أكثر الألوان كآبة لكي لا نبدو مقبولات المظهر حين نرتديه..و هكذا يجتمع سواد المظهر الخارجي مع قتامة لون زي التخرج لينجبا لك صورةً كئيبة عن المستقبل الذي من المفترض أن نخدع أنفسنا به حالمين بأنه سيكون مشرقاً و لو قليلاً.

لم أحضر حفل تخرجي لأن ثمانية أشخاص من العشرة الأوائل على الدفعة كانوا من الفتيات و لكن من ألقى كلمة الخريجين كان أكثر الطلاب تعثراً في دراسته فقط لأن صوت المرأة عورة و لا يحبذ أن تُلقي الكلمة أنثى..و كأني بالحضور لو ألقت عليهم الكلمة أنثى لكان أصابهم سعارٌ جنسي سيجعلهم عليها ينقضون!!.

لم أحضر حفل تخرجي لأن المقاعد في الصفوف الأولى في قاعة التخرج تم حجزها لأقرباء و ذوي الطلبة من الذكور أما الأمهات فلقد تم إلقاؤهن في الخلف كسقط المتاع..و هو إلقاءٌ تحضيري يعودنا على ما سيفعله الرب بنا و بهن عندما سيلقي بنا جميعاً كإناث لجهنم لنتوحد معها فتزداد اشتعالاً فتُعذب باحتراقنا عصاته في وقتٍ يسعد فيه الذكور بحور الرب بعد أن تتم جريمة التخلص منا بموافقة الرب.

لم أحضر حفل تخرجي لأن هناك في الصف الأمامي كان يجلس الكادر الأكاديمي الذي قام بتعذيبي لأعوامٍ أربع فقط لأني لا أتفق كثيراً مع مناهج جامعية تحرص على تجهيل الفرد و ترسيخ العبودية إما للفكر الواحد أو للدين الواحد و إما للقائد الأوحد..كادرٌ تعليمي يُتوقع مني أن أنظر إليه نظرة امتنان تختلط بالكثير من التبجيل فقط لأنه حاول جاهداً منحي نعمة الجهل.

شاهدت قبل فترة حفل تخرج إحدى الدفعات من الجامعة الأمريكية في دبي..كان الخريجون فيه ذكوراً و إناثاً مصطفين بجانب بعضهم البعض و سعادة حقيقية ترتسم على ملامحهم..لم يكن هناك من ينظر إلى الآخر الملتصق به تقريباً متحرشاً بل كان الجميع ينظر إلى الأمام و نظراته تبحث عن والديه أو أقربائه بعينين تمتلئان فخراً و سعادة.

بعد هذا كله أي حفل كنت سأحضر!!..هل كنت سأحضر حفلاً يُخضعني للآخرين و يطالبني رغم كل ذلك الخضوع الظاهري كما الباطني أن أشعر بالسعادة بل أدعو أفراداً من أسرتي ليوثقوا تلك اللحظة التي ما هي إلا لحظةٌ أخرى من لحظات عبوديتي!!..لهذا السبب لم أحضر و لم أشعر بالندم يوماً لذلك الأمر..كل ما تمنيته هو لو كففت عن تكاسلي فأقوم بتصميم زي تخرج يروق لي لأذهب لألتقط صورة لي و أنا له مرتدية دون أي إذلالٍ علني لا أحتاج إليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السلام عليكم. .
عمر ( 2014 / 8 / 27 - 12:00 )
هنا لايمكنني إلا أن أقول لابأس عليك أخيه. .
اليمن الحبيب. .ما زال يصدر القبلية منذ مالك بن فهم وإنهيار سد مأرب. .
الذي يوقعني في حيرة مربكة. .ذلك النقيض الفكري العجيب الذي لا يمكنه التواجد في مقهى واحد! !
كيف لسليلة الماركسية الجنوبية واللبرالية الشمالية عجزها عن دحر منظومة القبيلي في اليمن بينما نجحت بعض دول الخليج في القضاء على بعض مظاهره إنموذج البحرين وعمان ؟!
ثم كيف إستطاعت هذه القبلية أن تركب على قمة الهرم الإسلامي لتشوه الجانب التنويري فيه وتحيل البعض من مناطق اليمن إلى ثكنات للإرهاب بأسم الدين والتناحر الطائفي ؟!

لقد كانت اليمن في طليعة مصدرين الأفكار التحررية في الستنينات والسبعينات -رغم تحفظي الشخصي على بعضها - إلى دول الخليج إلى أنها فشلت هى من حيث نجح الأخرون في التأقلم الواقعي معها. .

اخر الافلام

.. وفاة أسطورة الموسيقى والحائز على الأوسكار مرتين ريتشارد شيرم


.. نحتاج نهضة في التعليم تشارك فيها وزارات التعليم والثقافة وال




.. -الصحة لا تعدي ولكن المرض معدي-..كيف يرى الكاتب محمد سلماوي


.. كلمة أخيرة - في عيد ميلاده.. حوار مع الكاتب محمد سلماوي حول




.. لماذا تستمر وسائل الإعلام الغربية في تبني الرواية الإسرائيلي