الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رثاء الى نخلة سومرية

سعد محمد موسى

2014 / 8 / 27
الادب والفن


رثاء الى نخلة سومرية
سعد محمد موسى
ذات ليلة موحشة وممطرة في مدينة ملبورن كنت أتدفأ أمام موقد خشبي في مقهى ، وأنا كنت أتذكر الحكمة الشعبية والوجودية والتي

كانت أمي غالباً ما ترددها في أيام الازرك والعجيز اثناء قساوة الشتاء .
وهي تقول
!!(تاري النار جنة والمومن جذب)
حين كنت طفلاً في التعويذة السابعة المحفورة فوق حجر الفيروز (أم سبع عيون) والمعلقة فوق رازونة غرفتنا الطينية . وأنا كنت أشاهد أمي وأساعدها أحياناً وهي كانت تعمل كالنحلة دون توقف وهي تملأ سطلها النحاسي بمياه الامطار التي كانت تهطل بغزارة وسط حوشنا القديم في شارع عشرين حيث مدينة الناصرية.
ثم تلقي بالمياه خارجاً فوق رصيف الشارع ويتكرر هذا المشهد والصراع مع المطر ومع الفقر.
خشية من غرق الدار بالامطار حين تتساقط بغزارة.
بعدها تستريح أمي قليلاً حين تشعر بأن أطرافها قد تجمدت من البرد القاسي فتعود لتتدفاً على لهيب النار الزرقاء الناعسة فوق صوبة (علاء الدين) النفطية في غرفتنا التي شيدها الوالد قبل وفاته من الطين والتبن وجذوع النخيل والسعف وجعلها غرفة اليفة رغم بساطتها .. كي يمنحها هدية زواج سومري الى زوجته الجميلة.
لك ينابيع المحبة والسلام
يا فاطمة الطيب أيتها الام العراقية والتي مافرقت يوما مابين أطياف العراقيين أو البشر في كل مكان
يا نخلة شامخة فوق ضفاف رافدين الله حتى وأن اعوج جذعك .. فذلك هو انحناء النبل والطيبة لانك كنت تمنحين أعذاق الرطب في مواسم العطاء الى الجياع.
...

وحين كنت أحرث في حقل الذاكرة كانت تستحضرني مقتنيات أمي من صور الانبياء والائمة والقديسين، التي كانت تتوسط الجدران أو تركن في الزوايا.
وكآن مقام الغرفة الطينية كان مثل متحف أو محراب هناك
...
أتذكر في منتصف الجدارالذي كان يقابل باب الغرفة الخشبي المطلي باللون الازرق التركوازي . كانت هنالك صورة للنبيّ محمد وهو كان يحمل القرآن وخلفه كانت هالة نور تشع من الفضاء .. وتليها صورة أخرى الى ابن عمه الامام عليّ وهو يحمل سيف ذو الفقار وامامه صورة للاسد المهيب وعلى جانبيه كانا يقفان ولديه الحسن والحسين
وصورة أخرى لفاجعة كربلاء وهي تجسد شخصية الحسين حين كان يحتضر بكرامة مع فرسه البيضاء الجريحة في معركة الطف وحيداً . وكانت مأساة عاشوراء من أكثر التراجيديا التي أثرت في طفولتي وأنا كنت أتسائل عن سبب المعاناة والالم في هذا الوجود !!؟؟
ومن ضمن الصور الملصقة التي كانت في البوفية الخشبية القديمة والمصنوعة بمهارة وطراز انكليزي فكتوري . كانت هنالك صورة
للمعيدية (موناليزا سيدة الاهوار ) والتي كانت تمثل اسطورة شعبية لفتاة عراقية فاتنة الجمال وقع بغرامها ضابط انكليزي في زمن الاحتلال البريطاني للعراق آنذاك.
وكانت هنالك أيضاً صورة غالباً ماكانت تثير فضولي كانت معلقة في منتصف الجدار المقابل أمام باب الغرفة وهي تمثل عيسى مصلوباً وخلفه كانت سماء داكنة وعاصفة وتحت صليبه كانت أمه مريم تبكيه بقلب ينزف الدم والفجيعة
وكذلك صورة أخرى كانت في زاوية الغرفة يظهر بها آدم وحواء مع شجرة التفاح والافعى الماكرة في الجنة.
ثم لوحة النبي موسى بوقاره وقوة جسده المفتول العضلات وهو يحتضن الواحه.
...
وكانت هنالك أيضاَ تمائم وأحجار تحب أن تجمعها أمي.. مثل المسبحات وترب الصلاة وأحجار أم سبع عيون وقلائد الحرمل ومخطوطات وأدعية ونذور وحروز.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-