الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضرورة تثقيف المثقفين

بشير شريف البرغوثي
مؤلف

(Bashir Sharif Bargothe)

2014 / 8 / 28
مقابلات و حوارات


يرى الأستاذ فؤاد قنديل أن " من المؤكد ان الأنسان لم يهتد الى الفن و الأدب الا بعد ان انتقلت حياته من حالة الضرورة التي تقتضيها غريزة البقاء بتوفير الغذاء و السكن و المأوى و الأمن الى حالة الحرية حيث يستطيع ان يتأمل الوجود بينما يعيش فترة من الدعة بعيدا عن كل تهديد "
لكنه لا يلبث بعد ذلك ان يتحسر على دور الشعر و الادب و الفن في تحريك الجماهير .. يعني ان الفن و الادب لم يعودا ترفا ذهنيا و نتاج ذهن مسترخ في بحر من الهدوء بل دخلا معركة بقاء الناس و اصبحا جزءا من محاولة خلق حياة الاطمئنان و الدعة للجميع
ليسمح لي الاستاذ فؤاد بالقول ان مقدمة الدعة غير صحيحة اطلاقا حتى لو تمت مقابلتها بهرم الحاجات عند ماسلو وبفهمه و من شاكله لضرورة تحقيق الحاجات الدنيا قبل الحاجات العليا للانسان
لا يمكن الحديث عن الادب و الفن خارج اطار الثقافة .. الثقافة بمفهومها المعاصر و البسيط " كطريقة حياة " كما هي عند الامريكيين و كما هي في الواقعية و مذاهبها و كما هي في ثقافتنا العربية حيث الثقافة لغة و اصطلاحا هي البحث و التحصيل و الاكتشاف و التقويم او التجهيز للاستعمال . هذا المفهوم للثقافة تم قتله من قبل المثقفين العرب جميعا لصالح المفاهيم النخبوية للثقافة و الفن و الادب
و بدهي ان تؤدي الرغبة في الحصول على وضع نخبوي الى اغتراب المثقف المنتج عن جماهيره محاولا تحسين وضعه المعاشي اولا و هذا جنوح موضع ترحاب من السلطة و الحكام بطبيعة الحال
و فاقم هوة هذه الغربة ان مصادر الثقافة عند المثقفين العرب غريبة اصلا عن ثقافة الجماهير المتأصله في لاوعيها الجمعي , فالخطاب عند العرب يشمل معهود الكلام كله في مجال ما على حين انه الى عهد قريب كان مقصورا في الثقافة الغربية على المحاججة فقط ! و النقد عند العرب نقر خفيف يؤدي الى سرعة تمييز الزائف من الاصيل على حين انه عند الغرب محاكمة للقول بل و ربما للقائل ايضا , و غني عن القول ان لا ثقافة و لا ادب و لا فن دون وجود قاعدتي الخطاب و النقد
اما البحث فهو مرتبط عند العرب بالحفر و الغوص و التنقيب كما هو عند ميشيل فوكو و لكن مثقفينا العرب جنحوا الى الاخذ بالانتشار الافقي للبحث كما هو في الجامعات الكنسية فلا يأمن الباحث على نفسه الا ان زّج بمرجع بين المرجع و المرجع كي لا يتحمل وزر الاتيان بشيء جديد فاصبحت دراساتنا كلها مجرد اضافات كمية من نفس الشيء و قتل الابداع في الجامعات التي كان يفترض ان تكون حاضنته .
ان من السهل ان نتحدث عن القمع السياسي و الديني و حتى الاجتماعي كمعيقات و محبطات للثقافة بكل اركانها و لكن ذلك لا يعفينا ابدا من ضرورة تزويد انفسنا بما يلزم من ذخيرة معرفية اصيلة لمواجهة كل ذلك و ذلك باعادة تأهيل الكّتاب و اعادة تثقيف المثقفين , فالمثقف الاصيل لا يهزمه الا نفسه !
و عندما اجد استاذ اعلام عربي يقول في كتاب مرجعي ",, و لعل ابن خلدون قد التفت الى نظرية تشومسكي " و ذلك في سياق حديثةعن الكفاية اللغوية ...
و عندما اجد ناقدا عربيا يقول انه لا يجد معنى عربيا لكلمة " السيمياء " !!! و كأنه لم يسمع كلمة سيماهم و لا سمع بعلم السمة و الدلالة ..
و حين ارى مئات النماذج التي تدل على تشوه ارحام الثقافة .. فانني لا املك الا ان ابرّيء السلطات كلها من دم الثقافة و الادب و الفن !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتلال يقصف خيمة للنازحين في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة


.. أتلتيكو مدريد يعلن عن توقيع الدولي الإسباني أليكس باينا مع ا




.. مقترح أميركي ناري.. قنابل خارقة إلى إسرائيل ضد إيران


.. مفاجأة إسرائيلية كبرى.. تنسيق مع الروس ضد إيران




.. 47 قتيلا في غزة بينهم مدير مستشفى وأفراد من عائلته بنيران إس