الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفنان الحجي , والفنانة الحجية

عادل الخياط

2014 / 8 / 28
الادب والفن


ستايل او مودة الحجاب والتبرقع والزق الأسود التي طغت على المجتمعات العربية والإسلامية عموما قد جرفت في ثقافتها الرجعية كل صنوف تلك المجتمعات , وطبعا لكون تركيبة تلك المجتمعات متخلفة إجتماعيا ونفسيا وتربويا وتعليميا وإقتصاديا و ... فإنها سوف تكون بيئة مثالية لجميع الثقافات الطقوسية الخرافية , التي سوف توصم العلوم والفنون والآداب وكل ما هو حضاري بالوصم الكافر أو المتمرد على اصول الدين !

تلك المقدمة تكتنفها تشعبات ليست هذه الموضوعة مجالا لتناولها , لكنها تلقي بعض الضوء على جزء يسير من موضوعة الفن كإيقاع جمالي تمارسه جميع تشكيلات المجتمع البشري , بما فيها الدينية واللا دينية .. على سبيل المثال : الطقوس الحسينية " القراءات والنواعي والردات والتشابيه والتجويد القرآني والترانيم المسيحية .. جميعها تُعد من ضمن الإيقاع الفني من معيار ديني .. وأصحاب هذا اللون يطمحون إلى تحقيق بعض الرغائب في إيقاعاتهم تلك ,رغائب دعنا نسميها غيبية , رغم ان تلك العمومية غير منطقية , كون طموح هؤلاء يخضع للمال والجاه والشهرة وغيرها من مغريات الحياة , لكن دعه - هذا اللون - دعه مقترناً بالجانب الديني أو الغيبي حتى يمكن تحديد الإتجاه الآخر أو اللون الآخر .. اللون الآخر يمكن تسميته إنساني مدني : العمل الفني الإنساني المدني ,وهذا اللون ليس ذي صلة بمفهوم الدين أو الغيب وثواباته وعقاباته , والذين يمارسوه ينشدون للحياة والحب والتنوير بواسطة الرؤية الثاقبة والناقدة لواقع دنيا الناس بكل ما يحتويه هذا الواقع من صراعات إجتماعية ونفسية وإقتصادية وسياسية و.. ويتم هذا بكافة صنوف العمل الفني : اللحن الموسيقي بكل تفرعاته, العمل التمثيلي بجميع صنوفه , الفن التشكيلي والنحت والخ ..

غير ان الإيقاع انقلب سماءا على أرض بفعل الإستشراء الملائي الإخواني .. ومن حسن القدر ان النفوذ الإخواني قد قضمته إرادة الناس في مصر وبمساعدة الجيش - بغض النظر عن إستشراء الظواهر الدينية , فدون ريب انها ستضمحل بمرور الزمن .. في العراق تفاقم هذا الإتجاه في الجنوب والوسط والغرب بإستثناء الشمال الذي تديره حكومة مدنية .

في كل الأحوال , من كل ذلك سوف نستشف التساؤل التالي : هل وقائع مثل تلك من الممكن أن تجرف فنانا صاحب عقلية راسخة في عالم الفن نحو خرافة الدين ؟ ... نعم , و لا .. لا : لا يمكن أن تجرف فنانا مثل " مارسيل خليفة , وعادل إمام ونور الشريف ويوسف العاني وخليل شوقي على سبيل المثال , مثل أولئل الراسخين في الرؤية الفنية .. ونعم من الممكن ان تجرف الضئيل في الفن الذي إرتقى بفعل موهبة غير خاضعة للرؤية الفلسفية لعالم الفن , مثل " الحاجة أو الحجية شمس البارودي " التي تلفعت بالحجاب منذ ثلاثين عاما تقريبا , تلتها " شادية " , ثم سهير البابلي , ومائدة نزهت العراقية التي جرها ذيل زوجها الموسيقي " وديع خوندة " إلى دائرة التراويح والتعاويذ.. وغيرهم الكثير .

الخلاصة : عبد الحليم حافظ يقول القول التالي : التغيير في الآداب والفنون كان دائما ما يأتي من أوروبا وليس من أميركا , أميركا إنتفعت من ثورات الأوروبيين في الآداب والفنون " ... وتلك حقائق تاريخية , لكن القصد ليس في تمحيص حقائق التاريخ في هذا الجانب , إنما في لغة الفنان الذي يتكلم بهذا المنطق المتحضر , هذا هو الصلب , هل يمكن لفنان يهذر بلغة الروزخون ان ينطق مثل تلك العبارة ؟ مستحيل , ولذلك سوف يكون مصيره إلى عالم التلفع والخرافة خوفا من الموت وعذاب القبر !!

لكن إذا كان عبد الحليم صاحب الإغنية المدنية , والمتألق ثقافيا في عالم الموسيقى , فماذا تقول عن مطرب شعبي عراقي بسيط يتفوه بمفردة ترقى لهذا المستوى :

الفنان العراقي " سعدي الحلي " قال في لقاء على قناة الشرقية قبل وفاته , قال , بعد أن تحدثت له مقدمة البرنامج قائلة في نهاية اللقاء : نرجو الا نكون قد أتعبناك في لقائنا " فقال : " بالعكس , انا جدا ممتن لكم على هذا اللقاء , هذه رسالة في رقابنا للشعب العراقي , الفنان صاحب رسالة .."
سعدي الحلي نطق بتلك المفردات التي ترقى لمستوى رفيع من الذوق الفني , وقالها وكان في وضع يُرثى له , فقد كانت إحدى ساقيه مبتورة , وكانت زوجته قد توفت منذ فترة قصيرة , وكان إبنه خالد قد توفى في تلك الفترة أيضا , لكنه ظل يناغم الوتر بوصفه علاجا لمصائب الخلق .

في الجانب الآخر ترى مطربا عراقيا من نفس جيل سعدي الحلي , تراه متفسخا بالعقلية الدينية , رغم أنه بما بقرب الربع قرن أو أكثر غير خاضع أو مكترث للحاسوب الديني .. المطرب العراقي " ياس خضر " في لقاء على إحدى القنوات الفضائية , وضمن برنامج يُسمى " حديث العمر " تراه يقول التالي : في السنة القادمة سوف أحج إلى بيت الله الحرام , وسوف لن أترنم بأية أغنية بعد ذلك " لماذا يا سيد : لأن الغناء حرام.!... أيضا ترى
فاضل عواد يترنم بزينب والطفل الرضيع .. اصحابنا خلصوا عمرهم يتغزلون بالجمال السومري والشعر الحرير , واليوم تدغدغهم ترنيماتهم بعذابات اليوم الأخير !

هل ستكون العلمانية هي الخلاص من هذا الإضمحلال , أو السقوط المريع ؟ نعم ستكون , لكن بعد كفاح طويل مع إيبولا العصر الفتاك - الإسلاموية - .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بطل الفنون القتالية حبيب نورمحمدوف يطالب ترمب بوقف الحرب في


.. حريق في شقة الفنانة سمية الا?لفي بـ الجيزة وتعرضها للاختناق




.. منصة بحرينية عالمية لتعليم تلاوة القرآن الكريم واللغة العربي


.. -الفن ضربة حظ-... هذا ما قاله الفنان علي جاسم عن -المشاهدات




.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة