الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا و موقفها الملتبس من داعش، إلى متى؟

عبدالله جاسم ريكاني

2014 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية



المجتمع الدولي على وشك بناء تحالف دولي واسع ضد توسع داعش، يشمل العديد من الدول إبتداءً من الولايات المتحدة الامريكية إلى إيران لسحق البرابرة المتوحشين وعديمي الرحمة و الذين لم يجلبوا معهم سوى الفوضى و الدمار إلى المنطقة. و كنتيجة لهذا التحالف، فإن تركيا تتعرض الى ضغط كبير لتحكيم عقلها وتحديد موقفها من داعش، هل ستنضم الى التحالف الدولي ضدها، أم تستمر على الوقوف جانباً و كأن ألأمر لا يعنيها و تترك للآخرين مهمة التصدي لداعش.
لحد الأن، تتخذ تركيا من رهائنها التسع و الاربعون لدى داعش كحجة و ذريعة تتحجج بها لتبرير موقفها الملتبس و المشكوك فيه من هذه المنظمة الارهابية. العديد من المراقبين في تركيا و خارج تركيا يعرفون حق المعرفة، ان مسوؤلية إعادة هؤلاء الرهائن بسلام الى أهاليهم، هي من صميم واجبات و مسوؤليات الدولة التركية. ومع ذلك، فإن الموقف الحالي للدولة التركية و الذي يتجنب إتخاذ أي موقف من داعش قد أصبح موضع تساؤل و ريبة.
من الاسباب التي تدعم المتشككين من الموقف التركي هي القناعة المتزايدة لدى الاتراك و غيرهم بأن السلطات التركية قد ساعدت الاسلاميين المتطرفين المنضوين تحت راية داعش و غيرها من المنظمات الاسلامية المتطرفة في محاربة النظام السوري. وعلى الرغم من ان هذه الروابط المزعومة بين تركيا و داعش قد أصبحت مادة دسمة للمهووسين بنظرية المؤامرة و الاسلاموفوبيا حول العالم، إلا ان هناك العديد من الاسئلة التي يجب على الحكومة التركية الجديدة في انقرة الاجابة عليها إن عاجلاً او آجلاً. من هذه الاسئلة، لماذا بوسع الجهاديين الإتخاذ من مدينة ريهانلي التركية كمركز للتسوق و التبضع طيلة الفترة الماضية؟، و لماذا يعالج جرحاهم في مستشفيات مدينة هاتاي التركية؟ لماذا كان بإمكناهم الحصول و جلب الاسلحة بكل سهولة الى كل من العراق و سوريا؟ كما تناقلت وكالات الانباء نقلاً عن مصدر من الجبهة التركمانية العراقية، ان اعضاء الجبهة ألقوا القبض على ثلاث من عنتصر داعش و بعد التحقيق تبين انهم من ضباط المخابرات التركية و يعملون لصالح داعش، و هل تركيا حقاً سمحت لجهادي داعش بالدخول و الخروج من تركيا بكل حرية، بل و حتى التدريب في معسكرات تركية اقيمت لهذا الغرض؟ و هل بامكان تركيا ان ترد على ما ورد في التقرير الامني الذي صدر من المجلس القومي الامني الروسي من ان تركيا فعلاً تأوي و تدرب و تسلح داعش؟ و ما هو تفسير تركيا لوجود 1500 تركي ضمن جيش داعش ويشكلون ما بين 5-10% من قواته؟ و هل تتخذ تركيا اجراءات حقيقية لمنع الالتحاق المتزايد للشباب الاتراك قي صفوف داعش؟ و هل فعلاً الاستخبارات التركية غافلة ام مستغفلة؟.
ألإختباء وراء حجة الرهائن الترك لدى داعش اصبحت قديمة و بالية و ضحك على الذقون لان البعض من المراقبين يعتبرها مسرحية من مسرحيات الاستخبارات التركية و أنهم في الحقيقة خبراء من مختلف الصنوف يساعدون داعش في حربها ضد الشعبين العراقي و السوري.
التحالف الجديد ضد داعش يريد التأكد من ان تركيا تقف فعلاً بقوة الى جانبه. الصمت لم يعد مقبولاً بعد الان، خصوصاً وان التقارير التجريمية المتسربة من الصحافة الامريكية و الالمانية و المستندة الى معلومات من الاجهزة الامنية في هذه الدول تؤكد، ان هذه الاجهزة بدأت تراقب تركيا و صلاتها بداعش عن قرب. وإستناداً الى علاقات تركيا القديمة مع داعش و موقفها الحالي منه، فإنه سيكون من غير المفيد لرئيس وزراء تركيا الجديد ان يتشبث بموقفه المرتبك و المتأرجح تجاه داعش.
قبل اسبوعين فقط، و في مؤتمر صحفي، لم يستطع احمد داود اوغلو ان يصف داعش بالمنظمة الارهابية، بل أخذ يلوم الحكومتين العراقية و السورية بأنها هي التي خلقت الارضية المناسبة لظهور و تمدد داعش. و الأدهى و الأمر من ذلك، لم ينتقد السلطان اردوغان الذي طالما تشدق بكونه نصير الغلابة و المساكين ربيبته داعش و لم ينبس ببنت شفة حول المجازر التي تعرض لها المسيحيون و الكورد الايزيديون و بل و حتى التركمان الشيعة على يد داعش. و كان كل همه طيلة حملته الانتخابية ان يضحك على ذقون العرب السذج و الفلسطينيين المساكين املاً في الحصول على أصوات الناخبين الترك المغرر بهم من خلال التهجم على إسرائيل.
و على العكس من اوغلو و اردوغان، بدا السيد محمد قورميز الذي يشغل منصب مدير الشوؤن الدينية في تركيا، اكثر شجاعةً عندما أعلن ان ما تقوم به داعش لا مكان له في الاسلام وواصفاً متطرفي داعش بالمجانين المهووسين.
من الواضح ان اوغلو و غيره من المطلعين في أنقرة باتوا يدركون ان لحظة الحقيقة قد إقتربت. عندما يصرح وزير الخارجية الامريكي بان داعش سوف تسحق و عندما يدعو قادة الجيش الامريكي البيت الابيض الى تمزيق داعش فإنه من المؤكد على الرئيس الامريكي ان يسمح بزيادة و تكثيف القصف على اهداف المنظمة الارهابية و ان على تركيا حينئذ ان تقوم بالدور المطلوب منها ضد داعش.
حالياً، تقوم امريكا بالضغط على قطر و تركيا لقطع مصادر تمويل داعش فقط، و لكن و بسبب قرب تركيا من مسرح المعارك و عضويتها في حلف الناتو، فإن المطالب الامريكية منها سوف تزداد و من المؤكد أنها ستشمل تقديم المساعدة العسكرية و تبادل المعلومات الاستخبارية.
و في الوقت نفسه،إن كانت تركيا تعتقد بانها ان ساعدت التحالف الدولي ضد داعش خلف الكواليس و بشكل سري، وإن هذا الأمر قد ينطلي على داعش، تكون قد وقعت في وهم كبير.
مثالياً، تركيا و بمساعدة الاخرين سوف تقوم اولاً بتحرير الرهائن و من ثم تلزم نفسها بمحاربة داعش. و لكن إذا فشلت تركيا في القيام بذلك، فإن الحكومة الجديدة في أنقرة ستجد نفسها مباشرةً امام اول معضلة عويصة و حقيقية تواجهها حال تسلمها الحكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR


.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما




.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟


.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح




.. إسرائيل تقدم ردها لمحكمة العدل الدولية على طلب جنوب إفريقيا