الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوسيولوجيا الكلام ومرشحي الرئاسة

محمد عز

2014 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


كنت قد أطلقت مصطلح سوسيولوجيا الكلام منذ عام تقريباً، في إشارة إلى ضرورة وجود فرع من علم الاجتماع يهتم بالأسلوب الخطابي السائد في المجتمع. لا سيما بين النخب الجديدة، والقدرات الجدلية التي أصبحت هي المحدد الأساسي لكفاءة الشخص، ناهيك عن قدراته العقلية أو قدراته الكتابية. وفي تفاعلاتي مع عدد من النخب، ووقوفي على مدى قدراتهم على استخدام مفردات الكلام، ثم وقوفي على قدرات التفكير النقدي، والتفكير العقلاني أو الإبداعي لديهم؛ أدركت –أو هكذا أزعم- مدى قدراتهم الفائقة على استخدام مفردات الخطاب مع محدودية قدراتهم العقلية والابداعية، فهم يعتمدون غالباً على مهارة تدرس في المجتمعات الأوربية فيما يعرف "بمخاطبة الجماهير" "Public speech". حينئذ أدركت تماماً أن الكلام أصبح راس مالاً إجتماعياً بجدارة، وأدركت مقولة استاذنا الدكتور أحمد زايد" الكلام رأس مال من لا رأس مال له"، ثم أدركت أيضاً تحدث استاذنا عن بزوغ نخب جديدة -تعتمد على قدرات مستحدثة في عالم النخب أطلق عليها القدرات الجدالية (القدرة على استخدام أدوات الكلام)- قد أفرزتها التحولات الثورية الأخيرة (للمزيد حول رأي الدكتور زايد، انظر مقال، أحمد زايد، النخب السياسية المصرية بين ثقافة غائبة ووعي مفقود. جريدة الحياة اللندنية، الأربعاء، 19 مارس/ آذار 2014)
ولسنا هنا في معرض الحديث عن الكلام ومردوداته واثارة، أو هذه النخب الجديدة، فالأمر يحتاج إلى إفراد دراسات عديدة لدراسته. ولكن ما يهمني بالدرجة الأولى هو إلقاء الضوء على البرامج الإنتخابية لمرشحي الرئاسة من خلال مصطلح "سوسيولوجيا الكلام".
كنت قد أعتزمت إجراء دراسة مقارنة بين البرامج الإنتخابية لمرشحي الرئاسة، "عبد الفتاح السيسي، وحمدين صباحي" مع الإحتفاظ بالألقاب لكل منهما. ولكن لم استطع أن أصل إلى برنامج ورقي مكتوب للمرشح الرئاسي "عبد الفتاح السيسي" حتى من على موقع حملته الإنتخابية، أو بالتواصل مع أعضاء من حملته الإنتخابية. وكل ما استطعت أن أحصل عليه مكتوباً هو برنامج المرشح "حمدين صباحي". وعلى آية حال فأننا سنعتمد على كلام المشير السيسي في لقاءاته التليفزيونية كمصدر أساسي يحدد ملامح برنامجة الإنتخابي.
- برنامج حمدين صباحي
قد يدرك القارئ لبرنامج حمدين صباحي، أنه برنامج يعتمد على الكلام، ويفقتد إلى الأرقام والمؤشرات الدقيقة، فلو ألقيت نظره سريعة على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في برنامج حمدين، ستجد أنها فارغة من مضمونها، كتوفير الغذاء المناسب، وتوفير مساكن لمن لا مأوي لهم وسكان المقابر والعشش، وتحسين الحالة الغذائية لأطفال مدارس التعليم الأساسى من خلال توزيع الوجبات الغذائية عليهم، ووصول الدواء للمواطن المصري من داخل حزمة التأمين الصحي الشامل. كل هذه العبارات وغيرها لا تحتوي في مضمونها ولا تتضمن إلا كلمات معسولة. ومن منا لا يريد هذا، أو سيعترض على ذلك؟ ولكن ما هي الأليات التي ستستخدمها لتحقيق هذا الكلام العظيم. في كل الحقوق الإقتصادية الإجتماعية، لم يقدم البرنامج الانتخابي للمرشح حمدين صباحي آلية واحدة فعالة تضمن لنا تحقيق ما يطمح اليه. وبهذا فقد اعتبر الكلام الآلية المناسبة التي ستدفع به الى سدة الحكم.
- برنامج المرشح عبد الفتاح السيسي
إذا كان المرشح حمدين صباحي اعتمد على الكلام كجزء أساسي من حملته الإنتخابية، فإن المرشح عبد الفتاح السيسيي اعتمد على الكلام كأساس لبرنامجة الإنتخابي. فلم يقدم المرشح عبد الفتاح السيسي برنامجاً انتخابياً ورقياً مكتوباً، ولكن اكتفى بعرض ما يريد فعله عبر وسائل الإعلام المختلفة وعبر البرامج الحوارية التي أجراها ويجريها خلال فترة الدعاية الإنتخابية. ولأول مرة أعي مرشحاً إنتخابياً، يدّعي أنه المنقذ للبلاد، ويأمله الآخرون كذلك، ولا يقدم رؤية واضحة لكيفية إنقاذ البلاد!!.

أخيراً؛ أزعم أن البرنامج الإنتخابي لمرشح يمتلك القدرات التي تؤهله لحكم البلاد، ويحترم شعبها، أن يدعم كل كلماته وبرنامجة بأرقام واحصاءات. فعلى سبيل المثال، حين يقول أنني سأقوم بتحسين العملية التعليمية برمتها، فمن المفترض أن يقول ما هي آلياته في ذلك. كأن يقول مثلا، وسيتم تحسين التعليم في فترة ال 4 سنوات من خلال بناء عدد 1000مدرسة للتعليم الأساسي، في 1000 قرية مختلفة، بتكاليف مليار جنيه، وحبذا لو قال كيف سيقوم بتوفير هذا المبلغ. وكذلك ففي خلال الأربع سنوات سيتم زيادة راتب المعلم ليكون الحد الادني له 2000 جنيه، وذلك بزيادة 50% تتم على اربع سنوات كل عام 12.5% بتكاليف مثلا 2 مليار جنيه... وهكذا. أزعم أن هذا هو البرنامج المحترم لمرشح رئاسي محترم، يحترم ناخبيه.
على أيه حال، لقد أحترم حمدين ناخبيه، وقدم لهم برنامجاً انتخابياً محترماً الى حد ما، به من الطموحات والأمال والتفاؤل أكثر ما به من الإحباط والتشاؤم. ولكن الطامة الكبرى، أن تجد مرشحاً رئاسياً ليس له برنامج انتخابي، ومع ذلك تحتفي به وسائل الإعلام. ولكن يبقى المرشح عبد الفتاح السيسي بلا برنامجاً انتخابيا مكتوباً، وأبقى أنا حائراً أترقب ظهور برنامجه حتى أستطيع المقارنة، واستطيع أن أقرر لمن سيكون صوتي؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب أوكرانيا.. معركة خاركيف وتقهقر الجيش الأوكراني |#غرفة_ال


.. حماس تفتح جبهة جباليا مع توسيع الجيش الإسرائيلي لعمليته في ر




.. قوات فاغنر على الحدود المالية الموريتانية . |#غرفة_الأخبار


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - القسام: قصفنا 8 دبابات ميركافا في




.. غزة.. ماذا بعد؟| خلافات بين المستويين العسكري والسياسي واتها