الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنتصار حركة حماس سيناريو بائد

لميس كاظم

2014 / 8 / 29
القضية الفلسطينية



أطل علينا الإعلام العربي بعناونيه المبطنة ودعايته الفاسدة التي تهلهل وتطبل لنصرحركة حماس العسكري والمعنوي في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014. أغلب المحللين إعتبروا أن حماس إنتصرت عسكريا والمعتدلين منهم إعتبروه نصرا معنويا، وأنا أعتبره سيناريو قديم ومنظم هدفه إضعاف وإنهاك الشعب الفلسطيني ماديا ونفسيا وتقوية نفوذ حركة حماس لتتمكن فيما بعد من أن تحكم سيطرتها وتفرض شروطها عليه. قبل البدء بمناقشة الموضوع لا بد من المرور على نتائج الدمار التي خلفها العدوان الغاشم حسب إحصائية المركز الفلسطيني للإعلام ، إذ بلغت الخسائر البشرية: 2210 شهيد 70% منهم من المدنيين ، 9500 جريح اغلبهم مدنيين وحوالي 9000 مشردا واكثر من 475000 نازحا وهم مدنيون. أما الخسائر المادية: تدمير 10604 منزلاً، 243 مصلحة تجارية وصناعية، 10مستشفيات ومراكز صحية، 35 مدرسة، 2 مقر جامعة، 132 مسجداً وكنيسة واحدة، 11 مقبرة، 14 مؤسسات إعلامية ومركز بحثي و 8 مركز تموين تابع للأونروا. ناهيك عن تدمير شبكات صرف المياه ومولدات الكهرباء وتعطلت شبكة الاتصالات الخلوية "جوال" بنسبة 85% في قطاع غزة.
أما في الجانب الإسرائيلي فالخسائر البشرية بلغت 68 قتيلا، 4 منهم مدنيين ولم يذكر حجم الخسائر المادية المتعلقة بالممتلكات الفردية والمنشآت العامة والخسائر للإقتصاد الإسرائيلي بكل مركباته نتيجة التعتيم الاعلامي. فلو قارنا النتائج لتوضحت الصورة بأن حجم الخسائر الإسرائيلة لا يصل إلى 3% من الخسائر الفلسطينية أما الخسائر المادية فلا يمكن مقارنتها، وعليه لا توجد أية دلائل للنصر إنما هناك دمارا شاملا وخسائر بشرية جسيمة. فبأي معيار إعتبرت حماس نفسها منتصرة؟
لنسلم جدلا أن هذه الحرب كانت همجية وبربرية لا تمتلك أدنى القيم الإنسانية ذلك أنها أزهقت أرواح الابرياء ودمرت البنية التحية وقد نجحت الى حد ما في تحقيق اهدافها المحددة حسب السيناريو المعد سلفا وهو يشبه الى حد كبير السيناريوهات التي نفذتها اسرائيل سابقا داخل وخارج فلسطين المحتلة. من خلال قراءة النتائج نرى أن اغلب الشهداء والجرحى والمتضررين الفلسطينيين هم من المدنيين اي ان اسرائيل أستهدفت أولا البنية التحتية والمدنيين ومن ثم مواقع حماس ولكن ليس قادتها من طاقم الصف الأول إلا عددا محدودا وكان التركيز على القيادات الميدانية من الصفوف الثانية والثالثة. والسؤال هنا هل إن أجهزة ألاستخبارات الاسرائيلية عاجزة عن الوصول الى مواقعهم. انا لا اعتقد ذلك انما حسب السيناريو المرسوم هم ليسوا مستهدفين بل تم تدمير ممتلكات ومؤسسات المدنيين وتشريدهم هؤلاء الذين يكافحون لكسب رزقهم اليومي وبالتالي سببت لهم الحرب فواجعا ودمارا ماديا ومعنويا غير قادرين على اصلاحمها. السؤال الذي يطرح نفسه مَن سيعوض هؤلاء المتضررين وكيف سيتم التعويض وهنا مربط الفرس! إذ ستُظهر مشايخ الخليج انسانيتها وسترتفع شيمهم العربية وستُفتح خزائنهم لحماس لتغرقها بالمال بغية أن تلعب حماس دور المنقذ الانساني والمعين للشعب المنكوب مستخدمة بذلك سياسة العصا والجزر، فهي لن تصرف تعويضات إلا لمن يتفق مع سياستها ومن يعلن الولاء الكامل لها أي انها ستحكم قبضتها لفرض سياستها وأجندتها بأسلمة الشعب وهو السيناريو ذاته الذي لعبه حزب الله في حرب 2006 لإعادة إعمار جنوب لبنان، بتمويل ايراني، حين خرج حسن نصر الله ملوحا بإنتصاره الوهمي ليعلن أنه سيعمر جنوب لبنان ويعطي تعويضات لكل المتضررين وفعل ذلك، لكن بالمقابل كان هناك شراء ذمم واصوات ومباركة سياسته والانضواء تحت جناح حزبه وبالتالي شرعنة المد الأسلامي جنوبي لبنان وتوسع رصيد الحزب الجماهيري ليحصد أغلب هذه الأصوات في الانتخابات اللاحقة وفعلا بات يشكل أهم قوة جماهيرية وعسكرية في لبنان. فهل كان خسارة ام انه نصرا لنفوذه! وهو السيناريو ذاته الذي لعبته الأحزاب الاسلامية العراقية، بكلا شقيها، إبان الحرب الطائفية بعد الإحتلال الأمريكي. فقد جندت الناس لأحزابها بجحة حمايتهم من القتل الطائفي المفتعل وتغذيتهم بالثقافة الطائفية المقيتة وإغرائهم بالمناصب والمال وكتم واغتيال الاصوات المناهضة لهم وقد لاحظنا أنه خلال فترة زمنية قصيرة اصبحت أحزاب الاسلام السياسي العراقية هي القوة الانتخابية الحاسمة في تقرير مستقبل الشعب العراقي وبذلك تكون قد حققت أهداف الغزو الامريكي. خلاصة القول إن أهداف هذه الحروب المصطنعة هي لتوسيع نفوذ الأحزاب الاسلامية السياسية والجماهيرية وفرض برامجها تلك لتي تسعى لأسلمه المجتمع وزيادة تخلفه وإشاعة الجهل لأضعاف دور القوى المناهضة لهم فكريا. إن من يراقب نشوء وتوسع نفوذ الاحزاب الاسلامية العربية يرى بوضوح أنها ولدت في خضم الحروب وانتشرت من خلال خلق بؤر التوتر خاصة عندما تمر بمرحلة ركود سياسي وجماهيري، فعلى سبيل المثال لا الحصر لو جرت انتخابات فلسطينية قبيل هذه الحرب لكان رصيد حماس الانتخابي ضعيفا لكن الأن وخلال الاشهر القادمة سيكون لحماس زخما جماهيريا واسعا ذلك الذي سيؤهلها لخوص الانتخابات وحصد نتائج تبشر بالفوز. من هنا تتضح الصوة بأن حماس لم تخسر كثيرا بل خسر الشعب الفلسطيني أكثر وانتصرت قوة حماس على ارادة الشعب وقواه المناهضة لحماس. ولكي يصل السيناريو الى نهايته المظفرة يجب ان يلعب الطرف الثاني دوره المبطن واقصد الجانب الاسرائيلي. فسوف ينشر بلاغات عن الخسائر البشرية والعسكرية التي تكبدها من جراء مقاومة حركة حماس ليضرب عصفورين بحجر واحد ويلبي أهدافا تخدم الطرفين، اذكر بعضا منها: الحصول على مساعدات مادية وعسكرية اكثر من أمريكا وحلفائها مقابل حصول حماس على مساعدات من العرب. تعميق الخلاف والكره بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي لتعميق شق الخلاف وابقاء التوتر قائما لحروب قادمة يستفيد منها كلا الطرفان واخيرا إعطاء حركة حماس ثقلا عسكريا في مقاومتها ودورا رياديا في المفاوضات الأمر الذي يجعلها منتصرة رغم ان الحقائق التي ذكرتها اعلاه تثبت عكس ذلك وبأن ما تم الإتفاق عليه كان أسوء هزيمة لحماس. فإتفاق الوقف الدائم لإطلاق النار الذي أبرم في القاهرة في 26 اب 2014 لم يحقق سوى مطالب ثانوية قياسا بحجم المطالب التي رفعتها قادة حماس تلك التي تطالب بالاستقلال الاقتصادي وحق السيادة وإطلاق سراح الاسرى، في الوقت الذي نرى أن ما تم الاتفاق عليه هو فتح المعابر بما يحقق سرعة ادخال مستلزمات الإعمار، والاتفاق على توسيع مساحة الصيد انطلاقا من 6 ميل بحري واستمرار المفاوضات على باقي القضايا خلال شهر من وقف إطلاق النار. في الوقت نفسه حصلت مصر واسرائيل على ضمانات بعدم ادخال اسلحة الى القطاع.
لابد من القول أن وقف اطلاق النار يعتبر انجازا ايجابيا لوقف نزف الدماء وايقاف الدمار الذي تكبده الشعب الفلسطيني لكن ان تدخل حماس مفاوضا رئيسيا وتعلن شروطها يشكل نصرا سياسيا وجماهيريا على باقي فصائل المقاومة ومنظمة التحرير الفلسطينية وليس على اسرائيل. وسيلعب الاعلام العربي دورا ليعبئ الناس بديماغوغية النصر المبين ويجلّي صورة ناصعة لحركة حماس فقط وهي بدورها دورت ماكنة أعلامها ومسيراتها التي جابت شوارع غزة ومدن اخرى رافعين أعلامهم وليس الأعلام الفلسطينية وملوحين بإشارات نصرهم ليشكلوا عامل ضغط نفسي على المواطن المقهور وتطمينات بالتعويض، وهذا يشكل أيضا تحديا سافرا للقوى المناهضة لها وبالتالي سيضمنون نصرا انتخابيا وتفوقا على كافة فصائل المقاومة الفلسطينية الوطنية ومنظمة التحرير. وبذلك نحجت حماس في تنفيذ السيناريو البائد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اهو انتصار لغزة ام هو انتصار لحركة حماس؟؟
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2014 / 8 / 31 - 04:44 )
الاخت الكريمة بعد التحية:نعم انه انتصار لـ حركة حماس ـ ودمارلاهالي غزة ـ للاسباب التي ذكرتيها في مقالك وهي السيطرة على شعب غزة الفقير المعتدى عليه والا عن اي انتصار يتكلمون؟؟. نعم انه انتصار للقادة واذنابهم القابعون في السراديب وآلة الحرب الصهيونية تحصد ارواح المستضعفين.لماذا لم نسمع عن استشهاد زيد اوعمر ا وبكر من اركان القيادة؟؟. اوليست الشهادة امنية يتوق لها المؤمن وهو ما نسمع ترديدها على منابر الجمعة كل اسبوع ام انها سلعة يتم تسويقها على الضعفاء ليكونوا وقودا في الحروب؟؟.نعم الدفاع عن الوطن واجب مهما كلف من ثمن ولكن الاعتراف بالنصر او الهزيمة واجب اخلاقي ايضا لكن هل شذت حماس عن القاغدة العربية التي ترى في الهزيمة نصرا لـ حاجة في نفس يعقوب؟؟. رحمك الله يا محمد صالح بحر العلوم:
من فقير الشعب والعارين تاليف الجنود
ليكونوا في اشتعال الحرب احطاب وقود
وسراة القوم لاهون بـ اكواس وغيد
وسراة الغيد تستوجب منهم ـ اين حقي
***
من فقير الشعب بالقوة تستوفى الضرائب
وهو لا بحظى بحق ويؤدي الف واجب
فعليه الغرم والغنم لارباب المناصب
ايسمى مجرما لو صاح فيهم ـ اين حقى؟؟
المجد والخلود لشهداء عزة.

اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟