الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صُهيونيات بَديلة وأخرى مُكمِّلة

أحمد إسكندر

2014 / 8 / 30
القضية الفلسطينية


المعضلة الوجودية للصهيونية متجددة بالضرورة لأن الصهيونية نقيضة للتاريخ ، وبمنظور ديالكتي(جدلي) فساحة الحرب ضدها تتجدد بالتبعية ؛ فالخصم هو التاريخ وليس ايدلوجيا أو جيش نظامي !
وعداء التاريخ للصهيونية هو معركة صفرية لا وجود فيها لمساومات بل بنهاية الضربة القاضية ، فالصهيونية هى لوي عنق التاريخ من خلال تقويل المعطيات الدينية والتاريخية والسياسية والثقافية بما لم تقترف وبما هو مضاد للسيرورة الطبيعية والانسانية ، تقويل على طريقة قاطع الطريق الاشهر بروكوست. وتظهر هذه الاستراتيجية المافيوية فى نظرية الفوائض حيث فائض القوة وفائض الاسطورة وفائض العرق وفائض الدين..الخ ، وهذا المتاح لها بما انها لا تمتلك الجذر ولا السردية الوطنية التاريخية اما العالم وأمام الاخر ؛ ففائض القوة من منظورها يجعلها تتصور انها الاحق بالارض وفائض العرق والاسطورة يمكنها من صياغة الهوية وجواز السطو والاستيطان ، ورغم فرض هذه الفوائض الا انها فى حقيقتها فوائض مستلبة تارة وممنوحة من قوى استعمارية تارة اخرى. فالصهيونية ايضا غيرقادرة ذاتيا أساساعلى انشاء ادوات سطوها !
القراءات الافقية حول الصهيونية لن تكون كافية لبيان المسكوت عنه ،فهي قراءات تقتصر على رؤية الذراع الصهيوني الذي يمسك بمدفعه وبندقيته لكنها عاجزة على الغوص فى أعماق الظاهرة الصهيونية وملاحقة الاقدام التى ترسي عليها. فالصهيونية رغم ظهرها الواضح على المسرح لكن بالحقيقة هو ظهور كارتوني أشبه بالعرائس المتحركة على مسرح التاريخ ولا تستطيع الحركة الذاتية فهى محكومة بالقصور الذاتى لانها فكرة قسرية، وليس لها امدادات أو جذور او بذرة يمكن أن تتقبلها تربة الجماعات الانسانية كى تمتلك خاصية النشوء والارتقاء الذاتي .
لقد كان النفور الكاثوليكي من اليهود بأوروبا فى العصور القروسطية هو نقطة البدء وميلاد للصهيوينة اليهودية عبر صهيونية اكثر فاعلية وحركة وهى الصهيونية المسيحية التى نشأت مع ظهور المصلح الديني الشهير مارتن لوثر والذي كان يميل لإستمالة اليهود لمذهبه الجديد وأعترف بهم وبكونهم شعب الله المختار وأنه يجب العودة الى ارضهم المقدسة حتى تتحقق الالفية السعيدة ونزول المسيح حسب القراءات التوراتية لكن خاب أمله مع اليهود حينئذ ؛لكن الفكرة ظلت اشبه بطائر الفينيق بعثت مجددا من رماد النار وهذه المرة فى العصور الامبريالية الحديثة وبداية القرن التاسع عشر وظهرت الصهيونية المسيحية مجددا . ويمكن القول إن وضع اليهود داخل الحضارة الغربية قد تحدَّد منذ العصور الوسطى باعتبارهم وسيلة لا غاية، لا أهمية لهم في حد ذاتهم، إذ تعود أهميتهم إلى مدى نفعهم. وبمقتضى النفعية ظهرت الوعود الاروبية لليهود ومنحتهم فلسطين قسراً.
هل هذا كان كافيا لصناعة الوجود الاسرائيلي وتمرير زراعته الخبيثة ؟
بالطبع لا ؛ ما سبق يمكن توصيفه بأنه صهيونية الخروج من أوروبا ، فظلت الحاجة الى قوى دفع جديدة وأكثر فاعلية لطالما الصهيوينة عليلة القصور الذاتى. فالامر أصبح يتطلب صهيونية الاستيطان والاحتلال بعد ان أتـمت صهيونية الخروج موجبات صنائعها فكان يستوجب لهذه الصهيونية المكمّلة معمل كيمياء أوسع وأعمق بحيث يشمل صهينة الضحية والقاتل داخل أنبوب واحد... وقد كان .
المدهش ان البيئة العربية بأنظمتها السياسية ونخبها الثقافية لم تحتاج وقت طويل كي تندمج هى الاخرى فى هذه الرقصة الصهيونية بل وقدمت إيقاعات لم يتوقعها القاتل من ضحاياه فى تمديد رقصته العنصرية والاستيطانية. فبعد ثلاثة حروب وضحاها كان إستيلاد الصهوينية العربية/الاسلامية وحلقة جديدة من الصدام مع التاريخ وهذا بحاجة الى دراسات حفرية اكثر تجاوب على هذا السؤال الشائك ؛كيف تجرع العربي كأس السم مجددا وهو الذى ما طالما عانى منه عبر كل تاريخه مع اليهود؟
أصبح الشقيق الفلسطيني والمقاوم بوجه عام فى مواجهة صهوينية الشقيق الاخر لكنها أشد وطئا وتنكيلا لان مجالها الجديد ليس أرضا وسلاح بل مجالها هو الذاكرة !
وبعيدا عن التجريد ؛لم تترك الصهيونية العربية المكملة بل والبديلة احيانا ،شأنا ثقافيا/سلوكيا الا وأصابته. دينيا لم يخجل فقه التواطؤ من الانبطاح أمام الجلاد الاسرائيلي ووكيله العربي وأقر بوجوب السلام معه بما أننا دين السلام وأجتزء النصوص الدينية من سياقها وتقويلها بما يشبه تعذيب النص وليس تأويله. حتى التاريخ والنشاط الثقافي لم ينجيا من جرثومة الصهينة طالما هنالك من أذاع بيان مدخله الثقافي من على دبابة الاستشراق ومنظار قناصته فجرى لوي الحقائق لصالح تهويد فلسطين وتزييف الارشاد الثقافي بما يسمح شرعنة اغتصاب القاتل لأرملة الشهيد ،وأصبحت معاهدات السلام التي عقدت بين العرب واسرائيل حفلات زواج يجري اشهارها كي لا يكون المواليد من ابناء الزنا؛فالخطاب الثقافي العربي أصبحه وكأنه أساطير مُملاة من صحف بروتوكولات هيرتزل ؛فعلى حد وصف أحد المعلقين "أصبح ما هو حقيقي يستخدم لتمرير ما هو مضاف اليه، بحيث يكون مبتدأ الجملة سواء كانت ثقافية او سياسية في خدمة الخبر المضاد له."
أما الجنرال العربي سواء على سدة السلطة او المدفع فهو بمثابة زيوس الصهيونية العربية ؛صانعها وراعيها وحاميها من أى محاولات بروميثيوسية تخترق كهنوتها ؛ وتحولت بوصلة أسلحته نحو الداخل المحلي لما أصابه الرمد وعمى النخوة والاستحقاقات فأصبح ينظر ويرى من بين فخذيه ؛ حتى الاستراتيجية المحلية والاقليمية والتى هى من صنع التاريخ والجغرافيا أمست فى ذمة التصهين وأصبحت الخريطة تُقرأ بمقياس رسم بن جورين ورابين ، وأرتضى بحُكم شايلوك فى قسمته الربَوية لأرض العرب وفلسطين.وتلخصت وظيفة الحاكم البطريارك فى سرطنة شتى المناحي التربوية والثقافية بجرثومة التصهين حتى انها المصدر الرئيسي للتشريع والترويج ومرجع الذاكرة الجمعية ، في وقت رمادي يعيشه العربي –كما يقول خيري منصور-الذي اجريت له جراحة بتخدير محكم لاستئصال نخاعه، بحيث يتحول من كائن وجودي مشروط بالوعي والهوية الى مجرد امعاء تسعى كالثعابين ومن ملكوت الحرية الى أقبية الضرورة واخيرا من الانسان الى ثديي يتكاثر دون ان يستطيع الدفاع عن سلالته.
واخيرا ؛ اذا كانت اسرائيل واليهود من قبل بحاجة الى وعود بلفورية تمنُ عليهم برغبهم فى الوحدة وتكوين دولتهم حتى لو كان فى اطار وكالة لخدمة الكفيل الاوروبي وفى إطارصفقة استعمارية ما ؛فإن العربي اليوم يقدم وعود بلفورية يومية تمكن اسرائيل من الوجود الهوياتى والعنصري بالمجان !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داتشيا داستر: سيارة دفع رباعي بسعر معقول | عالم السرعة


.. بوناصر الطفار: كلمات لا تعرف الخوف ولا المواربة • فرانس 24 /




.. الاتحاد الأوروبي: تعيين الإستونية كالاس المدافعة الشرسة عن أ


.. ما رأي أنصار بايدن وترامب بأداء المرشحين للرئاسيات في المناظ




.. سفير ووزير وسجادة حمراء.. افتتاح مطعم فاخر في #العراق يشعل م