الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مكتبٌ حكومي

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 8 / 30
كتابات ساخرة


من أسوء اللحظات التي تمر بي هي تلك التي أضطر فيها لمراجعة أي مكتبٍ أو مؤسسةٍ حكومية..فكمية الإذلال النفسي و الاغتصاب البصري -الذي أتعرض له لكوني أنثى فقط لا غير- تجعلني أكاد أؤمن أن تلك الأماكن لم توجد فعلياً لخدمة المواطن بل لممارسة التنفيس السادي تجاهه!!.

بالأمس كنت هناك و كانت كمية المفارقات الساخرة التي تحيط بي تكاد ترهقني ثقلا..ليس أول تلك المفارقات استهتار الموظف اليمني بالالتزام بأوقات الدوام الرسمي و لكنها احتقاره لك لو أبديت أي ضيق أو تذمر لذلك التأخير!!..نصف ساعة!!..حسناً؟؟..ما المشكلة؟؟..فلتنتظري كما ينتظر الآخرون بكل وداعة..فنحن أرباب هذا المكان و منذ متى ينتظر الرب عبيده!!.

لا بأس فلننتظر..أليست حياتنا هي عبارة عن وصلة انتظار طويلة لأمور كثيرة لا تأتي إلا غُباً؟؟..فأنتظر و يبدأ الموظفون بالتوافد..و هنا تبدأ أطول عملية استنزاف نفسي و مادي قد تمر بها..جميع الأوراق التي أتيت لاستخراجها تحمل أسعاراً زهيدة مطبوعةٌ على أطراف أوراقها..دولاران و غالباً أقل من دولار واحد و لكنك ستجد نفسك و قد دفعت ما يقارب الثلاثين دولار لاستخراجها!!..و كل ذلك يتم بطرقٍ ملتوية تثير الاشمئزاز في روحك..خمسة دولارات من أجل توقيع س و خمسة أخرى من أجل ختم تملكه الدولة و وضعته في يد ص..هذا طبعاً مع تجاهل النظرات الكريهة التي تتفحص جسدكِ لو كنتِ أنثى تأتي لإنهاء معاملتها وحيدة دون رجلٍ يتم في وجوده استنزافكما معاً مادياً بشكلٍ أكبر.

و من المفارقات التي تثير غيظك أن كل هذه الأمور تتم في مكاتب تمتلأ جدرانها بملصقات تبرعت بها السفارة الأمريكية و تحث المواطن فيها كما الموظف على محاربة الفساد المالي و تطلب من الموظفين عدم إجبار المواطن على السير في طريق الرشوة لإنجاز ما يريد إنجازه.

و لكن لا تحزن فلو أرهقك الفساد و كاد يخنقك فستجد لوحة تخبرك أنه لو كانت لديك أية شكوى على أداء الموظفين هنا فلتذهب فوراً و بلا ذرة تردد إلى مكتب المدير لتخبره بفسق موظفيه..فتستبشر حينها خيراً مرده حُمقك فتخبر خليفتهم إنهم يستنزفون محفظتك حتى تكاد تصرخ كفتاةٍ يتم اغتصابها من قبل عدة أشخاص متتابعين..تخبره غاضباً أنهم يماطلونك في منحك هذا التوقيع أو ذك الختم و اللذان لا يستغرق وضعهما إلا ثوان معدودات..فيخبرك و بكل صدقٍ و أمانة لا تحسده عليهما أنه ليس من اختصاصه مساعدتك و أن تلك اللوحة ما هي إلا واجهةٍ إعلانية أُجبروا على وضعها من قبل المانحين!!.

حينها تقرر أن تدفع تلك الرشوة و هذه الإكرامية فقط لتخرج من هذا المكان العفن..و ترد على ربك الذي يخبرك أن الراشي و المرتشي في النار أنه لو كان هو بنفسه في مكانك لكانوا طلبوا منه هو الآخر أن يدفع ليتحرر من سلطتهم التي تغتصبك نفسياً لتمارس إذلالك باستمتاعٍ غريب.

و هنا تسمع صوت الآذان من بعيد لتكتمل حزمة المفارقات الساخرة..فتجد جميع شياطين ذلك المكان يهرعون للوضوء!!..و عندما ينتهون لا ينسى ذلك الموظف أو ذك أن يخبرك مبتسماً أنهم فقط سيذهبون للصلاة و عندما يعودون سينهون معاملتك و لا ينسى أن يلِّمح لك أنك ما زلت مدينا لصندوقهم بعدة دولاراتٍ إضافية إن أردت أن تنتهي "منهم" لا منها اليوم.

عند كل زيارة أقوم به لتلك الأماكن أجد أن المواخير أكثر صدقاً و طُهراً منها..و كلما كنت هناك أتذكر أيضاً فيلم "الإرهاب و الكباب"..فهنا يبدأ القهر و الذل و هنا أتمنى دوماً لو كنت أملك شجاعة عادل إمام في الفيلم لأقوم بقتل كل تلك الوجوه المتوضئة بماء النفاق المتعبدة للشيطان..فهنا أرى كيف أن الروح الحقيرة بمجرد أن تُمنح سلطة و لو متواضعة فإنها ستحيل حياتك جحيماً بها.

هنا أجد أن أقاويل مثل "أرق أفئدة" و "أول من يرد على حوض الجنة" و "الإيمان يمان و الحكمة يمانية" ما هي في حقيقتها إلا كورق التواليت ننظف بها قذاراتنا معتقدين أنها ستمنحنا طُهراً لن يمنحه لنا إلا الماء الذي كف عن التساقط في هذا البلد الملعون مع استغراب الجميع من سبب انقطاعه!!.

كل تلك المرارة قد تحتملها الروح و لكن الرعب الذي لم يجعلني أتمكن من النوم حتى الآن هو أني سأضطر في الغد أيضاً إلى الرجوع إلى ذلك المكان لأمر مجدداً بكل ما سبق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحمد والشكر
فريد جلو ( 2014 / 8 / 31 - 04:44 )
انها لدليل قاطع على تحقيق الوحده العربيه من المحيط الى الخليج ثم لنا ثقافه واحده وقبله واحده واغلبنا يدين بنفس الدين ونئدي نفس الفرائض اذا اختلفنا لابئس ان نحتكم الى السلاح كي لا يصدء واخيرا نذهب جميعا الى العم سام ليحكم بيننا والمهم ان كل ما قلتيه بنيتي هو مجرد اوهام فمثلا ما اسميته ابتزاز او رشوه هو في حقيقته هديه ونظرات الرجال لك هي اما ابويه اواعجاب بحجابك ويريدون شراء مثله لنسائهم او ربما كانوا مكفوفين البصر او توهموك من حور الجنه سقطت سهوا منها او من الجان يريد الخالق اختبارهم بك عذرا اطلت فشر البليه ما يضحك ونحن نقبع في وسط اشر البلايا اه بنيتي

اخر الافلام

.. الأهلي هياخد 4 ملايين دولار.. الناقد الرياضي محمد أبو علي: م


.. كلمة أخيرة -الناقد الرياضي محمد أبو علي:جمهور الأهلي فضل 9سا




.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 34.5 مليون جنيه إيرادات


.. … • مونت كارلو الدولية / MCD جوائز مهرجان كان السينمائي 2024




.. … • مونت كارلو الدولية / MCD الفيلم السعودي -نورة- يفوز بتنو