الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد عفيفي هو أعظم كاتب ساخر أنجبته مصر

علي طالب جواد

2014 / 8 / 30
الادب والفن


ساعة هي المدة التي استغرقها للوصول الى حيث اعمل ... هذا عندما يكون الشارع في احسن حالاته... لذا دأبت و مذ ان كنت في الجامعة ان احمل كتابا استثمر فيه هذا الوقت الضائع....

كنت قد انهيت الخميس رواية عروس المطر لبثينة عيسى ... أف ... كم كان ثقيلا ... كتاب سوداوي كئيب لم يرسم حتى ابتسامة واحدة على وجهي بل على العكس .... و كأن ليس في حياتنا ما يكفي من السودواية لنطالع مثلها رواية...

لم ازعج نفسي الجمعة لأفكر في الكتاب القادم، فالجمعة عطلة من كل شيء ... رفعت هذا العبأ الى اليوم ... السبت.

في طريقي اليوم باكرا الى محطة المواصلات تساءلت عن الكتاب المحظوظ الذي سيقع عليه الاختيار من بين عشرات الكتب التي احملها في مكتبتي الافتراضية .... نعم، انا احب الكتاب التقليدي الورقي فهو اكثر حميمية عندما تحتضنه منه الى الاليكتروني ... وتشعر فعلا انك تقرأ .... لكن مع ذلك فرصة ان احمل مكتبة كاملة بحجم كتاب واحد مغرية جدا على الرغم من ان سعة الاختيار قد تطمعك في الهرب من عنوان الى آخر قبل ان تتم ربعه.

في الطريق الى المحطة امر على ارض بين بيتين، تنتظر من يبعث فيها الحياة و يبني بيتا، كانت قد أصبحت مكبا للنفايات " النظيفة " من الأوراق و مخلفات الأشجار و ما شابه ....

و انا امر بها لفت نظري كوم جديد من الأوراق ... اتبعت نظرتي الأولى أخرى لأشخص وجود كتيبات ضمن هذه الأوراق المبعثرة ... اتبعت النظرتين بثالثة و رابعة لكن هذه المرة الى جانبي الطريق لتأكد من ان لا احد فارق وسادته ليتلصص علي ... هبطت و اختطفت احد هذه الكتيبات دون ان انظر الى شيء ....

لم انظر الى العنوان بل كان همي ان انجح أولاً في حمله دون ان يراني احد .... بعد خطوتين التفت الى ما تبقى ورائي من كتيبات متحسرا انني لم اجد الوقت الكافي لإلتقاطها كلها .... راودتني نفسي ان اعود ... لكني علمت اني لو عدت لرآني احدهم كما عودتني الحياة ان تحرجني في كل لحظة جرأة أتمنى ان لا يراني فيها أحد.

و عدت نفسي ان اعود اليها في وقت آخر .... غداً؟ ..... لربما ....

سعيدا بما بين يدي ... ألتفت الى الكتاب ... تمعنت في صورته التي بدت عليها غرابة ممتعة .... قرأت كل حرف على الواجهة حتى أمضاء الخطاط قبل ان اقلبه لأقرأ تعريف الكتاب الذي قال:

" محمد عفيفي هو أعظم كاتب ساخر أنجبته مصر "

قلت : يا الله ... بداية موفقة بعد ما خلفته بثينة عيسى سامحها الله .... ثم أكملت بعد سطور ...

" و هو اقرب من الكتاب الساخرين الى مارك توين "

ماذا ؟؟ ... مارك توين .... كاتب ساخر؟؟ ... انفصلت عن هذا العالم لوهلة و رحت افكر في مارك توين ... الاسم مشهور جدا مع ذلك لا اعرف عنه شيء ....هممم ماذا اعرف عنه ؟؟ ... لنرى ...هو امريكي ... نعم ... ما مؤلفاته ؟؟ .... توم سوير ... لم أقرأها .. هممم .. لربما علي ان افعل ... ولكني توقعتها للفتيان فيها روح المغامرة بعيداً عن السخرية؟ .... مارك توين مع وجهه المتهجم و شواربه الكثة ساخرا؟؟ .... عيب ان لا اعرف ذلك ...

تنبهت الى نفسي لأعود الى تعريف الكتاب الذي بين يدي و قد غرست في اللاوعي توم سوير على قائمة الـ (موست ريد) ... أكملت في التعريف:

" و محمد عفيفي خبير في تفاصيل التاريخ الفرعوني .... "


رائع جداً ... ويحب التأريخ القديم أيضا .... بداية موفقة جداً ... أكملت:

" و العلاقة بين الادب العربي و الآخرين "

رائع جداً .... تعريف مغري و محمس للقراءة ....

في الدقيقتين التي تفصلني عن الوصول الى السيارة أحببت - و لا اعلم من اين جاءت هذه الفكرة – أحببت ان اقنع نفسي ان من رمى الكتاب لم يرمه ليتخلص منه و لم يقصد ان ينتهي في المهملات .... لا .. بل انه أراد ان يمرره لآخر ... أراد ان يلتقطه شخص آخر ليقرأه ... كطريقة في تمرير الكتب التي انتهى من قراءتها ... لذا وعدت نفسي ان اضع الكتاب بعد ان انتهي منه على قارعة الطريق لكني سأكون أكثر ذكاءا من صاحبي و سأضعه في مكان نظيف حيث لا شيء سواه ليبرز و لتفهم الرسالة ....

تحمست للفكرة و اردت ان اصل الى السيارة بأقصى سرعة لأفتح الصفحة الأولى و أقرأ رسالة صاحب الكتاب لي .... و فعلا ما ان جلست حتى ادرت الغلاف و كلي ايمان انني سأجد رسالة لي في الصفحة الأولى....

لم أجد شيئاً .... رفعت رأسي و نظرت من النافذة مبتسماً ...

ما أغبى الفكرة .... و ما أسهل ان يخدع انسان نفسه ... و يصدق خدعته بيقين .... بعد ان عدت الى هذا العالم طالعت:

" محمد عفيفي هو أعظم كاتب ساخر أنجبته مصر "

علي طالب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط