الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كرامة

أحلام رحال

2014 / 8 / 31
الادب والفن


تمرّ اللحظات الجميلة مسرعة. ولحظات الألم تمر أبطأ مما نتخيل، كسكين يجز جسد الذاكرة، فينفر الحزن من تحت المسام.

طار قلبه حين اهتدى إليها، كعشّ واسع كافٍ لاحتضان جناحيه. وغنى قلبها حين اهتدت إليه، كأوركسترا تحوي كل الآلات التي انتظرتها طويلا.
ذابا معًا في كون خلقاه سوية وأغلقا على نفسيهما الباب. نسيا العالم وما فيه. نسيا الحدود المرسومة بينهما، ما هو محظور وما هو مسموح. كان يعلمان سرًّا أنهما في هذه العلاقة كانا يمشيان على حد سكين، لكنهما كانا سعيدين معًا ولم يهمهما ما قد يحدث.
قالت له وهي بين ذراعيه: "أريد أن أحبك الآن حد الجنون، حتى لو كنت سأبكي طويلا عند الفراق".
فأجابها مازحا: "لا تهدديني بالفراق، أنا معك ولستُ قادرا على البعد أبدا".
نمت في زوايا الحب ورود، زرعها الوقت بينهما بعناية. كلما مرّ الزمن، زاد الورد ألقا وعرّش فوق السياج.
برقة عاشقين حملا بعضهما على أجنحة فراشة وغرقا في الحديقة.

***

ذات غضب، خرجت من فمها كلمات غير مقصودة فُسّرت بشكل خاطئ. حاولت كثيرًا أن تعتذر وتبين قصدها فيما قالت.
التزم هو الصمت ولم يجبها بشيء.
دام صمته دقائق، ثم ساعات ثمّ أيّامًا. وحين خرج أخيرًا من صومعته قال: "لا يمكن أن نكمل معا في هذه العلاقة، فلننهها فورا".
وأمام صدمتها، اختارت أن تدخل هي صومعة الصمت، فلم تنبس بكلمة.

حاسبت نفسها كثيرًا، فرأت أنّها لم تخطئ لكنّه لم يفهمها بحق. وعلمت أن تفسيره لما قال يصيب كرامته في الصميم فعلا، لكنّها لم تحاول الاتصال به لتفسر الأمر من جديد.
هو اختار ركنه البعيد، فضّل البقاء هادئًا هناك حتى يرتب ما حدث.
أصبح الهاتف بينهما أخرس أيضًا، لم تعد تصل رسائل مكتوبة من أي طرف، ولا رنين يقض مضجع الصمت، يشي بحضور صوت من بعيد.

بعد أيام، خلق الهدوء ضوضاء في الجسد..
هي لم تستطع النهوض صباحا للذهاب للعمل. هو لم يستطع الإمساك بملعقة لتناول طعامه.
هي شعرت أنّ حلقها جاف ولا تستطيع الكلام. هو شعر أن نبضه بطيء، ولا يستطيع التحرك.
كتبت في مذكراتها اقتباسًا: "لا أنام لأحلم، بل أنام لأنساك".
كتب في مذكراته: "ما أشقاني وأنت بعيدة".
تلصصتْ عليه عبر "الفيسبوك" لترى ماذا يكتب، وتطمئن على حبّهما. لكنّها لم ترَ منه شيئا.
هو تلصص أيضا، ولم يرَ شيئا.
بعد أيام كتب على حائطه في "الفيسبوك": باردة جدًّا.. عظامي.
ثم كتبت هي على حائطها: حمى أصابت القلب.
هو لم يعلق عليها، وهي لم ترد.
بعد يومين نشر صورة لفتاة سمراء، وكتب: تتباعد خطانا.
فرحت حين قرأت الجملة، ثم أفجعتها الصورة فقلبت كيانها. لم تعلم من هي هذه الفتاة، ومن قصد في كلامه. اختارت على الفور صورة لنفسها وهي مبتسمة ضاحكة، نشرتها وكتبت تعليقا: لا شيء يستحق حزنك، ابتسم ما دام في العمر بقية.
هو لم يعلق عليها، وهي لم ترد.
مضت أيام، ثم كتب على حائطه: كلانا معا، وكل واحد فينا بمكان.
وكتبت هي: كلانا هادئان، وكل واحد فينا يبحث عن الآخر.
هو لم يعلق عليها، وهي لم ترد.
انتظر منها أن تقول شيئا، وانتظرت منه أن يقول. ولم تحدث أيّة حركة.

خلال حزنهما المكابر، لم تجد الورود التي نبتت في حديقة الحب مَن يسقيها. دخلتْ مثلهما صومعة الصمت، ولم تطالب بحقها ببعض الماء. انتظرت ريثما يقرر أحدهما أن يرويها.
وأمام إصرارهما الشديد، مات الورد بـ"كرامة"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار


.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة




.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن


.. سلمى أبو ضيف قلدت نفسها في التمثيل مع منى الشاذلي .. شوفوا ع




.. سكرين شوت | الترند الذي يسبب انقساماً في مصر: استخدام أصوات