الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القيمر والتمر يهزمان الشر

محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)

2014 / 8 / 31
كتابات ساخرة


حكايات من حي النصر تستحق النشر :
معظم الوقت أنسى أنني في العراق ولا يعيدني للواقع سوى شيئين , الدوام الرسمي و صينية (صبيحه أم الگيمر) التي تدهم بابنا يومياً مع مغيب الشمس , منذ فترة أزدادت الأشياء التي توقظني لتصبح ثلاثة بعد قدوم طفلة صغيرة مبعثرة الشعر وهي تحمل أناء كبير للتمر رأيتها في المرات الأخيرة وهي تطرق بابنا لتعرض تمرها للبيع , الأناء الكبير (بألف) والأكبر منه بسعر (ألف ونص) , أصناف بحسب الطلب (برحي و مكتوم و تبرزل ) , يابلاش بلدنا جنة لولا الشياطين , في المرة الأخيرة سألتها أين بيتكم أجابتي أنهم يسكنون في بستانهم بعيداً خارج الحي , من هو والدك ؟ والدي (حمزه) , أعرفه ( فد واحد كلاوجي وأبو فليس) رددت ذلك بصمت , بقي البستان كنت أظنه أزيل بعد تغيرّ المنطقة وتوسيع الطريق , الطفلة تستيقظ من الصباح وتصعد للنخل لتملأ الأواني , طرحت عليها سؤال (التحليل) هل أن والدك يعلم ببيعك للتمر , أجابت نعم هو أحياناً يمنعنا لكنه في النهاية يشفق علينا ويغض النظر , تذكرت أن أمها ماتت منذ سنين و حضرت في تأبينها كونها تقرب لصاحبنا القائمقام (سيد كريم) , مشكلة التمر وهو من الأصناف النادرة أنه يحتاج الى (لبن) زبادي طبعاً ولكم أن تتصوروا ما يجب علي أحضاره يومياً ليتلائم مع كل هذا الكميات , كانت تحضر أكثر من مرة , الفائض يمكن خزنه في المجمدات والأمر مع التمر أهون من شراء القيمر ذلك الذي أخشاه بسبب الدسومة و الخوف من أنسداد الشرايين , ورغم ذلك في كل المرات نشتريه تعاطفاً أو أعتياد لافرق, صبيحة و الطفله شهد أنموذجان يجعلن المرء يتعاطف معهن لاشعورياً , فحين أرى أصرارهن الذي يصل الى درجة الهجوم من أجل البقاء أستعيد ما فقدت من أصرار وطموح , مخلوقات ينحتن الحياة في الصخر , صبيحة المعيدية تعيل عائلة وفوق عملها في توزيع القيمر على منطقتنا أصبحت تعمل بعقد في مصرف الرافدين , و(شهوّده) تجمع المال لتوفره للمدرسة فوالدها بعد زواجه من أمرأة أخرى لا يعطيهم فلس , بالتأكيد يختلفن عن اليائسين , أحدهم قبل أيام وكان (أسطه) يصلح سيارتي في الحي الصناعي في منطقة بعيدة وحين فتحنا باب الثرثرة كماهي عادتنا كعراقيين طرح علي نظرية غريبة , تفصح عن القنوط الذي أصاب الناس بسبب الواقع السيء , قال لي بصريح العبارة :
على الغرب أن ينتزع منا أطفالنا من عمر ثماني عشر فما دون و نسلمهم طواعية الى الدنمارك أو السويد أو أي بلد بعيد
وحين سألته : ونحن , ماذا يفعلون بنا
أجاب : يرموننا في التيزاب فنحن لانسحق غير الموت !
هاجمته بكلام كثير لا أتذكر الا آخره حين قلت :
للحياة أوجه عديدة , منها القاسية كما الحفر في الصخر و الدوس على الجمر ومنها السهلة التي يقضيها البعض بالكسل والنوم وهي معنا أو بدوننا سائرة يا أخا الشؤم , حين نعطي نهزم الفقر واليأس ونكون قد أنتصرنا للخير وهو في الحقيقة أنتصار لأنفسنا قبل الغير , لوعرفت حكايات الجنديات المجهولات لعرفت أنك شاذ في آخر الركب , فالأمر المؤكد أننا نعيش مشوار ينتهي بالحتم غايته ترك بصمة أو أثر يذكره القادمون بعد أن نغادر هذا الكوكب المليء بالنقيضين الخير والشر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صور جميله عن وطننا واهلنا الطيبين-بورك يراعك وشكرا
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2014 / 8 / 31 - 01:05 )
جميل بل رائع منك في هذه الأيام السوداء السوداوية وانت تجمعنا مع التمر والكيمر
انت عراقي ابن حلال كثر الله من امثالك وشكرا

اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان