الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عناوين عريضة على مساحة ضيقة للحياء

عمار الحامد
مترجم حر وأستاذ لغة إنجليزية

(Amar Alhamid)

2014 / 8 / 31
العولمة وتطورات العالم المعاصر


على إمتداد عام ونيف، غصت الشبكة العنكبوتية بآلاف المقاطع المصورة لشبابنا العراقي المتسابقين على رفع تسجيلاتهم الخاصة وهم يمارسون طقوساً باتت مقدسةً في أوساطهم في الآونة الأخيرة جهلاً تارةً وتجاهلاً أخرى. طقوس كهزة هارلم، ورقصة البطريق، وأخيراً وليس آخراً تحدي دلو الثلج. من أجل ذلك وجدتني أطارد القصاصة تلو القصاصة، علّي أعثر على خيط أهتدي من خلاله إلى جذور هذه الظواهر الوافدة.

في هذا المقال المتواضع، أحاول أن أضع بين يديك عزيزي القارئ ملخصاً دقيقاً لخلفيات كلٍ من تلكم الممارسات، عسى أن تقع عليها أيدي شبابنا الواعد الذين لم يتجشموا عناء البحث عن أصولها أو الغاية من ورائها، قبل أن يغرقونا بأعداد لا حصر لها من مقاطع الفيديو والصور البعيدة كل البعد عن أخلاقيات مجتمعنا المحافظ.

من نافذة صغيرة للمتابعة والتحليل، لم أجد أن هزة هارلم أو ما بات يعرف ب(Harlem Shake) كان عقاراً عكف الأطباء على تطويره في سبيل علاج أحد الأمراض المستعصية التي تفتك بالعشرات يومياً، وإنما كانت مجرد: "هزة مخمورة، إنها هزة كحولية". هذا بحسب مخترعها المدعو آل بي" (Al B)، الذي يتحدر من حي هارلم في نيويورك، والذي يتابع قائلاً: "إنها ما تفعله المومياءات التي لا تستطيع التحرك بالمعنى الصحيح للحركة، بل تهتز فحسب، لأنها مغلفة باللفافات"!!! هذا أولاً.

ومن ذات النافذة، لم يتناها إلى سمعي أن مجرةً حديثة الاكتشاف تدعى رقصة البطريق أو (Penguine Dance)، إنما هي: "رقصة فلكلورية - تسمى "ينكنا" (Jenkka) - اشتهر بها سكان فنلندا في المناسبات الاحتفالية مثل الأعياد والأعراس". يقول عبد الرحيم سعيد من أسرة بي بي سي عربية، الذي ينقل عن شاب ألباني يدعى أيدون ماتوشي قوله أنه وعد أخته في 2010 بأن يفاجئها برقصة مميزة في يوم عرسها. وهذا الشاب ذاته صاحب المقطع الذي ألهب حماس شبابنا، مما حدى بهم لتقليده عسى أن يصيبوا حظاً من المكانة المرموقة التي نالها في الأوساط العلمية والثقافية والاجتماعية حول العالم!!! هذا ثانياً.

أما ثالثاً، فللحديث شجون صادمة للكثيرين ممن مارس هذه (اللعبة الصيفية) في نظرهم، وممن لم يمارسها بعد. إن ما يعرف بتحدي دلو الثلج أو (Ice Bucket Challenge) هو عبارة عن مبادرة خيرية عالمية، تهدف إلى نشر الوعي حول مرض التصلب العضلي الجانبي: وهو اضطراب عصبي نادر الحدوث يعرف أيضاً بالتصلب الجانبي الضموري (Amyotrophic lateral sclerosis). يصيب هذا المرض الجهاز العصبي بالضمور، ويسبب نسبة وفيات عالية بين مصابيه. وقد أطلقت هذه المبادرة من أجل جمع التبرعات لمكافحته، ذلك أن المرض المذكور واجه صعوبةً بالغةً في شد إنتباه الرأي العام لفترة طويلة، غير أن الجمعية المعنية بالمصابين به أصبحت تتلقى الكثير من التبرعات بفضل هذه المبادرة، بحسب ما أورده مايكل نيلسون: نائب رئيس الجمعية المذكورة، إذ تقضي المبادرة بأنك إما أن تتبرع بالمال لهؤلاء المرضى أو أن تسكب على جسمك دلو من الماء البارد المثلج. باختصار، إنها ليست (لعبة صيفية) للمزاح ولاستعراض العضلات، وإنما هي إلتزام إنساني نبيل تجاه بني البشر من المحتاجين للمساعدة.

ختاماً، إنني إذ أدعو الأحبة من شبابنا إلى أن يختط كل واحد منهم لنفسه طريقاً مستقلاً في الحياة وفي التوجه العلمي والفكري وما إلى ذلك، فإنني لست من الرجعية بمكان لأحثهم على الانغلاق على الذات واستعداء كل ما هو وافد من جانب الأمم الأخرى، فالقرية الصغيرة أصبحت واقعاً كتلك الشمس التي ليس تغطى بغربال. على أني أهيب بهم أن يفكروا بخلفيات ما يروقهم من الظواهر والممارسات قبل أن يذهبوا في طريق التقليد الأعمى.


شكراً على وقتكم واغفروا لي بعض لغتي!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار


.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟




.. يديعوت أحرونوت: إسرائيل ناشدت رئيس الكونغرس وأعضاء بالشيوخ ا


.. آثار قصف الاحتلال على بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض