الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعادة تشكيل عيد العمال

فضيلة يوسف

2014 / 8 / 31
الحركة العمالية والنقابية


يحتاج الاحتفال بعيد العمال إلى إعادة النظر فيه بشكل جدي ، مع ملايين العاطلين عن العمل والاختفاء التدريجي لدفع أجور جيدة واختفاء الوظائف بوتيرة ثابتة، يأخذ عيد العمال أكثر فأكثر جانب النصب التذكاري أكثر من الاحتفالي. لقد ولت الأيام التي أتذكرها في صغري عندما كانت النقابة التي ينتمي إليها والدي (نقابة عمال الصلب )تحتفل بعيد العمال. وأظن أنه في النزهة التي أذهب اليها هذه الأيام -إذاذهبت - بمناسبة عيد العمال ستجد المتقاعدين يتبادلون الذكريات عن الاحتفال بهذا اليوم.
ماذا تبقى للاحتفال به في عيد العمال ؟ الوظائف متدنية الأجور؟
بالطبع ، في هذا اليوم ، تسمع المواعظ المعتادة حول دور الشرفاء من العمال وفي الغالب يكون المحتفلون من رجال السياسة ، بدلا من العمال. لكن لا أحد سيصدق كلمة واحدة. اذا كان Paul Lafargue في كتابه "الحق في أن تكون كسول" على حق، كيف يمكن أن يكون الأمر خلاف ذلك عند قراءةالاستطلاعات التي أجريت منذ الستينات والتي تبين نتائجهاأن غالبية الناس تكره وظائفها ؟ سجل استطلاع غالوب العالمي الأخير ( 2013 )أن 13٪-;- فقط تحب الذهاب إلى عملها.
بدلا من قبول الادعاءات اليائسة لإحياء الحركة العمالية التقليدية ، لماذا لا يتم العودة إلى أصول عطلة عيد العمال في أواخر القرن التاسع عشر ليس كنوع من الحنين وانما كنوع من الإلهام ؟ يبدأ عيد العمال بالمسيرات ( التي يطلق عليها المواكب ) لدعم تقصير ساعات العمل. إذا سلمنا بالارتفاع المذهل في الإنتاجية على مدى قرن منذ تلك المسيرات ، علينا أن ندرك أن تخفيض ساعات العمل (ناهيك عن زيادة الأجور ) بسبب المكاسب الإنتاجية قد سرقت منا.
سرقت أول مرة من قبل المسؤولين الذين وضعوا الأرباح من إدخال الآلات في الصناعة إلى جيوبهم دون تحدى جدي من النقابات إلا للضرورة او للحصول على تعويضات هزيلة ، ورفع الأجور والفوائد.
وتم سرقة الحياة العذبة واستبدالها بالحياة الاستهلاكية ، أو بتعبير أدق بالحياة المثقلة بالديون. أعني بهذا أنه تم تسويق الرغبة في حياة أقل إرهاقا بالحياة المترفة . ومثال على ذلك أن عمال مصنع في ميشيغان ،يعملون ثمانية أيام لمدة ست ساعات ، حتى يتمكنوا من " مواكبة سباق جونز " - سباق نراه اليوم ويغوص في النسيان .
لنكن واضحين ، إعادة النظر في عيد العمال والاحتفال بيوم اللاعمل ليس محاولة لتقصير يوم العمل ، يوم اللاعمل يعني الحرية! ماهي الخيارات الباقية لنا؟ أولئك الذين أغرونا بمستقبل آمن من خلال التعليم خانونا. أولئك الذين وعدونا بحياة أفضل من خلال التصويت كذبوا علينا. وأولئك الذين يثنون على قيمة العمل نادرون.
المجتمع الصناعي ، الذي يعيش الجحيم ، والآخرون الذين يعيشون الرعب تحققت توقعاتهم أخيرا - بعد التدمير المتوقع - الثراء الذي وعد به رسله تم صرفه على نخبة صغيرة.اما بالنسبة لنا - لا يوجد سوى ثراء من الفقر و عدم المساواة ، والقلق. واليوم يخطىء الأكاديميون و النقاد الهدف. المعركة ليست حول مستوى اللعب ، المعركة حول لعبة جديدة.
الأزمة الثلاثية :الاقتصادية والبيئية و السياسية – تتطلب استجابة مناسبة لحدتها. نحن قريبون بشدة من إبادة جماعية و التعامل مع هذا الواقع يتطلب إضعاف القوى التي أنتجت هذه الكارثة .
لبدء هذه العملية العكسية ، من الأفضل أن نبدأ من المشترك لدينا، لدينا الاشمئزاز مع العمل؟ منطق مصاصي الدماء الذي يدمر قوة حياتنا ويبني مجتمعا منحرفا يلاحقه الفشل و العار . وهو يمنع بهذه الطريقة إمكانيةالمعيشة بطريقة مختلفة. نحن لا يمكن ان نكون أحرارا في هذه الظروف. وتغيير الحال أمر مستحيل.
في خضم هذا البؤس ، نخبأ رغبتنا الخبيثة لإفشال العمل والفرحة والسرور المرافق لذلك عن زملائنا في العمل . وعندما تثور هذه الرغبة ، تظهر كما في التصاعد الأخير للاحتجاجات حول أجور العبيد في قطاع الخدمات العامة ، الاشمئزاز المطلق لدى العمال حول وظائفهم ولد الزخم الذي يرعب المسؤولين.
قد يكون الطلب الفوري لرفع اجور العاملين ، ولكن إذا كان الهدف النهائي هو التحرر من الفقر ، فإنه سيحدث فقط عندما نتخلى عن السعي الوهمي لتحقيق العمالة الكاملة واستبداله بنظام يتم الفصل فيه بين الدخل والعمل . ومن المعروف أنه لا يتم ضمان الحقوق السياسية الا عندما يتم تأمين الحقوق الاقتصادية . قبل مائتي سنة ، كان امتلاك العقارات ضمانة للحقوق السياسية . اليوم هذه الفكرة تكمن في الاعتقاد بأن كل الناس ، وليس فقط النخبة ، ينبغي أن تستفيد من الموارد الطبيعية والبشرية .
ومثال على ذلك تأسيس صندوق ألاسكا الدائم الذي يوفر مبلغ سنوي لكل مواطن (بمن فيهم الأطفال) على أساس الإيرادات من التنقيب عن النفط في الدولة. على مدى العقد الماضي ، كان متوسط ما يقدم للفرد 1000 دولار دولار، بالطبع لا تكفي للعيش ، ولكنها نموذج يمكن الاحتذاء به. ولا يجب قصره على الصناعات الاستخراجية (النفط) فقط، ان المقترحات المختلفة لدعم الدخل الأساسي تستند على أساس أن الموارد هي ثروة مشتركة لمصلحة الجميع.
وعندما يتم ضمان الدخل كحق من حقوق المواطن ، فإن بعض الوظائف ( ربما معظمها ! ) سوف تختفي وسيتم استبدال بعض من الآلات؛ والبعض قد يعاد تقييمه لأنها مفيدة بشكل قليل في الوقت الراهن ، وهكذا دواليك. وهذه النقطة تعني أن العمل التقليدي لن يكون الوسيلة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة . ستتم السيطرة على الوظيفة وليس العكس. البعض قد يأخذ الدخل الأساسي ويبحث عن وظيفة بدوام جزئي للحصول على بعض المال الاضافي والبعض قد يواصل العمل في المهمة التي يستمتع بها تماما ، والبعض قد يكرس نفسه لمشروع فردي أو اجتماعي مع دخل قليل جدا أو بدون أجر.
بالتأكيد يشكل التغيير على مجموعة كبيرة ومتنوعة خطراً. وضمان الدخل المتواضع يعني أن أيا من هذه الخيارات لا تحتاج أن تكون دائمة.
لا يمكننا أن نتخيل كيفية العيش مع نشاط اقتصادي أكثر بهجة من قيود الوظائف وتشنجات السوق ؟ وهل هذا النشاط الاقتصادي سيكون ذا معنى ؟ ستكون لدينا الرغبة في عيش حياة أقرب إلى إمكاناتنا ، وأقرب إلى العالم الطبيعي وأقرب للآخرين .
في يوم ما العمل و الوظيفة بشكلها الذي نعرفه سيقتصر وجوده على قاعة من قاعات متحف الرأسمالية. قد تضحك على ما يبدو ضربا من الخيال الكامل، ولكننا اليوم لا نبالي في زيارة غرف النوم الملكية في المتاحف، و هو تعدي كان أجدادنا يدفعون حياتهم ثمنا له. دعونا نحتفل بيوم اللاعمل تحسبا لمستقبل أفضل.
مترجم
BERNARD MARSZALEK








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسبانيا تستدعي سفيرتها من الأرجنتين احتجاجا على إهانة من رئي


.. المرشد الإيراني: المسؤولون يتعاملون بشكل جدي ولن تتعطل شؤون




.. بعد إلغاء إسرائيل تصاريح عمليهم.. آلاف العمال يفقدون مصدر رز


.. ما انعكاسات البطالة في قطاع غزة؟




.. إضراب شامل في جنين حدادا على اغتيال القيادي إسلام خمايسي