الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين دخلت الكنيسة !

جابر حسين

2014 / 9 / 1
الادب والفن


ليس لأجل العبادة ، ولا لأجل الدين دخلتها ، سعيا مني للمعرفة دخلتها ...


في أحد صباحات شهر يونيو الماضي ، خرجت من محل أقامتي في أحدي ضواحي العاصمة الأثيوبية أديس أبابا ، أتمشي في تجوال حر تحت رذاذ المطر الذي لم يكف هطوله لحوالي ساعتين ، الأرصفة مبللة ، والجو رطب وبارد ، لكن حركة الناس عادية تكتظ بهم الشوارع وأينما وليت وجهك . كنت أدخن بلا أنقطاع وأنا أسعي بينهم لأفسح لي طريقا أنفذ منه إلي أمام ، ولكن إلي أين ، لست أدري ، فقد كان تجوالي كيفما أتفق سيكون ، وفي قلبي الرضا ! وأنا أوغل في مسيري صكت سمعي و ... وجداني موسيقي عالية الصوت مفعمة بالوجد و... الحنان . كانت أغنية كنسية ، كما عرفت فيما بعد ، وكنت لا أتقن لغتها ، الموسيقي هي التي أخذتني من عنقي حتي وقفت علي أعتاب باب الكنيسة ، لا لم يكن ذلك يوم الأحد ، بل الجمعة يوم المسلمين ! وقفت مع الواقفين ، ولا تزال الموسيقي تتملكني حد رعشة النبض والجسد . رأيت أمرأة تتقدمني صوب كاهن يجلس علي كرسي أيمن الباب بالرداء الكنسي وتقيه مظلة رذاذ المطر ، ويمد بيده صليبا خشبيا كبيرا ولامعا تتوسطة صورة ملونة ليسوع ، فإذا المرأة تقدمت إليه – والصليب ممدودا بساعد الكاهن إليها – وانحنت فقبلت الصليب ، ووضعت بيمناها نذورا في صندوق بجانب الكاهن . ياااااه ، كان دوري إذن . تقدمت إليهما خطوة ، للكاهن وللصليب الذي صار قرب وجهي وأنا انحني ، فقبلته ، ثم أعتدلت واقفا فأخرجت بعض مما في جيبي من نقود فوضعتها في الصندوق ، ثم دلفت خلف المرأة إلي داخل الكنيسة .
لم أكن يوما ما متدينا حد أن أدخل دور العبادة عابدا أو خاشعا ، لكنني دخلتها ، حين دخلتها ، من باب الأدب والفن والمعرفة . فعلتها ثلاث أو أربع مرات في حياتي ، في حي المسالمة بالعاصمة الوطنية أمدرمان بالسودان ، وفي حي المدنيين في ودمدني حيث أقيم بالسودان أيضا ، ثم في روما ، في كنيسة روما ومقر البابوية . كنت أردد قول أبن عربي وأنا أخطو إلي داخل الكنيسة الأثيوبية :
" لقد صار قلبي قابلا كل صورة
فمرعي لغزلان ودير لرهبان ...
وبيت لأوثان وكعبة طائف
وألواح توراة ومصحف قرآن .
أدين بدين الحب أني توجهت ركائبه
فالحب ديني وإيماني ...
لنا أسوة في بشر هند
وأختها
وقيس وليلي ثم
حي وغيلان " ...

تجولت وتجولت وتجولت فيها و ... رأيت كلما قد يري ، في براح ساحتها أكلت وشربت ودخنت ، ثم صورت كل ما قد رغبت فأمضيت كل يومي وحتي المساء في رحابها . يااااااه ، الآن فقط ، يحق لكم أن تعرفوا – كما قد عرفت – كيف ، و ... لماذا دخلت الكنيسة . فأنا لست مسيحيا ولم يسألني أحد عن ديني ليكون مسموحا لي دخولها ، فهل سألكم أحدا يوما عن دينكم علي أعتاب المسجد مثلا ؟ فلماذا قسموا الكنائس والمساجد علي الطوائف طرا حتي شوهوا قلوب الناس ووعيهم ؟ نعم أمتعني جدا تجوالي في الكنيسة وعرفت ما عرفت ، و ... رأيت!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا