الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإجتهاد في تبرير اعتداءات عنصرية مهزلة مضحكة

عذري مازغ

2014 / 9 / 1
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


يحزنني عميقا أن أنتمي لبلد يفوق مهاجروه أربعة مليون شخص، في خرافة العبور تجد الوطن يرحب بك بكثير من الكي كأنما ثقافة الهجر ليست سوى نفي آخر، ليس في أروقة السياسات المغربية ما يشعرك بالإنتماء للوطن، بشكل يبدو جليا أن المغرب مارس عملية التصدير كما تفهم في الإقتصاد السلعي، تصدير مهاجرين للإستهلاك ودون عودة، تماما كما تستهلك السلع..من هذا المنطلق يتعامل المغرب أيضا مع المهاجرين الأفارقة، المهاجرين السود بالتحديد إذ ليس يعتبر المهاجر الأشقر وافذا على المغرب، بل أكثر من ذلك يوضع في مكانة فوق مكانة المواطنين بدليل التبجح الباعث على السخرية: "المغرب بخير، أوضاعه الإقتصادية سليمة بدليل هجرة الصقور الشقراء إليه بحثا عن العمل..” هذه هي الخرافة التي تداولتها عدة وسائل إعلام مغربية، وراء الخرافة واقع مؤلم يتجاهل كل المعطيات، على الأرض في المغرب الذي يفتخر بكل ماهو شمالي تعيش بعض قبائله بشكل كامل في الكهوف، هذه الصورة وحدها كافية بأن تزكم الأنوف دون التحدث عن الميوعة في كل شيء، عن التسيب في كل شيء، عن بطالة مقنعة بسياسات التيئيس، عن أجور بئيسة و أسعار ملتهبة، عن حكومات فكاهية لا تتقن سوى التهريج. وعن ..يا إلهي لاتنتهي العنعنة.
في أحداث 2000 بإلخيدو بإسبانيا، أنتج الإعلام الإسباني ما يفوق المتخيل طيلة سنة كاملة مما يجعل منا نحن المغاربة كائنات شر يرة بامتياز، ونحن نحتل مكانة مهمة في تصدير المهاجرين، أكثر من أربعة ملايين يعيشون في مختلف بقاع العالم، منها حتى الدول التي لاتربطها والمغرب علاقات ديبلوماسية، لو أخذنا كل ما أنتجته الآلة الإعلامية الإسبانية بالحسبان، سيكون من المستحيل بمكان أن تسوى وضعية المهاجرين المغاربة في إسبانيا ثم لبادرت دول العالم لإرجاعنا إلى المغرب كسلعة مغشوشة، وكان أيضا يستحيل التغلب على ترسانة إعلامية من الأحكام المسبقة التي تحاول أن تبرر اعتداءات عنصرية على المغاربة بإلخيدو،، في الأخير ركعت إسبانيا امام الأمر الواقع بفضل تضحيات المهاجرين، بفضل استماتتهم النضالية في الوقت الذي كانت الدولة التي صدرتهم لم تحرك ساكنا، لقد قطعت إسبانيا أشواطا مهمة في فهم ظاهرة الهجرة قبل أن تكون هي مصدرة لها في زمن الحرب الأهلية، وهاهي الآن بفضل قوانين سنتها وتسنها تقطع أشواطا أخرى.
أمس في طنجة وقع اعتداء مميت من طرف عنصريين مغاربة ذهب ضحيته مواطن سينغالي، لنرى ردة الفعل شبيهة بتلك التي عشناها أمس في إسبانيا في أحداث إلخيدو، نفس الخطاب، نفس التصريحات الرسمية، نفس التبريرات، ونفس الأخطاء الأمنية، اعتقل 14 شخص بينهم تسعة سينغاليين حسب تصريح القنصل السينغالي، مغربين فقط، أغلب الظن أنهم القتلة، وفي تلك الجوقة من تبادل الضرب بالهراوات والحجارة لم يعتقل من الجوقة سوى المهاجرون الأفارقة.
إعلاميا:
"مهاجرون غير نظاميون"، هل هناك مهاجرون نظاميون ومن هم هؤلاء النظاميون؟ شحنة التخوين السياسية، المهاجر النظامي هو المهاجر المرتزقة، كلاب الحرب في لغة سياسية قحة، نظامي بمعنى ينتمي إلى النظام المغربي، وهل كل المغاربة نظاميون؟، يريد الإعلام المغربي أن يتكلم عن مهاجرين في وضعية غير قانونية، وطبيعي جدا في دولة لم تقم يوما بتسوية حالة مهاجرين، طبيعي جدا أن يكونوا في وضعية غير قانونية: في إسبانيا كنا نرفع شعار " لا أحد هو في وضعية قانونية"، الهجرة تؤطرها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تؤكد احترام الحريات الأساسية لكل فرد (ومنها حرية الهجرة) بالرغم من اختلاف الأجناس واللغات والديانات..
تجريم المهاجرين: “مواجهات بين سكان الحي (بطنجة) ومرشحين للهجرة السرية.. طريقةلإحالة انتباه المتلقي إلى مرشح للهجرة السرية عوض الإنتباه لجريمة قتل، في هذا السياق أضيفت خرافات "شهود عيان" الذين يبدو من شهادتهم انهم هم انفسهم من سكان الحي ومن المتضايقين من وجود أفارقة: "قلق للسكان بسبب ممارساتهم غير الأخلاقية ومساهمتهم في الإتجار في الممنوعات...” لإثارة نفس الإنتباه من تجريم الأفارقة بالتعميم الفاضح حتى في صياغة الإعلام برغم أنه يتكلم على شهود، هذه الممارسات اللاأخلاقية سيؤكدها أيضا تصريح للنيابة العامة في تخريجة عدلية تذكرنا بمحاكم التفتيش من حيث تأكيده ذاك هو مس بخصوصيات الأفراد وحرياتهم الشخصية في سكناهم إذ يقول التصريح:«أن سبب المواجهات هو اعتداء مغربي على أحد هؤلاء لكونهم يستغلون الدور التي يكترونها في ممارسة الدعارة وتناول المخدرات.»
في بلاغ النيابة، لا ادري هل لممثل النيابة الحق في محاكمة المغاربة عما يفعلون في دورهم السكنية أم أن الأفارقة لهم استثناء خاص يفرض أن يكونوا "نظاميين" إذا ارادوا أن يستثنوا من حالة التفتيش المفترض، وهل لأفراد الملك المكترى الحق في أن يفرضوا على المكتري ما يجب أن يكون عليه لإرضائهم
الإعتداءات العنصرية أمام رجال الأمن وغض الطرف منهم على هذه الأحداث وهي نفس الأفعال التي وقعت للمغاربة في أحداث إلخيدو، وهذه تؤكدها شهادات لوفود أجنبية عاينت معانات الأفارقة بنفس الحي ولم تثرها الصحافة المغربية بالمرة
بالإجمال هذه تهم عانيناها أيضا من إعلام إسبانيا وتصريحات المسؤولين أثناء أحداث إلخيدو بإقليم ألميريا، وإذا كان الإعلام المغربي يمارس نفس مهمة إعلام إسبانيا تلك فمعنى ذلك أنه من حيث لا يدري يعطي مصداقية لما قيل حول المغاربة في تلك الأحداث، وإلا فلا مصداقية لما نشر حينذاك وهذا هو الأصح وبالتالي لا مصداقية لما نشره هو على الأفارقة وهو الأصح أيضا..
تبقى إشارة أخرى مهمة للغاية: في أحداث إلخيدو كان هناك حضور لفعاليات المجتمع المدني وشخصيات مهمة ووفود حضرت من كل أوربا(منهم حائزون على جائزة نوبل وفنانون وكتاب معروفون) تشجب الأعمال العنصرية وتندد بالإعتداءات الفاشية بينما في المغرب لم نسمع ولو بيان إدانة من حزب (يساري على أقل تقدير) أو هيأة حقوقية كأنما الموضوع أصبح من التابوهات الخارقة
شخصيا أسجل تضامني الكامل مع الأفارقة وبالخصوص عائلة المهاجر السينغالي المذبوح على الطريقة الداعشية(عاشرت السينغاليون في المهجر هم من أحسن المهاجرين أدبا وخلقا) وأدين بشدة كل هذه الإعتداءات العنصرية التي أجهدت أقلام صحافيينا في تبريرها حيث الإجتهاد في تبرير اعتداء عنصري هو مهزلة سخيفة ومضحكة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الكاتب عذري مازغ المحترم
مريم نجمه ( 2014 / 9 / 1 - 10:37 )
نحن شعوب - ا لرُحّل - في بلادنا الغنية التي لا تسع إلا للكروش والعروش غيرالشرعية والإستبدادية الفاسدة,,
شكراً لك على نقل هذه الصورة الماساوبة لهجراتنا المستمرة , لشعوبنا وشعوب العالم الفقيرة

للصديق والرفيق السيد عذري
تحية تقدير ومودة !


2 - تحياتي
عذري مازغ ( 2014 / 9 / 1 - 12:34 )
نعم سيدتي مريم، تحن شعوب الرحل، نهرب من سلالات فاشية تسمى عندنا سلالات شريفة، تنكر العنصرية بينما هي بانتسابها الشريف تزكيه حتى النخاع، بعض ضفادع النخبة المثقفة أثارت بأن أحداث طنجة تشوه سمعة المغرب بينما هي بانتسابها السلالي وافتخارها به تضبع مصداقية تخوفاتهم على مغرب يتحول بفعل انتاجاتهم الفكرية العقيمة إلى أرضية لأبارتايد محصن بخطاب الوطنية الفجة
أحيي مرورك الكريم
تحياتي الخالصة


3 - القط لا يهجم إلا على الفأر
الناسوتي ( 2014 / 9 / 1 - 13:04 )
رفيقي نحن شعب عنصري ويظهر هذا في نظرتنا للأسمر المغربي وبالأحرى الأجنبي، كما تظهر من معاداتنا للسامية بما فيها اليهود المغاربة. لذلك لا تستغرب من العنصرية بالمغرب، أما الأنظمة الإقطاعية أو البرجوازية فهي تركب على مثل هذه الموجات وتقدمها كأسباب رئيسية لإخفاقاتها السياسية والاقتصادية (لو لا هؤلاء لفعلنا ولا أنجزنا..) فالمهاجرون الأفارقة كبش الفداء للسياسة الاقتصادية الفاشلة بالمغرب. لذلك الدولة تترك المغاربة يصبون غضبهم على الأجنبي حتى لا يصبونه على الدولة وأجهزتها، إنه الاستثناء المغربي يا رفيقي.
تحياتي الرفاقية


4 - تيفوت إغوذان أستاذ عذري مازغ المحترم
ليندا كبرييل ( 2014 / 9 / 1 - 15:16 )
آزول عزيزي الأستاذ عذري

قبل أن تعرف أميركا العنصرية كنا نبتدع الصيغ التي كانت هدى ونوراً للبلاد التي نتهمها بالعنصرية اليوم

نحن ملوك العنصرية، وكان من المفروض أن نشارك الإنسانية نهضتها فنعتبر ما جاءت به ثقافتنا من أفكار تمييزية مجرد تراث جاء في زمن وانتهى وآن الأوان لنتطلع إلى ما يجدد روح الإخاء بين الشعوب

لكن أبداً .. لا بد من إثبات أن الإنسان الذي تربى على الثقافة العربية وفيّ لتراثه الهاضم لحق الإنسان في حياة كريمة

أحييك أستاذ عذري على إثارة هذه القضايا بين حين وآخر

ومحبة بحجم الكون لأفريقيا السوداء

تفضل احترامي وتقديري


5 - تيفوت إغوذان أستاذ عذري مازغ المحترم
ليندا كبرييل ( 2014 / 9 / 1 - 15:16 )
آزول عزيزي الأستاذ عذري

قبل أن تعرف أميركا العنصرية كنا نبتدع الصيغ التي كانت هدى ونوراً للبلاد التي نتهمها بالعنصرية اليوم

نحن ملوك العنصرية، وكان من المفروض أن نشارك الإنسانية نهضتها فنعتبر ما جاءت به ثقافتنا من أفكار تمييزية مجرد تراث جاء في زمن وانتهى وآن الأوان لنتطلع إلى ما يجدد روح الإخاء بين الشعوب

لكن أبداً .. لا بد من إثبات أن الإنسان الذي تربى على الثقافة العربية وفيّ لتراثه الهاضم لحق الإنسان في حياة كريمة

أحييك أستاذ عذري على إثارة هذه القضايا بين حين وآخر

ومحبة بحجم الكون لأفريقيا السوداء

تفضل احترامي وتقديري


6 - الرفيق الناسوتي
عذري مازغ ( 2014 / 9 / 2 - 12:33 )
الف تحية
شكرا على مرورك القيم وإضافتك المستنيرة، في صدد الحديث عن العنصرية بالمغرب ، تسمى البطاقة البيضاء التي تمنح للعلويين
carte blanche
هي بمثابة صك خاص لهم يسمح لهم بانتهاك القوانين فقط لأنهم ينتسبون إلى عصبية رئيس النظام المغربي هذا الصك لم يكن موجودا حتى عند نظام الأبارتايد في جنوب إفريقيا بسبب اختلاف اللون، في المغرب أوجدوا هذا الصك للتغلب على مشكلة اللون
ومع ذلك يخافون على سمعة المغرب


7 - تنمية إفريقيا هي سرقة موارد إفريقيا
عذري مازغ ( 2014 / 9 / 2 - 12:50 )
مهمة أي كاتب أن يعري واقع بلاده قبل أن ينتقل إلى نقد الدول الأخرى
في الفضاءات الإجتماعية نشرت خريطة بما لإفريقيا من ثروات طبيعية لو استثمرت لصالح مواطنيها لما هجر أي إفريقي، عندما تجدين اهتمام دول الشمال ب-تنمية إفريقيا- ـ هذه العبارة المنمقة والخادعة تبرز إلى أي حد تخدعنا ثقافة الإعلام، فالمراد بالتنمية هي سرقت موارد إفريقيا بتشغيل مواطنيها فيما يسرقون، وبما أنهم الآن عوضوا الإنسان بالتكنولوجية الفائقةلم يجدوا ذريعة إلا في ابتداع مفاهيم جديدة تؤطر حالة الإنسان المهمش الذي لوحته تلك التكنولوجية، يسمون المهاجر ذاك مهاجر في وضعية لا قانونية
هذه البدعة انطلت على المغرب الذي يتجه يوما بعد آخر للتفتح على إفريقيا جنوب الصحراء في رحلة استثمار هي كما أشرنا سرقة موارد تلك الدول مقابل خزاعة قانونية هي الإتجار بالهجرة السرية
هذه أمور قليلة من كثير مما يقال، المواطنون العاديون هم المواطنون الحقيقيون بدون بطاقة ولا هم يحزنون ،، نحن بالفعل يحكمنا ملوك ومؤسسات أقل ما يمكننا وصفها به هي أنهم أو أنها عنصرية
شكرا لانطباعك القيم الأستاذة العزيزة ليندا


8 - تصحيح
عذري مازغ ( 2014 / 9 / 2 - 18:06 )
لو لم أتصرع سيكون عنوان المقال على الشكل التالي:
الإجتهاد في تبرير أعمال عنصرية هو اجتهاد عنصري
خطأ في ترجمة الشعار الذي كنا نرفعه في إسبانيا بإلخيدو:
الصحيح هو : لا أحد يوجد في وضعية لا قانونية وليس لا أحد يوجد في وضعية قانونية إنما الأمران يؤدي في العمق إلى نفس المعنى

اخر الافلام

.. بعد انتخابات -تاريخية-.. لا أغلبية مطلقة في البرلمان الفرنسي


.. احتفالات بالانتصار.. -الجبهة الشعبية الجديدة- تتصدر التشريعي




.. -سأقدم استقالتي-.. كلمة رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال ب


.. سمكة قرش ضخمة تسبح قرب مرتادي شاطىء في تكساس




.. بايدن.. مصيبة أميركا العظمى! والدولة العميقة تتحرك! | #التا