الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من حلبجة الى سنجار.... ولوحة ينبغي ان تكتمل!

فارس محمود

2014 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ما اشبه اليوم بالبارحة فعلاً. فبالأمس حلبجة واليوم سنجار. تاريخ القوميون الكرد مخضب بالعار ودم أبناء كردستان. اذ لا يعرف الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البرزاني كيف يبرر ما جرى في سنجار وهروب "البيشمركة" منها تاركين مئات الالاف فريسة لأنياب أكبر قوى إجرامية في عصرنا الحديث!
لا يعرف كيف "يرقعوا" الامر. فمرة يتحدثون عن "انسحاب تكتيكي" قامت به قوات البيشمركة، ومرة أخرى يتحدثون عن ان هذا الانسحاب كان "ضرورة لابد منها لتفادي إراقة دماء أكثر من أهالي سنجار" (!!!) (انظروا هذا الصلف!)، ولم يبقى امام رئيس ديوان إقليم كردستان سوى الهرطقة بتفاهات" ان قوات البيشمركة لم تكن متهيئة في تلك اللحظة" للرد على داعش!
ولكن سؤال يطرح نفسه هنا: الم يكن بمقدور قوات البيشمركة ابلاغ الناس بقدوم داعش وابلاغهم بان ينفذوا بسرعة "بجلدهم"؟! سؤال سهل الإجابة. ببساطة، يمكن. دع الجوانب الإنسانية، دع مسؤوليتهم بوصفهم يحكمون المنطقة تلك، فعلى الأقل كي يخلوا كاهلهم غداً من المسؤولية التاريخية، ويقولون على الأقل اننا حذرنا الناس وابلغناهم. ولكن مثلما يقولون وراء الاكمة ما ورائها.
لقد كُتِبَ قتل العزل والابرياء في سنجار على جبين داعش ووحوشها الذين لا صلة لهم بعالم الانسان اساساً. بيد ان هذا التصوير وهذه اللوحة ناقصة ان اكتفينا بهذا الحد. يجب ان تكتب هذه الجريمة على جبين الحزب الديمقراطي الكردستاني كذلك ورئيسه مسعود البارزاني. ان كان داعش من ينبغي وضعها على كرسي الاتهام والادانة، فان اللوحة ناقصة ان لم يضعوا كرسي اخر للحزب الديمقراطي الكردستاني.
ولكن وللأسف ان هذا ليس بأمر جديد على تاريخ القوميين الكرد (الوجه الثاني لبشاعة الحكومات المركزية القومية في العراق) التي ابتلت الجماهير في كردستان بهم. يخطأ من يكتب جريمة حلبجة على جبين النظام البعثي القومي الفاشي، يجب ان تكتب ايضاً على جبين القوميين الكرد الذين هم طرف أساسي في خلق هذه المأساة والذين راحوا يذرفون دموع التماسيح عليها كذباً وصفاقة. اذ ان قادة هذه الحركة، وبوثائقهم هم أنفسهم المدونة والمكتوبة، راوا في حلبجة "هدية من السماء" وتمنوا ان "تحدث حلبجة يومياً" حتى يجبر الغرب على ان يضع لهم مكانة ما ويتعاملوا معهم بوصفهم ممثلي " الشعب الكردي"! أي إقرار الاخرين لا باتساع نطاق حرية جماهير كردستان، بل بحصة القوميون الكرد في السلطة والثروة والحكم. (هذا نص لحديث جلال طالباني امام قيادة حزبه ونقله نوشيروان مصطفى، نائبه انئذ في الاتحاد الوطني الكردستاني، ومنشور في مذكرات نوشيروان مصطفي!). وكانوا ادلاء لجيش الجمهورية الإسلامية لدخول حلبجة رغم ان "صدام أبلغهم" (هذا بإقرارهم هم أنفسهم وبوثائق مدونة ومكتوبة لقيادات هذا الحزب) بان حلبجة ستقصف بالكيمياوي ان قاموا بفعلتهم هذه، وحثوا الخطى من اجلها، من اجل نحر 5000 الاف مواطن قرباناً لنهمهم للسلطة والحكم. وجرى الذي جرى. وهم نفسهم من تراقص على أبواب الهجرة المليونية إثر حرب الخليج في 1991 وراحوا يغتنموا الفرصة (فرصة الضجيج والضغط الإعلامي والسياسي الغربي) لدخول مفاوضات "من موقع أفضل واقوى" مع صدام المعفر وجهه في تراب حرب أمريكا تحت عبارات التملق والرخص "صدام مهندس الحكم الذاتي" (جلال الطالباني)، وصدام .... ليس الحُكم.... انه الحَكَم!!" (مسعود البارزاني). ومَنْ مِن ينسى 31 أب من عام 1996 وقيام الحزب الديمقراطي الكردستاني بجلب قوات النظام البعثي الفاشي التي طردتها جماهير كردستان من مدنها في 1991! وذلك لإبعاد خصمه وغريمه في السلطة والحكم الاتحاد الوطني الكردستاني (بزعامة جلال الطالباني) من مدينة أربيل واعادتها الى أحضان الحزب الديمقراطي.
وهاهم اليوم يقومون بالفعلة الخسيسة ذاتها. بدءاً، ان هجوم داعش ودخوله العراق قد تم عبر مباركة ومساهمة واضحة من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني ضمن مخطط امريكي-تركي-سعودي-أردني لضرب محور إيران-حكومة المالكي ومن خلفهم روسيا والصين. تحدثت عن هذا أكثر من مرة، ولذا لا اكرره. بيد انهم، وبخلاف التبريرات الرخيصة لساستهم، قاموا بخطوة مدروسة لسحب أيديهم من سنجار بهدف حدوث مجزرة وحشية تصم الاذان، ويستغلوا ابعاد وصدى هذه القضية حتى يرفعوا من رصيدهم السياسي في سوق البورصة السياسية العالمية النتنة. بفعلتهم هذه، كانوا ينشدون ان يُرفع مقامهم على الصعيد الدولي، الى اعتراف دولي أكبر. وقد تم لهم هذا. لقد انهال السلاح من الغرب وحتى إيران نفسها (اذ تطابقت مصالحهم الانية معاً) على هذه السلطة المليشياتية بعد ان كان عليهم ان يتوسلوا بغداد للحصول على قطعة سلاح واحدة، وغدت حليف يحسب له حساب عند الغرب تحت يافطة "محاربة داعش"، ونالت "حكومة الإقليم" "مكاسب" سياسية كبيرة على صعيد الغرب لم تحلم بها قط. ومال ميزان الصراع مع الحكومة المركزية لصالح القوميين الكرد، وهي في وضع أفضل من السابق في سوق المقايضات والمساومات السياسية الرخيص مع السلطة الحاكمة في العراق.
لقد راح ضحية هذه الالاعيب وجشع السلطة والثروة مئات الالاف من الأبرياء. ان مقتل وتشرد هؤلاء يجب ان يكتب على جبين القوميين الكرد، على جبين الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيسه مسعود البرزاني اللذان اثبتا كم هم مستعدان على عمل أي شيء من اجل مصالحهم هذه.
لقد كانت خطة مدروسة. نعم. بيد انها مفضوحة. ولم ينطوي حبلها كثيرا على اقسام واسعة من جماهير كردستان. على جماهير كردستان ان تتعظ من هذه الدروس البليغة للقوميين الكرد، دروس العمالة لدول المنطقة والتلاعب بمصير جماهير كردستان من اجل مصالحها الجشعة والضيقة. عليها ان تصفي الحساب الجدي مع هذه الحركة القومية الكردية التي لا ربط لها اطلاقاً بسعادة ورفاه جماهير كردستان ووقفت دوماً عائقاً جدياً امام تحقيقهما. لقد بينت عقود من حياة وعمر هذه السلطة ماهيتها البشعة ورائحتها التي تزكم الانوف. انها لا تتعدى حركة مليشيات النهب والسلب، مصادرة الحريات والاستبداد السياسي السافر والتنصل عن ابسط الحقوق، ان الحركة القومية الكردية، بأحزابها القومية ومفكريها وكتابها والمهللين لهم، وكأي حركة قومية أخرى تقف في خندق يعارض تماماً مصالح الأغلبية الساحقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية #سوشال_سكاي


.. بايدن: إسرائيل قدمت مقترحا من 3 مراحل للتوصل لوقف إطلاق النا




.. سعيد زياد: لولا صمود المقاومة لما خرج بايدن ليعلن المقترح ال


.. آثار دمار وحرق الجيش الإسرائيلي مسجد الصحابة في رفح




.. استطلاع داخلي في الجيش الإسرائيلي يظهر رفض نصف ضباطه العودة