الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التغيير استحقاق وهو قادم

سماح هدايا

2014 / 9 / 1
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


.... فوضى تستمر في إعادة إنتاج الطغيان والفساد وسرقة القرار ... تحاصر الثورة وشعبها بالإخفاقات والخروقات الكبيرة، للاستحواذ على الثورة والقرار الوطني بعقلية الشرطة الثورية وبالكيانات السياسية التي أصبحت غارقة بالفساد وسوء الإدارة وضحالة المرجعيات، مدعومة بشركات ومؤسسات إعلامية كبيرة... وتتسع فيها خارطة الميليشيات الظلامية سياسيا وعسكريا وفكريا .. وتهيمن سياسات دولية تشارك السفاح في قتله لتظل ممسكة بالسلطة السياسية الاقتصادية واحتكار الثروات...
يقف شعب في قلب المأساة، ينظر إلى الخراب والتهاوي، بعيون الصدمة الغائرة في المجهول، ويحاول الفرار من المأساة، حاملاً على عجل ماتبقى لديه من أشلاء عائلة، ومن بقايا ذاكرة وكبرياء، ليرحل إلى الشتات والنزوح واللجوء والجوع والخوف بعيدا عما اعتاد سماعه أو قراءته في هامش مدونات الإنسانيّة، وفي خارطة وطن يتداعى بألم حيث يكتشف المواطنون السوريون أنّ لهم وطنا؛ ليأتي اكتشافهم في مفترق مفارقة تثير هستيريا الجنون والسلب؛ بين موتهم من أجل الوطن الذي تحييه في نفوسهم إرادة الحرية، وإصرار الطغاة على حرقه وحرقهم، كأن لا حق للشعب في هذا الوطن، ولا حق لأهله في أن يحبوه ويملكوه ويدافعوا عنه وعن مستقبلهم...
ويقف آخرون في الجهة المقابلة: مواطنون سوريون... يرسمون بسريالية مريبة مواربة ألوانا غريبة من المؤتمرات واللجان والحركات، ويصنعون بأدوات من فوضى وعبث وتضليل، عملية الحلول السياسية والديمقراطية الموهومة وخرافة التغيير السلمي الآمن، بينما الوطن غارق في حمامات الدم والجوع والموت والمأساة، يسغيث بأهله وغير أهله، لكي ينقذوه من مصير الهلاك وواقع الدمار والقتل بإسقاط الطغاة والإطاحة بالنظام.
مجموعات من هنا وهناك ... من المعارضة في الداخل وفي الخارج، يتقاتلون على الأرباح والمصالح، ثم يخرجون على الملأ وهم يرفعون شعارات الدولة العقيدية، أو دولة المواطنة الصالحة، وشعارات الإنقاذ الوطني والوحدة الوطنية وقيادة الثورة وتمثيلها؛ كأن سوريا الشعب والثورة والتاريخ والوطن غير موجودين على الخارطة ولا قيمة لهم... وتدور المحسوبيات وتتقاسم الشلل ريع الهبات. وتمارس أطياف من المعارضة السورية كل المحظورات الوطنية والأخلاقية وفق المحاصصات والاصطفافات، بينما طوفان الدم السوري يتسع وتتسع معه حركة صناعة قوارب النجاة.
إنّ ما فقدناه طويلا...لا نستطيع أن نعطيه للثورة فجأة؛ فعندما يفقد المواطن عبر نصف قرن تقريبا، أهم حق وواجب في وطنه، وهو المواطنة، فكيف يمكن له أن يمارس فجأة مواطنيته؟ وعندما يتجرد المواطن في وطنه من اعتباري الحرية الكرامة؛ فإنّ الثورات العظيمة عليها أن تمارس بقوة طحن حالة الذل والخسّة التي هيمنت على روح الشعب، مهما كلف الثمن. ومن هنا؛ فليس كل من دارت الثورة في وطنه، ومن تكلم بالثورة ورفع شعاراتها، قد دقّت الثورة مساميرها عميقا في فكره وقلبه. فالثورة في النهاية هي مقولة أقليّة ثائرة، تتقولب في مصنعها الجموع...
ولذلك من الطبيعي أن تراهم خارج عقيدة المعركة التحررية التي تعلي من شأن كرامتهم يشعرون بالنقص والضياع واللاهوية. ومازال مفهوم الحرية غائبا عن الوعي، ولا يمارسه إلا أطياف من الثوار...أما السياسيون؛ فكثيرهم عالقون ببقايا مرحلة العبودية والذل والاستبداد ورتابة الأفكار الراسخة. ومن الطبيعي أن تتحوّل في إيقاع الهذيان السياسي وصدمة الانقلاب كثير الأعمال السياسية إلى عبث وضجة وعجيج وصناعة نجوم ونجومية، وإلى تنظير ونقيق وتقاتل داخلي، ويتحوّل حراك أطياف المجتمع إلى قطعان فوضوية تحت عناوين ثقافيّة وسياسية؛ تهدر الهدف الوطني الرئيس وتلتف عليه في أشكال مشبوهة؛ لأنها مجموعات يلمعها العالم المهيمن على مصائر الشعب وواقع البشريّة، ويعدها لتكون في الحكومات البديلة المستسلمة والراعية لمشاريعه وعقائده....
إن تشرذم الأعمال داخل عشوائية لجان وحكومات وتجمعات وتكتلات وحكومات، وجهود ضائعة مقسومة، في مواجهة القذائف والصواريخ على المدن والأرياف والأحياء التي تستهدف بيوت الناس والمزارع والحقول والأرض والحيوان والآثار والجوامع والكنائس، وتصب في الوعاء نفسه الذي يشرب منه الصائحون باسم الوطن والمصلحة الوطنية والسلم الإقليمي، والمحتالون على الشعب بمقولة وخديعة ترحيل نظام بشار، عبر الحل السياسي والتغيير السلمي فوق جماجم الضحايا، بينما تتابع عصابات الأسد تنفيذ المجازر، وعلى هوامش أعمالها الوحشية تنعقد مؤتمرات وجان وتجمعات وحوارات، شعاراتها الوطن، والهدف الحقيقي تمزيق الثورة التحررية وإعادة احتلال العقل والإرادة واستعباد الروح وانتهاز الفرصة لإعادة احتلال الإرادة الوطنية والسيطرة على شؤونها عسكريا وسياسيا وفكريا ووجدانيا.
... هذه الثورات مشروع استقلال، تقطع مرجعياتها التابعة للخارج أو للمستبد...وسيتابع الثوار معركتهم، رغم الضحايا والمآسي وطول الوقت، حتى النصر لإسقاط النظام رأسا وقاعدة.. لعل النصر يأتي في غفلة عن الكثيرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام


.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ




.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا