الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيروز مادة إجبارية!

مصعب وليد

2014 / 9 / 1
الادب والفن


كان صباحاً، و"كان الزمان وكان"، وكُنت قد أهملت ذقناً قصدتُ إهماله لأبدو ماركسياً، أو أبدو في هيئةٍ تَشُدُ طالبةً تميلُ لِحُبٍ جاد في مرحلةٍ تَحْسَبُها مهمةٌ من عُمرِها. وكان الوقتُ قد خَرَجَ مُصادفةً من حادثةٍ تَنَبَأَ بِها الغَرْبُ بـِ"نهاية العالم" في فلم الخيال العلمي: "2012". كان صباحاً جاداً حينما استفزني السائقُ "العبيط" بسؤاله: "وين؟"، فأبديت بروحٍ صلبة جواباً هزلياً: "وين يعني!". فأصر عليَّ من مرآته التي تقعُ أمام رأسه، على الجهةِ اليُمني لأعلى بقليل " خلصني..وين رايح؟" فأبديتُ سُكراً في إجابتي، تُشير بالضرورةِ الى أنني أنهيتُ لتوي "الثانوية العامة". وتفادياً للهجته المُشْمَئِزة، أجبته كي لا تزول حماستي في أول يومٍ لي: الى "جامعة بيرزيت"!

لَمْ أدخُلُ الجامعة يوماً من بابٍ واحد، بل دخلتُها من أبواب متفرقة، وكانت حاجةً في قلبي، قضيتُها في الفصل الأول من السنة الأولى، وحفظتُ أَزِقَتَها واحداً واحدا. وكُنتُ شديدُ الكآبةِ أبداً؛ أدخلُ مساراً عاماً ليس أدباً أو ترجمةً، أُصِرُ في كل يوم، من أول يومٍ لي، بأن أتحدث الإنجليزية وإن كُنْتُ لا أُجيدها بقدرِ طالبٍ أنهى الثانوية العامة في مدرسة "الفرندز"! وفي السنة الثانية، تِكرارُ ما لم يتكرر ما بين السنةِ الأولى والثالثة، أُسطورة العيشِ في أفلام سينمائية كفيلم "Accepted"، وكُنْتُ أفرِطُ في الحكمةِ حينما أَخرُجُ من مشهدٍ عاطفي، أو شديد البؤس؛ أُشْيرُ بعبوسي التقليدي كلاماً لفتاة وردت على بالي: "فلنسلك، ولو لمرةٍ، طريقاً مجهولاً؛ فَلْنَعِشِ التيهَ بمذاقهِ الفَوْضَوِيْ. ولنتوقف عند حافة إحدى الأرصفة ونقول: "كادَ كُلُ شيءٍ ألا يحدث!"

كُنتُ ألبسُ عباءةً ماركسية، في السنة الثالثة، أُمسِكُ بيدي كتاباً ثقيلاً، أدخُل الجامعةَ بقدمي "اليسرى"، أُواصِلُ هرولةً سريعة نحو "مُجمعِ" الجامعة، أتفادى التحذير المُقْلق: "متى مُحاضرتك؟" أبدي تحمساً لشربِ القهوة حتى يَنبُتَ شاربي أكثر، وحتى تجهز، أحملُ يدي ببطءٍ ثقيل نحو محفظتي التي لم أحملها مرةً، أُخرِجُ نقودي دفعةً واحدة، وأقرأُ الخبر الأبرز على الصفحة الأولى من جريدةٍ تتحدثُ في كُلِ تفاصيلها عن أشياءٍ فرعية إلا "الأيام": "اتفاقية فلسطينية-أردنية للدفاع عن القدس والمقدسات تؤكد سيادة دولة فلسطين عليها"! ولم أُدْرِكُ ردة فعلي عليها حتى الآن من العام، بعد انتهاء العدوانِ على غزة؛ حينما أقرأُ صدفةً بأن "الأردن قامت بوضع أهم مطاراتها تحت تَصرف اسرائيل"!

غَلَبَ على سنتين من الثلاثِ سنين صوتُ فيروز "الملائكي"؛ بـِ"شقاوة" "حنا السكران"، بعيداً عن اتجاهاتها السياسية من "الربيع العربي" الذي كُتِبَ على أوراق التاريخ. ثلاثُ سنينٍ وازدادوا واحدةً بهذا العام، وقبلتُ قرارات الجامعة واحداً يتلوها الآخر؛ رفع الأقساط بمعدل يوازي في تركيبته أصحاب رؤوس الأموال، ما أدى لحصول ثورة مضادة بقيادة مجموعات قريبة أو شقيقة أو "رفيقة" لـِ"لينين" تتبنى موقفاً محايداً للطلبة. وعلى صعيدٍ فكري، كان جعل مساق "القضية الفلسطينية" كمتطلب إجباري لكافة طلاب الجامعة متأخراً كثيراً. وما يُهِمُني الآن، بعد أن أصبحتُ خريجاً، وأصبحَ الحالُ مستقراً، ولم يتبقى لي، في الجامعة، سوى عاماً أعزباً؛ "ولو فيها غلبة بيرزيت"، أريدُ مِنْكِ أن تُصْدِري قانوناً بأَنْ يُصْبِحَ صَوْتُ فيروز مادةً إجبارية في "إيام الصيف" و "إيام الشتي" وأُصِرُ عليكِ بلا ظنٍ أو شك أن يكونَ ذلكَ "صُبْحْ وعَشِيْة"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل