الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين يطل على ظلك الغياب

نسب أديب حسين

2014 / 9 / 2
الادب والفن


من يومياتي مع المدينة
20-8-2014
نسب أديب حسين
يتجه نظرُ السور الي وأنا أمرّ بنظراتٍ تائهة.. سور المدينة يربت على كتفي يناديني: "صبرًا يا ابنتي..".
أنظر اليه وبالكاد أرى طريقي.. أحاول أن أستعدّ لأستجمع قواي.. كي أقطع مئة وتسعين كيلومترًا تفصلني عنه.. هذه المرّة سأراه.. لن أعود خائبة كالمرّات السابقة طيلة اسبوعين، الى هنا دون لقاء.. سأراه للمرّة الأخيرة دون قهوة ودون كلمات.. وحين ألمح شحوب وجهه سأسقط فوق صدره باكية.. وسأناديه.. ولأول مرّة لن يجيب.. سيربكني صمته وبرودة وجهه.. وسأعيش لوقت طويل أحاول أن أرمم قلبي من وجع الغياب..
***
تنصت الطبيبة الى أنفاسي.. شهيق زفير.. ثم تقول: "كل شيء على ما يرام الآن..".
أخبرتها أنّ الألم لم يغادر رئتي بعد.. كان لها تفسيرها.. ولم أخبرها أنّها أخطأت، وأنّ أجهزتها الطبية لن ترى من يقيم في رئتي.. لن تعرف وجع وطني الآتي من الجنوب أو وجع رحيل عمي الآتي من الشمال.. لن تدرك أنّ الهواء صار يحشر نفسه ما بين الوجعين.. ويوجعني أكثر.. وما بين شهيق وزفير ما من نسيم هذه الأيام ولا أوكسجين..
***
ألجم ذاتي لئلا تسقط عيناي في محيط من الدموع، فلا أعثر على طريقي الى الرامة.. أمرّ بالسور.. قد كانت قصيدته معلقة ذات يوم مقابل باب الساهرة ضمن ملصقات حملت شعار "شعر على الشارع" التقيتها في أيامي الأولى للقائي بالمدينة.. وكم فرحتُ يوم رأيتها تحضن قصيدة عمي.. وعدتُ أهلل الى القرية سعيدة أقول لأمي "قصيدة عمي سميح تزين الشوارع في القدس..".
اليوم ألمح القصيدة تبكي يُتمها عند مدخل المدينة.
أمرّ قرب المسرح الوطني الفلسطيني حيث كان في الثمانينات.. وقبور السلاطين حيث كان قبل أربعة أعوام، أستعيد صرخاته هنا بريتشارد.. وقوله للقدس: "اسمك القدس- من كل حال وحين- والى كل حال وحين- والى أبد الآبدين- أبد الآبدين- آمين.." أستعيد خروجي معه من هنا.. وسهرة مع الأصدقاء في فندق قريب.. لن يزين حضوره المدينة مرّة أخرى إذًا..
أطلّ على قبة الصخرة، تلوّح لي من بعيد، فتتمرد علي بعض الدموع.. وحين أشق طريقي أسمع المدينة تقول:" قلبي معك.. لا تقلقي سألحق بك..".
ساعتين وربع يلح علي السؤال هل حقًا حصل ما حصل..؟ هل فعلها ورحل؟
وإذ أطللت على حيدر، ورأيتُه ينحني فوق الرامة باكيًا.. تأكدت.
إنساب بيتان من الشعر ينبعثان من الذاكرة كلما عدتُ إليها من سفرٍ، لأردد قولهما
حين قال محمود
في حضن حيدر ترقد- حيث الجمال مغرد
وردّ سميح
قلبي يثور ويزبد- وعلى الحنين يعربد
كم حزنتُ حين صار البيت الأول يتيمًا.. وها هو البيت الثاني يصير يتيمًا أيضًا..
تنفجر ينابيع الرامة في عيني وأنا أحث الخطى، أبحث عن ظله وعن وجهه قبل الغياب..
أحد الوجعين في صدري هذا اليوم استفحل..
فقد رحل سميح القاسم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس


.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد




.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد