الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كفى ترويجًا لأوهام جديدة

خليل كلفت

2014 / 9 / 2
القضية الفلسطينية



لا شك فى أن التوصل إلى هدنة تُوقِف المذبحة الإسرائيلية للشعب الفلسطينى فى غزة كان نجاحا للمبادرة المصرية، بعد أن رفضتها حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية لفترة غير قصيرة انصياعا لرغبة الإخوان المسلمين وقطر وتركيا وأمريكا فى إفشال أىّ دور إيجابى مصرى لحساب دورها هى.
ولم تتجاوز الهدنة حدود وقف مواصلة المذبحة، غير أن النجاح فى عقدها، كان فى المحل الأول نجاحا فى إنقاذ الشعب الفلسطينى بعد أكثر من ألفين ومائتين من الشهداء، وأكثر من عشرة آلاف وثمانمائة من المصابين، وأكثر من رُبْع مليون من المشرَّدين، وهدم عشرة آلاف إلى عشرين ألف منزل، وتدمير المستشفيات والمدارس ودور العبادة والبنية الأساسية وحتى مؤسسات للأمم المتحدة.
وتعلن إسرائيل انتصارها المتمثل فى تلقين فصائل المقاومة درسا قاسيا من شأنه أن يُوقف كفاحها المسلَّح بالصواريخ وغيرها. وقد تمثَّل الدرس القاسى فى حجم القتل والدمار، وكذلك فى الإضعاف الجذرى للقدرة العسكرية للمقاومة، من خلال النزع العسكرى الفعلى لسلاحها، وحرمانها من مصادر السلاح والأموال، وإجبارها على نسيان إسرائيل والانكفاء على لعق جراحها، والتركيز على تشييد وترميم المبانى والبنية الأساسية.
وبدلا من رفع الحصار الذى شددت عليه المقاومة، جرى تشديد الحصار بتدمير الأنفاق، مع إجراءات مثل توسيع محدد للمجال البحرى، وفتح المعابر بين غزة وإسرائيل، ولا يخفى أن فتح المعابر مع إسرائيل مصلحة اقتصادية وتجارية إسرائيلية فلسطينية مشتركة.
وتقصد حماس بانتصارها نجاحها فى الصمود فى وجه الآلة العسكرية الإسرائيلية أكثر من خمسين يوما، وقتل قرابة سبعين من أفراد الجيش الإسرائيلى، وترويع الإسرائيليِّين بإطلاق الصواريخ على عمق إسرائيل، رغم تواضُع النتائج، وإجبار إسرائيل على عدم توسيع نطاق حربها البرية تفاديا منها للمزيد من الخسائر البشرية، وحصولها على وعود بتفاوض قريب حول مطالبها، وكذلك انتصارها سياسيا وأخلاقيا باعتبار إسرائيل قاتلة أطفال وشيوخ ونساء، أمام العالم كله.
فلماذا قبلت حماس المبادرة المصرية، بموافقة الإخوان المسلمين وقطر وتركيا وأمريكا، بعد رفضها طويلا، رغم أن نجاحها سيُحسب لمصر؟ هناك أسباب مترابطة منها مخاوف أن تقوم إسرائيل باحتلال غزة، ومنها مخاوف أن يؤدى المزيد من الدمار والخسائر البشرية إلى ثورة فى غزة ضد حماس وباقى الفصائل، ومنها البدء فى اغتيال قادة كبار لحماس والقسَّام والمقاومة، وكذلك اتضاح أن الاحتجاجات المتوقعة ضد مصر لم تنفجر ولا تبشر بالانفجار.
ولا شك بالطبع فى أن الأطراف المعنية عرقلت المبادرة المصرية لإثبات فشل الحكم الجديد فى مصر، وعجزه عن إنقاذ غزة، استغلالًا لفرصة مواتية أتاحها خطف حماس لمستوطنين شبان وقتلهم، رغم أن العدوان الإسرائيلى على غزة كان أكثر من متوقَّع فى هذه الحالة، وإنْ كان هذا لِقاء التضحية بالشعب الفلسطينى فى غزة؟ وربما خلقت تلك الأطراف الفرصة خلقا فى سبيل تطوير أوضاع يمكن فيها إسقاط الحكم الجديد وعودة الإخوان؟ وقد اعترف خالد مشعل بأن حماس خطفت الإسرائيليِّين بالفعل، لكننا لا نعرف ما إذا كان الخطف مخططا أم عفويًّا. وإذا كان مخططا فكيف نسيت حماس درس حزب الله الذى أكد زعيمها حسن نصر الله أن قيادة الحزب ما كانت لتخطف الإسرائيليين لو علمت أن رد الفعل الإسرائيلى سيكون بذلك الحجم.
وقد يبرِّر الوضع الراهن فى مصر التفكير فى كل اتجاه، رغم أن وجود مخطط كهذا كان سيعنى أن هذه الأطراف ربما كانت مضطرة إلى قبول ضربة إسرائيلية قاصمة مرجَّحة تضحِّى فيها بحماس والمقاومة، أىْ القبول بخسارة حماس فى سبيل كسب مصر.
والحقيقة أن الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين كانت ضربة صاعقة لمشروع أمريكى لحكم المنطقة بهم. وسرعان ما صارت مصر مُحاصرة بطوق من الإسلام السياسى الإخوانى السلفى الداعشى من الغرب الليبى، والشرق الحمساوى، والجنوب السودانى، المدعوم بدعاية عدوانية أمريكية وغربية ضد مصر.
فهل كانوا يتصورون أن عجز مصر عن إنقاذ غزة، سيؤدى إلى انفجار إعصار إخوانى سلفى جبار من الاحتجاجات الداخلية والخارجية من شأنها استعادة الشرعية المزعومة لحكم المرشد؟ غير أن النجاح المحدد للمبادرة المصرية أفشل المخطط المحتمل، وربما كان هذا مؤقتا لأن فشل المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس لرفع الحصار قد يؤدى إلى تجدُّد الحرب، إنْ لم تتخلَّ حماس عن عنتريتها.
ومع أن حماس لا تخضع عمليا لمنظمة التحرير، وتضطر إلى الاعتماد على دورها فى المفاوضات، وإلى تسليم المعابر لحراستها، وتتشدق مؤقتا بالوحدة الفلسطينية المستعادة، مع أنها تحتفل بالنصر المتوهَّم الذى تنسبه لنفسها دون منازع، وتتنصل من مسئوليتها عن الخسائر الهائلة والمعاناة الطويلة التى ستجلبها، مع أنها تُدرك بالطبع أن هزيمتها أفقدتها مركزها الدينامى السابق على طريق مصيرها المجهول.
ويُبشِّرنا أبو مازن بأن نتنياهو وافق على الدولة الفلسطينية فى إطار حل الدولتين داخل حدود 1967، ليُغرقنا هذا من جديد فى ترويج متجدد للأوهام التى تزرعها إسرائيل، التى أثبتت التجربة الطويلة أنها تريد أراضى فلسطين كاملةً غير منقوصة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل يستقيم الظل والعود اعوج؟؟
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2014 / 9 / 2 - 09:33 )
اذا لك يكن هناك اتفاق بين حماس ومنظمة التحرير حول اسس قيام الدولة الفلسطينية على الاراضي المحتلة عام 67 والنمسك بحكم غزة وان ادى هذا التمسك الى مزيد من ازهاق الاواح الفلسطينية الرخيصة فما الوعود الاسرائيلية الا اوهام والعبرة في اتفاق اوسلو. هل وفت اسرائيل بعهودها؟؟. كلا! ان اصلاح البيت من الداخل اولا اولى.
السلام عليكم.

اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال