الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جاكي قصة قصيره

الحلاج الحكيم

2014 / 9 / 2
الادب والفن


جاكي
قصة قصيره
كان كثير التردد بين فنادق وبارات وملاهي مدينة دبي .من نجمتين وحتى الخمسة نجوم يحضر كليا أو جزئيا برامجها الفنية واستعراضاتها الموسيقية حتى استقر به الأمر في بار و ملهى ليلي في فندق الفرسان ذو الثلاثة نجوم
بالصدفة رأى أعلانا أمام الفندق عن فرقة موسيقية من ثلاثة فنانين وفنانتين يحمل كلا منهم آلة موسيقية غربية .ما لفت نظره بجانب الإعلان صورة مغنية سوداء مكتوب بجانبها بعد منتصف الليل تسعدكم الفنانة جاكي بأغنياتها الهادئة .
الدخول إلى البار عليه رسم مقداره عشرة دراهم للذكور ومجاني للإناث .
الهدف من هذه الفرقة الموسيقية مع الديكورات الخاصة للبار ذو الاتساع الكبير بسقوفه المنخفضة وديكوراته النافرة واللوحات والمرايا خلق جو موسيقي يمتع الزبائن ويهيج مراكز الفحولة بالرجال بوجود نساء من مختلف الجنسيات وبأعمار صغيرة وأشكال متميزة وحركات تدفع باتجاه تضخيم الرغبة الجنسية ودفعها بتواترات متسارعه إلى حافة الهيجان وممرات اللا عودة عنها إلا بالوصول إلى نهايتها والتي تكلف كثيرا من المال لهؤلاء الشباب الباحثين عن العمل والعيش والكثير من الحرية
مسرح صغير فيه آلات موسيقية غربية بجانبه على اليسار فسحة أرضية متسعة قليلا
للرقص وبجانب الفسحة طاولات وكراسي بلا مساند للجلوس فقط
في الطرف الآخر وبجانب المسرح توجد مقاعد وثيرة أمامها طاولات صغيرة مخصصه للزبائن الكبار اللذين يشربون الويسكي ويدفعون ثمنها المرتفع
اعتاد على ارتياد هذا الملهى كل خميس وحجزت له طاوله ومقعد وثير ومريح وجرسون يسارع إلى خدمته كل ما رفع يده
في التاسعة ليلا يمتلئ البار بالرجال وهم بالمطلق من الذكور في سن الشباب والرجولة وجلهم من بلدان عربية وتنويعات باكستانية وإيرانية وأفغانية .
يحكم مجتمعها علاقات الفضيلة والحلال والحرام والكفر والزندقه التي تحجر المرأة جسدا وعقلا وتشوه الرجل .ويتغنى الجميع بحسن وجمالية هذا المجتمع الفاضل المتدين الخالي والنظيف من ملوثات الشرف وفظاعة المجتمعات الأخرى
الموسيقى التي تعزفها الفرقة والأغاني التي تؤديها رائعة الجمال وخاصة بعد الكـأس الثني من الويسكي الفاخر والمازوات الخاصة التي تقدم له وهو الرجل الخمسيني الذي يعمل كمديرا لمشروع هندسي كبير يمنحه دخلا يصبح معه عشر دراهم دخول وثمن ليتر ويسكي فاخر مع مازوات متميزة مع بخشيش مجزي للكرسون وقطعة نقدية بطريقة مخفية للمطربة جاكي لا تعادل إلا شيئا بسيطا من مجمل دخله الكبير
لم يكن يغادر مقعده الا للذهاب إلى الحمام كان يستمتع بمراقبة حلبة الرقص وانسجام حركات الأجساد مع الموسيقى .
كان يستمتع بتحريك رأسه ويديه على تغيير إيقاعات الفرقة الموسيقية حسب الأغاني المتتابعة
المعترف عليه والمعمول به إن الزبائن الشباب والرجال اغلبهم يظل واقفا يتنقلون بين الفتيات اللواتي يمتهن الدعارة ويعرف بمهارة كيف يوقعن بالزبون وكيف يشلحونه ثيابه بعد أن يشلحونه ماله ومدخراته
فعندما يبدأ التوافق الأولي تطلب الفتاة من الرجل أن يقدم لها مشروبا من الكحول بمجال واسع من البيرة إلى الويسكي ولكل مشروب عمولته لدى البار
في الخطوة الثانية يطلبها للرقص معه ومن خلال الرقص الذي تجيده الفتيات ويقتصر عند الرجال على حركات فيها إيحاءات جنسيه كمقدمة للدخول في مرحلة الهيجان
في المرحلة التالية ويكون المشروب والمستوى الثالث قد فعل فعله إما تذهب معه إلى منزله أو يذهب معها إلى مكان مخصص لها ولكل سعره
كان يراقب هذه الجموع ويدقق في كل حركة من حركاتها ويستمتع بإيجاد تفسيرات واستنتاجات تخصها
عند منتصف الليل تتوقف الفرقة عن العزف باستراحة مدتها نصف ساعة يغادر الرجال والنساء حلبة الرقص ويعودون إلى الطاولات والكراسي التي لا تكفي لهم فيتم تبادل المقاعد أثناء عقد المفاوضات والصفقات الجنسية وكيفية تنفيذها وشروطها وأسعارها
تعلوا أحيانا أصوات النقاشات وتكبر الخلافات حتى تخوم إشكال كبير وقبل أن يتطور الأمر إلى مشاجرة يتدخل فيها امن البار ويفض المشكلة مع اعتراف ضمني من الجميع بعدم وجود أية مصلحة لمشاجرة في مكان كهذا اقل نتائجها ان يصبح المتشاجر خارج حدود البلاد
كثيرة هي الابتسامات والعروض التي كانت تأتيه من صبايا رائعات الجمال وصغيرات بالسن وكثيرات كن يتحرشن به بشكل ظريف ومؤدب كان يبتسم ويرد التحيات ويعتذر عن التواصل مع أية فتاة
فقط واحدة كانت تهيجه وتثير غرائزه إنها المغنية جاكي والتي تقدم وصلتها بعد الاستراحة وبعد منتصف الليل
كانت تطل على المسرح بفستان قصير وفضفاض تحمل بيديها مكرفونا متنقلا وتتحرك بين الطاولات وبين الجمهور وتصدح بأغاني هادئة ترافقها موسيقى على آلة الاورغ
كانت تتحكم بكلمات الأغنية وموسيقاها وبشكل عندما تصبح بجانبه تقف الموسيقا فجاة ويعلو صوتها الملائكي وبلغة انكليزية أنت كل حياتي لا تتركني وتذهب
يمد يده من تحت الطاولة وتفهم عليه وتتناول منه قطعة نقدية كبيرة
أقام معها علاقة مؤلفة من عدة أغنيات هادئة وابتسامات وحركات أعجاب وقطعة نقدية
كانت سهرته تنتهي بانتهاء وصلتها وبانتهاء أكثر من ثلاثة أرباع ليتر الويسكي ونفاذ المازوات
تصبح لديه رغبة جامحة للنوم فيغادر الملهى إلى منزله وهو يعبر شوارع دبي في النصف الآخر من الليل .تبقى جاكي معه حتى يصل إلى فراشه ويغط في نوم عميق
شهر ونصف لم يتأخر عن البار وسماع أغنيات جاكي كل خميس يأتي إلى الطاولة التي أصبحت محجوزة له تلقائيا مع لتر الويسكي ومازواته وبعد منتصف الليل جاكي المغنية السوداء الطويلة القامة وشعرها الأسود المجعد تفرقه في المنتصف وتجمعه خلف رأسها بربطة بسيطة ثم يتدلى على ظهرها بجديلتين محبوكتين بأناقة ودقة
كانت تلبس دائما فستانا قصيرا فضفاضا يعلو الركبة بقليل ويظهر فخذين ممتلئين متماسكين بتفاصيل عضلية ناعمه منسجمة مع اللون الأسود الداكن ويميل إلى التفتح قليلا مع ارتفاع الفخذين المحجوبين بالفستان المزركش الملون ذو الطابع الإفريقي
كانت تسحره بتقاسيم وجهها ويقف عاجزا عن فهم سر سيطرة هذا الوجه على أحاسيسه يجد فيه تداخلا بين البراءة والحزن بساطة الحياة وسطوة القهر
عندما يراها يضطرب جسمه ويرتجف وهو يستعرض آلام الزنوج الأفارقة ومآسيهم ودفاعهم عن حرياتهم في معممات القمع والاستبداد
عندما تغني كان يسرح معها قي براري وأدغال إفريقيا يتخيل نفسه يحمل طبلا بدائي الصنع ويضرب عليه بإيقاع حاد ومتواتر ومتسارع وجاكي تتجاوب مع هذا الإيقاع بحركات جسمها واهتزاز خصرها .
فقط هو وهي وإيقاع طبلا بلا تفاصيل تجعل روحه تحلق في سماء إفريقيا يسمع فيها أصوات الحيوانات المختلفة القوي منها والضعيف يتحد بها ويفهم تفاصيل كثيرة عن عالم حي مليء بقضايا كثيرة أهما الرغبة بالحياة والخوف من الموت
انتهت وصلة جاكي لهذا الخميس كانت متالقه جدا وأكثرت من اختلاس النظر إليه وقامت بحركات وإيماءات مترافقة مع ابتسامات ساحره
اخذ يلملم أغراضه عندما أتى إليه الجرسون وهمس في أذنه جاكي تنتظرك في الاستقبال
أربكته المفاجاه واخذ يفكر بالموضوع يريد النوم فقط
ماذا سيقوا لها وقد امتلأت معدته بأكثر من نصف ليتر ويسكي صعدت بأغلبها إلى قحف رأسه محدثة خللا في توازنات المشي والنطق والتفكير منهية قدراته على أي فعل جنسي
لا يريد أن يذهب معها أو أن تأتي إليه أزعجته كثيرا فكرة إن ينهي الليل في احضاتها لا يريدها إلا روحا متوثبة متمرده تدفعه إلى الحدود الفاصلة بين الرغبة بالحياة واتساع فضاءات الموت
حسم أمره ونزل إلى الاستقبال في الطابق الأرضي شاهدها تجلس في زاوية منه وإمامها تربيزة شفافة وكرسي واحد فقط
اقترب منها وحدثها بلغة انكليزية غود نايت المهندس سامي من سوريا
مدت يدها تصافحه غود نايت جاكي من نيجيريا مدينة وارري .هل تعرفها
لا ولكني اسمع بالحرب الأهلية بها
قالت له أحببت أن أراك وأناقش معك بعض الأمور التي تهمني وأرجوك ان تفهم علي الوقت لا يسمح لنا بالتفاصيل ولكنني سأتكلم مباشرة وبوضوح معك
أنني مهتمة بالموسيقى والأغاني الافريقيه والشرق أوسطيه وابحث بها وبتاريخها ومدى ارتباطها ببعضها
حاولت كثيرا الذهاب إلى البلدان العربية والاسيويه ولكنني لم أوفق . اضطررت للقبول بعقد هنا في الإمارات
قلت في نفسي أحسن وضعي المادي من جهة ومن جهة أخرى ربما يكون فرصة للانطلاق إلى بلدان أخرى .
فرضوا علي إقامة تشبه الإقامة الجبرية والتزمت بشروط العقد بان لا أتكلم ولا اتصل بأحد إلا بعد معرفتهم . هذه المقابلة معك أخذت أذنا بها وأعطوني ساعة واحدة فقط وضمن بهو الاستقبال .
تغيرت نظرته للمقابلة وأحس بان لدى جاكي شيئا آخر جميل يضاف إلى كل مزاياها الجميلة
قال لها يسرني التعرف إليك وأنا سعيد جدا بما تقدمينه على المسرح على الرغم من انه يقدم في مكان لا يناسبه
ضحكت وقالت حاولت كثيرا الاتصال بأشخاص وتجمعات تهتم بالموسيقى والتراث ولم استطع الحصول على شيء
الحياة هنا تدار بتحكم دقيق لا احد يعرف في النهاية من يديرها
أجابها منفعلا لا حياة ثقافية أو مدنية هنا يستجلبون الناس من كل أصقاع الأرض ينشئون الشركات الضخمة العملاقة تعطي للناس رواتب عالية بالمقارنة مع بلدانهم الأصلية ثم يأخذونها منهم أجور منازل واقامات ومتطلبات الحياة الضرورية وكما ترين في هذا البار باستغلال حاجاتهم البشرية الأساسية
ضحكت بابتسامة وقالت له أريد منك أن تساعدني بمعرفة موسيقى وأغاني بلدك
قال لها كيف
قالت اجلب لي أقراص عليها أغاني وموسيقى واجلس معك تترجم لي كلمات الأغاني قدر المستطاع
قال لها جاكي إنا لست موسيقيا ولا افهم بها يجب أن تعرفي هذا إنا أحس بالأغاني وأتذوقها فقط
قالت له هذا ما أريد أغاني مختلفة تراها أنت جميلة وانأ أقوم بالباقي
قال لها وأين سنلتقي
قالت يسمح لي بالخروج للتسوق يوم الثلاثاء بعد الظهر من الرابعة وحتى العاشرة ليلا وأحب التسوق في مركز تجاري كبير اسمه الشمس اجلس في مقهى فلبيني يقدم قهوة استمتع بها
قال لها حسنا سأكون في المركز في السابعة من بعد ظهر الثلاثاء
غود نايت جاكي
غود نايت سامي ثانك يو
تركها وانصرف إلى سيارته يقودها بنشوة عارمة في شوارع دبي التي تأخذ بعد الواحدة ليلا شكلا آخر
لم تتغير عادته ليوم الجمعة الاستيقاظ المتأخر في الثانية عشر ظهرا احتساء القهوة والحمام الصباحي ثم فطورا بسيطا ربع رغيف مع قليلا من العسل والجبنة السائلة
بدلا من أن يقرا الصحف التي تصله من الموزع فتح كومبيوتره واخذ يبحث في ملفاته عن الأغاني التي يحتفظ بها
أعاد سماع أكثر من أغنية لفيروز ووديع الصافي ونصري شمس الدين ودائما يسال نفسه هل ستعجبها هذه الاغنيه ويتردد بالجواب
أحس بالضيق والانزعاج ترك الكومبيوتر وتمدد على سريره أشعل التلفاز لأول مرة يحس بالملل من نشرات الأخبار ومن التحليلات السياسية وحتى من البرامج الفكاهية
كلما مضى يوم يحس بالضيق والقلق لعدم تمكنه من اعتماد أية أغنية أو لحن أو مقطوعة موسيقية يقدمها لجاكي يوم الثلاثاء
مسؤولياته بالعمل وانشغاله المتواصل بهموم الورشة والعمال والإنتاج والمتابعة والسيطرة كانت تنسيه جاكي والتزامه معها ولم يذكرها إلا قبل الموعد بحوالي ساعة
في السابعة كان في مركز الشمس للتسوق . جلس في المقهى وانتظر قدوم جاكي احتلت مساحات ذاكرته تلك الشحرورة السوداء التي طارت من أمام منزله في القرية وهي تزغرد بصوت مختلف الإيقاعات ومتنوع الطبقات خلال مدة وزمن قصير جدا ضحك بنفسه وقال جاكي هي شحرورتي السوداء الجميلة
هالو مستر سامي نظر إليها إنها جاكي هالو جاكي
جلست أمامه وفتحت كومبيوترها المحمول قالت له اسمع هذه الأغنية العربية وضعت القرص بالكومبيوتر وأزاحته باتجاهه
ساعات ساعات ..... أحب عمري .... واعشق الحياة
هل تعرفها سألته أجاب نعم وأنا أحب صوت هذه المغنية وبالذات هذه الاغنيه
قالت سمعتها بالصدفة وبقيت طويلا حتى استطعت شرائها من محل لبيع السيديات ضحكت وقالت له دخلت إلى المتجر وقلت للبائع أريد أغنية لسباه .قال لي ما أسمها قمت بغناء هذه الاغنيه في المتجر وإذ بأحد الزبائن يفهم ويتكلم الانكليزية ترجم له ما أريد واستطعت أخيرا الحصول على الس دي المسجل عليها الاغنيه ما رأيك
قال لها جميل جدا ولكن هل فهمت كلماتها قالت إنا انتظر منك أن تترجمها لي
اخرج ورقة وقلم وطلب منها إعادة الأغنية من أولها واخذ يكتب لها بالانكليزيه معاني الكلمات وهي تنصت باهتمام كبير
كتب كلمات الأغنية مترجمة إلى الانكليزية وحاول جاهدا شرح الفرق بين كلمتي أحب وأعشق قالت له فهمت ولكنه كان متأكدا أنها لم تستطع أن تحس وتلمس هذا الفرق كما يريد هو
اعتذر منها وقال لها بأنه يعد لها مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأغاني والموسيقى وسيقدمها لها الثلاثاء القادم
انتهت القهوة وطلب الكرسون ودفع له ثمن القهوة واقترح عليها جولة في المركز
وافقت مباشرة نهضا من مكانهما وأخذا يتمشيان وينظران إلى واجهات المحلات تسأله أحيانا فيجيب بهدوء وكلمات قليلة .كانت تسرع أحيانا وتبطيء وتدور حوله مبتسمة وهو يمشي بهدوء وثقة ينظر إليها ويبتسم ويتذكر تلك الشحرورة التي طارت من أمام منزله في القرية .
في إحدى الزوايا ذهبت باتجاه مغاير أسرع بوضع يده على كتفها وتصحيح مسارها نظرت إليه ومالت برأسها باتجاهه واقتربت بجسمها من جسمه حتى لامسته وأحس بفيض أنوثتها الملتجئة إلى صدره .
هذه الحركة المفاجأة ونظرتها المركزة على عينيه وثباتها لبرهة زمنية مع ابتسامة هادئة . حركت به مشاعر كان قد نسيها منذ زمن بعيد ذلك الزمن الذي انتظر به صبية جميلة تحت أرزة . في غابة قريبة من قريته .أتت إليه تحمل في يدها زهرة برية وجلست بقربه .كلمها عن أحلامه بالدراسة في الجامعة .وأمله بان يتزوجها ويعيش معها .
نظر إلى جانبه لم يرى جاكي . اخذ يتفقدها يمينا ويسارا لم يشاهدها . رجع قليلا إلى الوراء واخذ ينظر بالمحلات . وإذ بها تخرج من متجر تحمل بيدها شيئا
جاكي أين كنت قالت رأيت هذا المتجر يبيع إيقونات فاشتريت لك واحدة وقدمت له تمثالا خشبيا مصنوع بدقة عبارة عن وجه إفريقي له إذنان طويلتان وشفتان كبيرتان عيناه جاحظتان وفي اعلي رأسه ثقب صغير يمر به خيط لونه اسود .نظر إلى الأيقونة وقال لها شكرا لك ولكنها أصرت على ان تلبسه هذه الأيقونة في رقبته فتدلى التمثال عل صدره . ضحك وقال لها كم إنا جميل بهذا العقد قالت هذه الايقونه في العادات الإفريقية تحمي من يلبسها في رقبته .
وصلا الى الباب الرئيسي وكانت الساعة تقترب من العاشرة والنصف هل أوصلك إلى الفندق قالت له لا أريد الذهاب وحيدة ومشيا على الأقدام فالفندق ليس بعيدا ولا أحب أن يروني انزل من سيارتك شكرا لك أراك الأسبوع القادم شكرا لك جاكي
ذهبت لوحدها متمشية في الشارع الذي أخفاها بعد قليل ضمن المجموعات البشرية المتواجدة به .
عاد الى منزله . أول ما فعله خلع الأيقونة من رقبته وعلقها فوق مرآة المغسلة .
لم تبارح تفكيره مساء هذا اليوم . حلم في نومه بأنه خرج من منزله في القرية فرأى شحرورته تقف على شجرة التين بجانب المنزل اقترب منها وامسك بها وإذ بها تتحول إلى فتاة جميلة نظر إليها إنها جاكي شعر بسعادة غامرة عندما حاول أن يضمها إلى صدره لم يجد سوى أيقونة لرأس رجل إفريقي عيناه جاحظتان .
يوم الخميس كعادته ذهب إلى البار وجلس في مكانه المعتاد . وتكررت تفاصيله الصغيرة .بعد منتصف الليل أطلت جاكي كعادتها وغنت أغنياتها الهادئة وفي النهاية قالت للجمهور يسرني أن اغني لكم أغنية عربية
أخذت تصدح بمرافقة الاورغ ساعات ساعات أحب عمري واعشق الحياة لم يكن لفظ الحروف صحيحا ونطق الكلمات ليس سليما ولكن إبداعها بالتوزيع الموسيقي والإحساس بالأغنية . جعلته يعيش ويحس بجمال الموسيقى ويطير على جسد طائر لونه اسود كالشحرور وقوي كنسر كبير يهبط ويعلو على إيقاع الموسيقى يعرج على منابت طفولته ويسري إلى سماءات إفريقيا .وينتهي به الأمر في براري شاسعة .مليئة بالحيوانات المفترسة والضارية .تنظر إليه الحيوانات وتتركه وتذهب ينظر فيرى إيقونة افريقية لرأس رجل معلقة على صدره تحميه وتبعد الخطر عنه
انتهت وصلة جاكي . لملم أغراضه وعرج على الاستقبال لم يرى جاكي خرج عائدا إلى منزله .
قرر قبل النوم انه سيعمق صداقته بجاكي .وسيحاول ان يقضي أكثر أيامه معها .أحس بحاجته إليها .وأصبحت لديه رغبة حقيقية بضمها إلى صدره وقضاء الليل معها في سريره
سهر مساء السبت على وضع قائمة تضم اسم عددا من المطربين بحسب بلادتهم العربية ولكل مطرب عدة أغنيات فحصل عل قائمة كبيرة ومتنوعة أعجبته
يوم الأحد مساء ذهب إلى متجر للاغاني وطلب منه أن يسجل له هذه الأغاني على قرص . وانه يريده القرص مساء الثلاثاء .وعده صاحب المتجر أن طلبه سيكون جاهزا
مساء الثلاثاء عرج على المتجر اخذ القرص وذهب إلى مركز الشمس ودخل إلى المقهى الفلبيني .وانتظر
انتظر ساعة وساعتين لم تأتي جاكي ذهب مباشرة إلى الفندق ليرى صورا لفرقة موسيقية أخرى ومطربة جديدة .
مضى أكثر من ثلاثة أشهر والهم والخيبة تلازمه وأيضا الحلم المتغير من سعادته بضم جاكي إلى تعاسته بتحولها إلى أيقونة لوجه أفريقي يشاهدها كل صباح على مرآته
ماتت جاكي هذا ما تأكد منه عندما رأى صورتها على موقع للانترنيت ينشر تفاصيلا عن الحرب الأهلية النيجرية . كانت صورتها على غلاف جريدة مكتوب تحتها جاكي المغنية والباحثة في الموسيقى الأفريقية من ضمن ضحايا العنف في نيجيريا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با