الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب تصادر أرصفة الاحلام

سعد محمد موسى

2014 / 9 / 2
الادب والفن


كانت طقوسنا الجمالية في التعاطي مع الفنون والقراءة ومتابعة المسرح والسينما تبعدنا قليلاً عن كوابيس الحرب العراقية الايرانية آنذاك ودوامات الموت وديكتاتورية الحاكم المطلق.
حين كنا مجموعة اصدقاء تربطنا
هموم وطموحات ثقافية وفنية في الموسيقى الادب والفنون.
وكان بعضنا منجذباً نحو التصوف والفلسفة ومن ضمنهم الصديق المثقف (سعد عطية).
ذلك الصديق العصامي الذي كان متاثراً بالنزعة الغربية لاسيما انه عاش سابقاً في أوربا وجاء بعد سنوات اغترابه الى الوطن وكان يحدثنا عن العالم المدهش والمختلف. كنا نستمع اليه بحسد واهتمام وهو يصف لنا تجاربه وتسكعه فوق أرصفة روما وباريس ولندن.
وأثناء حوارنا معه كان يحدق بوجوهنا من وراء نظارته السميكة وهو يحتسي البيرة الاوربية المستوردة ويدخن بسجائر روثمان الانجليزية أو جيتان الفرنسية وكان شكله يثير الفضول في محلة السراي الشعبية في الناصرية وهو يستعرض بصرعات وموضات الخنافس والجارلس وأفكار الهيبيز التي جلبها معه من الغرب الى المدينة وكان غالباً ما يحمل قيثارته في شوارع المدينة ويغني فوق الارصفة أو في بيوت الاصدقاء حين يزورهم
...
في السنوات الاخيرة وقبل هجرته مرة أخرى الى أوربا والى الابد .. كانت فلسفته القلقة هي مزيج مابين التصوف الاسلامي والبوذية والحضارات القديمة المصحوبة بمفاهيم التمرد والهيبيز والعبث
أحياناً كنت أزور الرفيق المتمرد وهو كان معتكفاً في غرفته يقرأ بمجلدات التصوف وعلم اللاهوت ويستمع أيضاً الى تلاوات القرآن بصوت الشيخ القاريء( الطبلاوي) الذي كان يفضله على بقية أصوات المرتلين.
كان سعد الغرائبي عادة مايحتسي البيرة بتذوق وبهدوء من زجاجاته التي كان يخبئها في الثلاجة وكانت زوجة أبيه الطيبة تغض النظر عن وجود القناني والتي كانت تظنها . انها علاج طبي يتعاطاه سعد للتشافي من المشاكل التي كان يعانيها في قلبه ومنذ سنوات.
عادة مايستمع بخشوع الى تلاوات القرآن من آلة التسجيل الصغيرة المركونة في زوايا الغرفة التي كتب على جدرانها الكثير من الاشعاروأقوال الفلاسفة.
وقد كنا نقرأ ونتبادل الكتب باستمرار . وذات مرة أخبرني الصديق بنبرة مملؤة باللاجدوى
بأنه قرأ أطنان من الكتب وهو لايريد ان يكون مثل اي قاريء مدمن يقضم الاوراق مثل جرذ دون توقف
...
الحرب الضروس والعبثية كانت تطحن البشر وتقتل الطبيعة. ولايوجد هنالك ثمة أمل أن تضع الحرب أوزارها .. وكانت قوافل القتلى بتوابيتهم الملفوفة بالرايات العراقية مستمرة دون توقف من ساحات الحرب
ذات يوم أخبرت سعد عن فكرة كانت تجول في خاطري ..وهي أن نقوم بشراء حمارين نستخدمها لرحلتنا مع جلب زوادتين من الطعام والماء ونسختين من القرآن لكلينا ونهرب من لعنات المدينة والحرب ونسعى للذهاب والعبادة والعزلة في بادية سيد أحمد الرفاعي في جنوب العراق .
وأخبرت رفيقي ان بوسعنا أن نحصل على الحمارين من القرويات القادمات كل صباح من الارياف البعيدة لبيع الحطب في المدينة فوق ظهور الحمير قبل رجعوهن في المساء مع قوافلهن الفارغة من حمولات الحطب. .
...
في مساء اليوم الاخر ذهبنا الى سوف الصفا في مدينة الناصرية وكان سعد يتبع فكرتي التي أخذ يقتنع بها
القيت السلام على احدى القرويات في السوق وهي كانت تتهيأ للرجوع الى القرية مع مجموعة من حميرها فأخبرتها عن نيتنا بشراء حمارين نشطين . استغربت القروية من طلبي لكنها في الاخير اشارت لنا بحمارين تابعين لقافلتها .
وقد ساومتها على ثمن الحمارين لكنا لم يكن بمعيتنا الثمن الذي طلبته القروية لبيع حماريها . فدنانيرنا لم تغطي كلفة شراء الحمارين.
فرجعنا بخفيّ حنين وأنا أواسي سعد واقول له لاتبتأس ياصاحبي سوف نجمع المتبقي من المال ونشتري
الحمارين ونرحل الى بادية مولانا سيد أحمد الرفاعي قريباً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هوليوود في دقائق.. خيارات صباح العربية لك في السينما والمنصا


.. بعد هروبه من بلاده بسبب القمع.. المخرج الإيراني محمد رسولوف




.. فيلم -أنورا- يحصل على السعفة الذهبية.. تعرف على جوائز الدور


.. الأهلي هياخد 4 ملايين دولار.. الناقد الرياضي محمد أبو علي: م




.. كلمة أخيرة -الناقد الرياضي محمد أبو علي:جمهور الأهلي فضل 9سا