الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواطن بدرجة مناضل

أحمد شهاب
باحث كويتي في شؤون التنمية السياسية .

(Ahmad Shehab)

2005 / 8 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


الذين يناصرون الاصلاح هم كل المتضررين من الاوضاع السائدة، سواء صنفوا كأفراد أو تحلقوا في مؤسسات وأطر تنظيمية، واعتقد ان غالبية الناس اصبحوا اليوم اكثر ميلا الى التغيير، وخاصة انهم لايزالون يعيشون الاحباط بصورة شبه يومية. إن فشل الكثير من الكفاءات في الوصول الى مواقع ادارية متقدمة، في مقابل سهولة وصول بعض الفئات لمناصب عليا لأسباب تتعلق بمصالح سياسية ضيقة، او لقرابتهم من بعض الشخصيات في الدولة، رغم افتقادهم للكفاءة اللازمة، هو حافز قوي لرفع الشعور بالحاجة الى التغيير.
ويؤدي غياب العدالة في ابسط المسائل اليومية الى نفور الناس من الوضع السائد، ومع ان الكثير من المسؤولين في الدولة قد لا يحسنون قراءة هذه المشاعر الاجتماعية، وربما يقللون من قيمتها وأثرها على حالة الاستقرار في الدولة، إلا انها تؤدي الى تأجيج الوضع القائم وتعمل على رفع حالة الاستياء العام. كما ان وجود عناصر في النظام او قريبة منه تعمل على تكوين ثروات بطرق غير مشروعة، فيما يعاني غالبية الناس من ألم الحاجة وضيق ذات اليد، انما هو محفز كبير على التذمر الاجتماعي. ومثله عندما يتحدث الناس يوميا في مجالسهم الخاصة عن اتاحة الفرص الاستثمارية لعدد من الشخصيات القريبة من السلطة وتذليل العقبات مهما بلغت درجة صعوبتها، وانغلاق هذه الفرص امام المواطن العادي، مما يخلق من المجتمع طبقات متباينة من حيث الحقوق الاقتصادية.
ويسري هذا التباين الى الحقوق الاجتماعية، اذ يشمل التمييز.. التمييز في مستوى الرعاية الصحية، حيث لا تحتاج الشخصيات المتنفذة في الدولة ومن هم في رعايتها الى الكثير من الجهد للحصول على افضل درجات العناية الصحية، وما يستتبع ذلك من سهولة السفر بقصد العلاج في الخارج على نفقة الدولة، بينما يعاني المواطن يوميا من رداءة الوضع الطبي في البلد، ومن سوء الخدمات الصحية، ويمكن الاشارة الى صعوبة حصول المريض مهما تفاقم مرضه على فرصة (علاج في الخارج) دون معونة احد المتنفذين او احد اعضاء مجلس الأمة.
اما على مستوى الحقوق السياسية، فلا يزال العديد من المواطنين يشعرون بأن وسائل التعبير عن الرأي او ما يسمى بآليات المشاركة في الشأن السياسي الداخلي معدمة للغاية، ان وجود برلمان منتخب لم يحقق فرضية التمثيل الشعبي حتى الآن، ولا يزال الشك في نزاهة الانتخابات قائما في ظل تفشي الفساد السياسي، وانتقال الرشوة من حالة شاذة ونادرة الى وسيلة لحسم الانتخابات لصالح بعض الاطراف، وما يتناقله بعض العارفين من توسل بعض المرشحين بالدولة وامكاناتها ونفوذها ضد آخرين، كل ذلك يُخفض من ثقة المواطن بالبرلمان واعضائه، ويحصر دورهم ومكانتهم في الجانب الخدمي كأي موظف كبير عند الدولة، وليس كمشارك في القرار.
اما وسائل الاعلام المختلفة فهي تعتبر - حتى الآن - حصرا على الدولة ورجالها المقربين، ومن البديهي القول ان الديموقراطية لا يمكن ان تنمو في ظل هذا الاحتكار، ولا سيما ان الرأي الرسمي يحاول استثناء اقلام التيار الاصلاحي من التعبير الحر المتدفق عن افكارها ومشاريعها، ومازلت اتذكر اللقاءات التي كان يعقدها التلفزيون الرسمي مع مفكر استراتيجي اثناء حرب تحرير العراق من النظام البعثي، وكانت طبيعة الاسئلة التي وجهت اليه لا تتجاوز اسئلة من قبيل: اذا سمع المواطن صفارة الانذار وهو في السيارة.. ماذا يتوجب عليه ان يفعل؟
ويظهر لي ان هذا الاستخفاف في التعامل مع رأي الناس ومن يمثلونهم، هو دافع اساسي لنمو رغبات التغيير في هذه الاوساط، وان بدء المواطنون حتى الآن في حالة من العجز عن امتلاك الوسائل التعبيرية الملائمة، فإنهم في المحصلة يجسدون الرأي العام الواقعي، وان عجزت التشكيلات السياسية في التعبير عن قناعات وطموحات وهموم الناس الآن، واصبحت اغلبها مجاميع فئوية تُعبر عن ارادة افراد بعدد اصابع اليد الواحدة، فإن المجتمع قادر في المرحلة المقبلة على ان يعيد صياغة مؤسساته الاهلية، وتنظيماته المدنية، واحزابه السياسية، القادرة على التعبير عن وجهات نظره، بعيدا عن ارادات البعض ممن قفزوا وكبروا على ظهره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنس الشايب يكشف عن أفضل صانع محتوى في الوطن العربي.. وهدية ب


.. أساتذة ينتظرون اعتقالهم.. الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليف




.. سقوط 28 قتيلاً في قطاع غزة خلال 24 ساعة | #رادار


.. -لن أغير سياستي-.. بايدن يعلق على احتجاجات طلاب الجامعات | #




.. هل يمكن إبرام اتفاق أمني سعودي أميركي بعيدا عن مسار التطبيع