الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السادة القضاة ........هم الكُتاب

التهامي صفاح

2014 / 9 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


السادة القضاة هو عنوان برنامج فرنسي متلفز لمحاكمات كان يتم تصويرها في فرنسا .كل الظاهرين في البرنامج كانوا فرنسيين .وكان يعرض قضايا مختلفة تبين سلوك القضاء الفرنسي في تدبيرها ويتم عرضه في القناة المغربية الأولى في الثمانينات من القرن الماضي ليلة كل اثنين .وبعدها كانت القناة تبث موسيقى عالمية كسمفونيات بيتهوفن و موزار وباخ و موسيقى الجاز وغيرها .
يعجب المرء من سير العدالة آنذاك في فرنسا و استقلالها ومسؤوليتها والتي تطال حتى رئيس الدولة. و يظهر الفكر المتطور للقضاة وذكاءهم و هم ينتبهون لكل شاذة وفاذة و يعطون لكل ذي حق حقه.لقد كانت المحكمة تنظر في تفاصيل حياة المتهمين المعروضين على انظار العدالة و ظروف قيامهم بما نسب اليهم .و بكل شفافية يتدخل المتدخلون المختلفون من قضاة و دفاع و متكلمين باسم الحق المجتمعي و شهود وغيرهم في نظام واحترام و رهبة .
كان البرنامج ينقل حتى مداولات القضاة .فلا يظهر اي فرق بين كلام القضاة في المحكمة الموجه للعموم وكلامهم القانوني المتخصص و المحترم مع بعضهم اثناء المداولات الى اقتراح حكم معين ..الى اخر التصويت على الحكم الذي صدربالاغلبية الديموقراطية و الذي سينطق للعموم و ينتهي البرنامج. لا يلاحظ المرء اي فرق في سلوك القضاة بين اللحظتين او تواطئهم في الكواليس.فالمسؤولية تجعل كل منهم له نفس السلوك امام الناس. لأن الذي سيُقرر في مصيره ليست الجرذان و إنما هو الانسان المخطئ (المتهم في مصطلحات القانون) .
لايمكن الخروج باي انطباعات من مشاهدة تلك الحلقات المتلفزة بغير الارتياح من سير العدالة في فرنسا و مهنيتها المتطورة . و في لحظات التفكير بعد البرنامج كانت تصاحبك موسيقى كلاسيكية راقية..كانت لحظات جميلة حقا.
لذلك فانا اعتقد ان الكُتاب هم قضاة نزهاء حين يتعرضون لقضايا مختلفة محايدين في تعاطيهم مع مختلف المتدخلين .و الاصل في احكامهم هي البراءة للاشخاص المتهمين ملمين بتفاصيل حياة هؤلاء وظروفهم حتى تكون أحكامهم عادلة.
لايكتب هؤلاء بهدف الشهرة أو لإدعاء الحقيقة المطلقة .كلا.
انهم يكتبون ما يعتقدون انه الصواب مع ترك هامش الخطأ حتى يبينوا انهم على علم بتطور الفكر البشري ولتصل الفكرة فحسب .
يكتبون لأنهم يعتقدون ان الكتابة مسؤولية تاريخية .فهم لا يعتبرون انفسهم مسؤولين فقط على ما يكتبون بل ايضا على مالم يكتبوه حين كان يجب عليهم ذلك .
الصدق في الكتابة والتواضع والاساليب الواضحة هي اجمل هدية يمكن تقديمها لكل انسان قارئ و للمجتمع .
والكتابة عن قضايا الشرق الاوسط و شمال افريقيا حزينة مثقلة بالالام والارث الاستبدادي والظلم والعبودية و الاعتداء على كرامة الانسان .
في اغلب القضايا السياسية اليوم في المنطقة للاسف ، تركيز النظر بالقرب من المرء فقط يعد اجحافا في حق الذين هم في موقع المسؤولية طالما ان المتدخلين الرئيسسين الذين يضغطون على الشعوب و تصريحاتهم تقول العكس هم خارج شمال افريقيا والشرق الاوسط.فهم يختصرون الطريق بالضغط على المسؤولين . لذلك يستعصي على الفهم كل هذا البطء في تحقق امال واحلام شعوبنا في الحرية والمساواة والكرامة والعدالة .لأن الوحش المعادي لمنطقتنا هو خارج حدودنا و يسير في الظلام والكواليس بتواطؤ الكثيرين من ابناء وطننا حتى لَيبدو هؤلاء مجرد عرائس تحركها الايادي الخفية في العواصم المختلفة تلعب دورا معد لها سلفا تنتهج سياسة التهديد بالارهاب وغيره لكبح جماع طموحات الشعوب و الاستحواذ على ثرواتها بالراحة .
لذلك كثيرون يأخذون ذلك بعين الاعتبار كعامل اساسي عند تحليل عوامل الواقع المعاش حتى لا يخطؤوا في تحديد الخلل الرئيسي المعيق لتقدم منطقتنا في اي قضية من القضايا .والوعي بذلك هو اولى الخطوات للنجاح .
وتحياتي لكل كتاب الحوار المتمدن الابطال الجريئين والمضحين بوقتهم وفكرهم من اجل الاخرين ليصنعون التغيير والتاريخ وعصر الانوارللمنطقة ويرون ذلك بعيونكم في حياتهم .
التمدن ميزة الجميع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: ما حقيقة هبوط طائرات عسكرية روسية بمطار جربة التونسية؟


.. ليبيا: ما سبب الاشتباكات التي شهدتها مدينة الزاوية مؤخرا؟




.. ما أبرز الادعاءات المضللة التي رافقت وفاة الرئيس الإيراني؟ •


.. نتنياهو: المقارنة بين إسرائيل الديمقراطية وحماس تشويه كامل ل




.. تداعيات مقتل الرئيس الإيراني على المستويين الداخلي والدولي |