الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضجيج من النافذة ..وشعر غير موزون

امال طعمه

2014 / 9 / 4
الادب والفن


جميل أن مكتبي في الطابق الثالث ..فوق.. أشعر أني بالأعلى لست على الأرض..وأقرب الى السماء..أليست هي المكان الذي نسعى أن نذهب اليه جميعا؟! ألا تحوي أرواح كل من فارقنا من الأحبة الى غير رجعة ؟! ...من نافذة مكتبى أرى بناءً شاهقا من المفروض أنه صمم ليكون جميلا ولكنه ليس بجميل ! فارتفاعه وضخامته يحدان من رؤيتي للسماء الزرقاء ..أعشق لون السماء.. اللون الأزرق.. يقولون ربما لأنه لون عيني أو هكذا يقول الناس عني ..عينان زرقاوان وهما رماديتان بمسحة خضراء بلون عشب بلادي الذي يجف سريعا( هل نعشق ما يشبهنا؟).. أليس الحب هو لمجرد الحب أم يجب أن يكون له سبب؟ .
اشتم رائحة هواء بلادي الذي أحب.. المليء بروائح دخان وبنزين ورائحة القلق...وتعبر من نافذتي في الصباح نسائم صيفية ترد الروح ولكن الروح هامت ...ما عدت أشعر بتلك اللحظة الحريرية حين تمر النسائم تلامس خدي وتداعبه برقة ...فالفكر مليء بأشياء صغيرة ..توافه الحياة اليومية..تتجمع تلك الأشياء في منظر واحد ومشهد واحد لتشكل ضيقا وقلقا ...من ماذا لست ادري؟ في شبه لحظة من الزمن تعود المشاعر كما كانت وأقع من جديد في غرام تلك النسائم! أنسى التوافه وأعود فأعشق الحياة!
ضجيج...أت من الشارع ..كلهم ينصحوني بإغلاق نافذتي..لا أستطيع تعودت على هواءها...هذا الذي يحمل في طياته غبارا ودخانا وقلق!!
استكثروا علي رؤية سماء صافية من نافذتي العالية! ..فبدأ بناء أخر أكبر وأضخم بالظهور..وظهر معه المزيد من الضجيج ..أصوات العمال واصوات مطارق وآلات ...تختلط مع زوامير السيارات وصوت الشاحنات..لتضفي ملمحا جديدا لهواء نافذتي ...الإزعاج...
كيف تحتملين كل هذا الضجيج...؟!
احتمل الضجيج ... لا أقدر على إغلاق نوافذي أينما ذهبت أريد فتح النوافذ..فليأت الضجيج والغبار...
أنا لا أستطيع العيش بدون هواء نافذتي...
أنا لا أعرف كيف تستطيعون العيش ونوافذكم مغلقة؟!
**************************************************
البارحة فتحت دفتر أشعاري ..القديمة نعم لقد كان لدي نهفات وأنا في المدرسة وأيام الجامعة..نهفات شعرية
وحتى أني كتبت قصصا قصيرة كلها تبعثرت بالهواء .. وبعضها خُط في دفتري بدون ترتيب وبخط (معفشك).

لم تكن أشعاري موزونة...ولكنها كما مرة قالت لي معلمة مادة العربي ..تحمل الكثير من العواطف أليس الشعر يحتوي عاطفة تُصور بالكلمات ؟هل من الضروي أن يتبع بحر البسيط أو بحر الوافر مثلا؟ ألا يكفي أنه يغوص في بحر الحياة ؟!


كم ضحكت وأنا أقرأ ...كانت هناك أشعار غزلية ترى لمن كانت تلك القصائد؟
لهوى لم يتجسد..لحنين الى لحظة عشق كم سمعنا عنها وكم تكلمت عنها أغانينا؟
لحب أول لم أعرفه حقا..ما هو الحب الأول؟
هل يُسجل أول اعجاب بالطرف الأخر أنه حب أول؟
كانت السمة الغالبة هي المعاناة ..المعاناة من الحبيب وهجره ..الحبيب الذي لم يكن!!
هل نحن نكثر في تصوير الحزن ...في كتاباتنا وهل نميل الى المأساويه؟...
أم النهاية المعروفة للبشر قد طبعت فينا طابع الحزن حتى لو كان متخيلا فما عدنا نكترث بلحظات الحب والفرح فنتجاوزها لنظهر الألم الموعود؟!
تذكرت أبي حين سمعني وأنا صغيرة أدندن تلك الأغنية التي كانت أول أغنية أعرفها لأم كلثوم والفضل لأخواني الأكبر مني في معرفتها (لمَ لم يستمعوا الى الأغاني الراقصة أكثر؟!)..كان المقطع يقول ماخطرتش على بالك يوم تسأل عني ...يامسهرني!
سألني أبي حينها ضاحكا :مين هو ؟
منذ طفولتي كنت أبحث عن شيء... غير موجود!
تمتزج ذكريات الطفولة مع الحياة اليوم..لتشكل صورة نهائية ملونة ..لكنها ذات ألوان باهته ..شاحبة.. تلتفت إليها فتريد استرجاعها وترغب أن تزهو ألوانها..يا ليت!
ما أقصر عمر البراءة فينا...إنه كعشب الربيع ..أخضر نضر...قد جف وأحرقته أشعة شمسنا في بداية صيف!

وبعد أن سررت باستعادة تلك اللحظات التي كنت أكتب فيها ما كنت أظنه شعرا! والتي أعادتني الى جو الذكريات وشحنتي بعاطفة الحنين الى الماضي،قلبت صفحات دفتري الصغير لأجد تساؤلات عن القدر والموت والحياة والنصيب .. وعن الزمن؟


هل لهذه الدرجة كنت حائرة ولم أعرف حينها..هل كانت أشعاري وكلماتي تريد البوح بأكثر مما حوت؟
ومنذ ذلك الوقت هل تغير شيء؟ وهل لقيت إجابة على تساؤلاتي؟!
لا.. لم يتغير شيء..لايوجد إجابات على تلك التساؤلات!


جميلة تلك اللحظات التي نتأمل فيها وجودنا وكينونتنا ومصيرنا! لحظات تعبر كالسحر تشعر بإحساس غريب.. وكأنك عثرت على ضالتك المنشودة.. فتركض في خيالك وتلهث لتجد كل ماظننته حقيقة هو سراب!
كم من الأشياء حقا قد عرفت ؟!وهل تلك هي معرفة حقا؟
هل سنكف عن التأملات..لا أظن! ولكن ما نفعها إن لم تجب حقا على التساؤلات؟!
يكفي أنها تعطيني سحرا ..لا أجده بأي شي كان..حتى لو كانت كل الأفكار سرابا بسراب!
***************************
برد فنجان قهوتي على مكتبي ..تنبهت أني لم أرتشف منه بعد ولا رشفة!...عدت فقرأت ما كتبت ..ما هذا؟
ضجيج..نافذة ..هواء.. أم كلثوم.. وشعر غير موزون ...
...ربما علي أن لا أكتب قبل احتساء قهوتي الصباحية.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟