الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل حركة نقابية عمالية جديدة

بدر الدين شنن

2005 / 8 / 15
الحركة العمالية والنقابية


إن تناول أي موضوع في الشأن السوري ، أو أي جانب من جوانبه ، لايمكن أن يتم بصورة انتقائية أو مجزوءة ، بمعزل عن علاقته مع بقية أجزائه الأخرى للحالة السورية الراهنة . فكما أن هذه الحالة تتصف بالشمولية ، أي ترابط كل أجزائها ببعضها البعض ، فإن ذلك يتطلب أن يعبر هذا التناول عما يمثله هذا الموضوع أو ذاك كجزء من كل البنية الشمولية المأزومة . ولايمكن أن يفضي مثل هذا التناول الإنتقائي المجزوء ، مهما كان القصد يتمتع ضمنياً بخلفية نزيهة وصادقة ،أ وتعبيراً عن المساهة البريئة ، في عملية إنقاذ سوريا مما تكابده من ا ستبداد وفساد وتمييز ( عنصري ) سياسي ، سيما إذا كانت مسألة الحريات النقابية وتجويف الحركة النقابية من السورية من مضمونها الكفاحي هي الموضوع المطروح قيد البحث ، ذلك لما تتمتع به هذه الحركة من صفة تمثيلية وقيادية في قطاع شعبي واجتماعي ووطني هام ، ولما تحمله من تراث له بعد سياسي طليعي في الحراك السياسي الاجتماعي العام ، واندمجت ، منذ بدايات القرن العشرين بالنضال التحرري والاجتماعي التفدمي والديمقراطي

وعليه فإن أسباب تردي وضع الحركة النقابية السورية ليست أ سباباً ذاتية فحسب ، وإنما هي أ سباب موضوعية مرتبطة بخيارات القيادة السياسية الحاكمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، التي ا ستدعت الاستبداد واحواء أو قهر كل مصادر الحراك المعارض لها السياسية والنقابية ، وكانت الحركة النقابية العمالية أولى ضحاياها . . أهمها سياسية بالدرجة الأولى . وكان في مقدمتها في البدايات تخلي أحزاب ذات أ سماء " ا شتراكية وشيوعية تاريخية !!..؟ " عن دورها في تبني ودعم النضال النقابي عامة .. والنضال المطلبي خاصة ، وانضوت تحت قيادة حزب البعث الحاكم والارتهان لأوامره وتوجيهاته، وتخلي أحزاب أخرى منشقة عنها عن مرجعياتها الإيولوجية وانتقالها إلى مواقع الليبرالية بأبعادها المتعددة بعيدأ عما يمت للنضال العمالي بصلة لاحقاً . ثم تبعيث النقابات بتجريد لوحة التنظيم النقابي من أي وجود نقابي مستقل عن النظام تتفاعل وتتكامل فيه قوى غير بعثية ، وإخضاع التمثيل النقابي لأكثرية تمثل " الحزب القائد " حسب المادة 8 من الدستور وحسب ميثاق " الجبهة الوطنية التقدمية " ، وتصفية وجود القوى والعناصر النقابية المعارضة بالطرد من العمل أو الدمج المهني أو الاعتقال أو النفي . ثم كانت عملية النصب الكبرى التي فرضت على الطبقة العاملة السورية ، بفرض " النقابية السياسية بديلاً للنضال المطلبي " أي الولاء المطلق للنظام وحلفائه وأعوانه باسم تحقيق " المجتمع الاشتراكي الموحد " !!.. ؟

وكان ما نراه الآن من نتائج مؤلمة وبشعة في سيرورة ماسمي زوراً ب" التحولات الاشراكية .. !! .. ؟ " التي قادها النظام وجبهته " الوطنية التقدمية " سواء بالنسبة لشعبنا عامة ولقواه العمالية خاصة . كثيرة هي الشواهد على ذلك .. التي تدل على ما آلت إليه تلك التحولات ، التي فضحتها بعض الفلتانات المعلوماتية ، أو زلات ألسن بعض المسؤولين ، أو إحصائيات أكاديمية ودولية ، أكثرها بروزاً .. الفقر المليوني الذي طال أكثرية الشعب .. تمايز اجتماعي فاجر .. خسائر مالية بالمليارات لأهل الحكم ملتبسة المصدر في شراكات مالية مشبوهة .. أو تهريب مليارات أخرى إلى الخارج.. فساد شامل مستعص على الحل حتى على الخبراء الدوليين .. هيمنة أمنية مستشرسة حتى على النوايا وشبهة التفكير .. عجز عام يسيل له لعاب الطامعين في الخارج .. وضع الهيئات النقابية ومؤسسات المجتمع المدني في قمقم القمع

في هكذا مناخ سياسي - اجتماعي لم يكن بالامكان للحركة النقابية السورية إلاّ أن تكون كما هي الآن .. مكاتب فارهة وهيئات متواطئة مشلولة لم تدعوإلى إضراب يوم واحد عن العمل احتجاجاً على كل المآسي والمظالم التي تعرضت وتتعرض له الطبقة العاملة من إفقار وإذلال ، ولن يكون بوارد الآن أو مستقبلاً أن يتم إصلاحها وتحريكها باتجاه فعالية كفاحية ، إلاّ بتفكيكها عضوياً وتحريرها من سلطة الاستبداد ومؤسساته الأمنية . وهذا مشروط بالتغيير الديمراطي في البلاد وليس تحت سقف الاستبداد، وبوجود أحزاب عمالية مستقلة ترفد الحركة النقابية بكوادرها المؤمنة بمصالحها الطبقية ، وتشكل معها حركة عمالية تجدد النضال المطلبي والوطني والديمقراطي

بمعنى آخر ، من أجل حركة نقابية عمالية جديدة .. لابد من ولادة الجنين النقابي المستقل والحركة العمالية المكافحة .. والدفع العمالي الواضح الرؤيا .. النقابي والسياسي .. المطلبي والديمقراطي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى حسني يحدثنا عن العامل المشترك بين الصحابة رضي الله عنه


.. آلاف العمال الأجانب في لبنان بلا مأوى مع ضعف الإمكانيات




.. الصحة العالمية: مقتل 28 من العاملين في مجال الصحة في لبنان خ


.. وقفة أمام محكمة أسترالية احتجاجا على حظر مظاهرات في ذكرى -طو




.. فرنسا: -عودة إلى عهد التقشف- • فرانس 24 / FRANCE 24