الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


.......وظلم ذوي القربي

ابتسام يوسف الطاهر

2005 / 8 / 15
الارهاب, الحرب والسلام


حاولت ان اخذ اجازة من الكتابة, من العمل الغير مجدي الذي اقوم به يوميا، وكأني الفلاح الجزائري الذي يعيش في الصحراء، يقضي نهاره بازاحة الرمال عن النخيل، لتعود في اليوم الثاني كما كانت وكأنه لم ينقل حفنة منها!
فشغلت نفسي بمشاهدة التلفزيون، الذي صار يستفزني بتقاريره واخباره الحالكة، فكدت اشهر سيفي، عفوا قلمي، لولا فسحة الصبر! فتشاغلت عنه بالطبخ وعمل حلويات لم ياكلها احدا غيري. فكانت النتيجة آلاما بالظهر واوجاع بالمعدة وحرقة بالقلب, فعدت لاوراقي وقد عرفت انها الدواء الذي يخفف عني حالة الغضب...بالرغم من ضعفها وتعبها ازاء لامنطق الاحداث في حياتناخاصة بمايجري على الساحة العراقية, وكأننا نشاهد عملا مسرحيا من مدرسة اللامعقول.

ثلاث مواقف ترتبط بالوضع في العراق, او مأساة الشعب العراقي التي صارت وكأنها كابوس لانقوى على الصحو للتخلص منه. لاحظت ان تلك المواقف متشابهة بالرغم من اختلاف الزمن والمكان والاشخاص, فوجدت انها تصب في نفس المجرى, تبريرالمنافسة الغير منطقية,على تخريب حياة الانسان في العراق.

احدثها: خاطبت بعض الزميلات, ممن لهن نشاط سياسي بمايخص الوضع في العراق، استحثهم لعمل شئ ولو لاسماع صرخاتنا استنكارا على القتل اليومي لاطفال العراق الذي لم يتوقف على ايدي من يسموا انفسهم (مقاومة) ــ وظلم ذوي القربي اشد مضاضة....على المرء من وقع الحسام المهند ــ واحتجاجا على قوات امريكا المتواجدة هناك للقتل ولم تحرك ساكنالا لحماية المؤسسات ولا القادة ولا حتى الناس المدنيين الابرياء.
وصلتني ردود مؤيدة, واخرى احالتني الى اعتصامات وفعاليات لمنظمات انكليزية متعاطفة مع الشعب العراقي. ولكن احدها استفزني مستنكرا تعبيري(مايسمى بالمقاومة) ويذكران ماقتل على يد هؤلاء لايزيد عن 9 بالمئة, بينما ماقتل على يد الامريكان اكثر من 36 بالمئة! فاصرخ غضبا بيني وبين اوراقي.
هل هي منافسة، من يقتل من العراقيين اكثر؟ الا يجب ان نحتج -وهو اضعف الايمان- على القتل العشوائي للابرياء؟ على يد اي كان؟ على تلك المنافسة الغير منطقية, بين اطراف عدة، سواء قوات الاحتلال, وبقايا عصابات صدام، او ا لتجار الذين سمنوااثناء الحروب، وتجارالكلام، او من يمارسوا هواية الذبح والقتل الجماعي باسم الدين اوالقومية! فكلها تترصدالعراقيين اطفالا ونساءا, عمال وطلبة واطباء وغيرهم، تحت قناع (المقاومة ) هل سمعتم بمقاومة تتجنب دبابات العدو والقصور التي يختبأوا بها، وتترصدالابرياء من عراقيين او غيرهم من العمال والدبلوماسيين؟..تترصد كل من يحاول ان يساهم باعادة الوضع الطبيعي للحياة هناك! اذن انها(مقاولة) وليست مقاومة،على رأي احد مراسلي احدى الصحف العربية من العراقيين.

الموقف الثاني لايختلف كثيراعن الاول:
في لندن وبعد سقوط صدام، وجهت لي دعوة من راديو5(البي بي سي) للحديث عن الاوضاع بالعراق باعتباري احد الناشطين ضدالحرب، التي شُنّت ضدالشعب العراقي، كما هو ظاهر, وانقاذا لصدام من غضبة ذلك الشعب.
لم تكن لي خبرة بالحوار من الستوديو، لذلك اسهبت بالحديث عن الوضع الامني المتردي والذي - قياسا لما يحصل اليوم كان نعيما- اضافة للجرائم والسرقات والاختطاف، بحيث ان الفتاة الجامعية لابد ان تذهب بمصاحبة الاب اوالاخ لحمايتها! مع اننا في العراق كنا سابقا, في الستينات وحتى السبعينات، ندع الطفل ابن السادسة يذهب للمدرسة لوحده دون خوف.على العكس مما يحصل هنا في لندن! اضافة الى الفوضى في كل المجالات... قاطعوني ليسألوا مراسلهم الانكليزي, من بغداد، فعلق على ماقلت بما معناه(ان الوضع ايام صدام لم يكن احسن، كانت السرقات متفشية والجرائم بكثرة)! تمالكت نفسي لالا انفعل, وانا استعيد انطباعات العراقيين وحلمهم بالخلاص وأملهم بتحسن الوضع يوم بعداخر! فقلت:
هل هي منافسة بين الامريكان وصدام، ايهمااسوأ في جعل الحياة جحيما هناك..؟!
قاطعوني مرة اخرى، بحجة ضيق الوقت فخرجت،ولم البي دعواتهم اللاحقةفيما بعد.

تلك الردود ذكرتني باخرمماثلا وان كان في القرن الماضي القريب:
في السبعينات وبعد استيلاء صدام على السلطة امر باعدام اكثر من عشرين جندي بسبب انتمائهم للحزب الشيوعي! الذي كان احداطراف (الجبهةالوطنية)، فتسلل الخبر للخارج بالرغم من التعتيم الاعلامي، وجاءت وفود صحفية اجنبية من الذين يسعون لطلب الحقيقة (ولو بالعراق). وعقد مؤتمر لهم حسب الاصول (الديمقراطية)، مع القائد الفذ. سالته احدى الصحفيات الاجنبيات :" لماذا امرت بقتل اؤلئك الشبان، وانت بجبهة مع الحزب الذي ينتموا له، هذا اذا كانوا منتمين فعلا؟" صمت الكل ليسمع الجواب التاريخي!
فرد فض فوه: "رئيس اثيوبيا قتل المئات اثناء انقلابه على هيلاسي لاسي، ولم تسالوه"
صار الكل يتطلع للاخر مذهولا، هل هم امام معتوه ام قائد كما يشاع؟
هل هي منافسة على القتل، الم تكن الغاية من الجبهة لحقن الدماء؟
فجمعوا حقائبهم ورحلوا، ولم يسمح لاي صحفي بالدخول لارض العراق فيما بعد، ليكون القتل والاعدام على (رواق)، كما يقولون.

الا تتشابه تلك الاجوبة او التعليقات الثلاث، بلاموضوعيتها؟ وبمنطها التبريري لقتل الابرياء؟ فهل نسكت ام نواصل الصراخ لكشف الكذب والاحقاد الغير مبررة ضد الشعب العراقي الذي صمد وصبر كل تلك العقود ولم ينتظرد عما من (الاخوة الاعداء) الذين بالامس, اغلقوا اذانهم وعيونهم عن معاناة اشقائهم العراقيين. بينماالشعب العراقي وقف معهم وناصرهم في كل قضاياهم!
فهل ارتكب جرما حين اراد الخلاص من صدام، بعد ان فاض به الكيل؟ أم لانه اراد اخراج المحتل عن طريق الانتخابات؟ وقد اعطى من الضحاياالكثير على مدى عقودالحروب المتواصلة؟ الاتخدم عمليات القتل والاختطاف, الاستعمار والاحتلال الذي يدعون محاربته؟
اتمنى من القراء ان يسعفوني بجواب ما واكون لهم من الشاكرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل