الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصيبة السياسة الفلسطينية في محاضر إجتماعات قطر

محمد أبو مهادي

2014 / 9 / 5
القضية الفلسطينية



لم أصب بالدهشة عند قراءتي لأجزاء من محضر إجتماعات قطر جرت بين "عباس" ووفده و"مشعل" ووفد حماس برعاية أمير قطر، فأنا ممن لا يبنون آمال على القيادة السياسية الفلسطينية منذ زمن طويل، وقد دعوت في الكثير من كتاباتي إلى ضرورة العمل على تغييرها بطريقة من إثنتين، إمّا إجراء إنتخابات تشريعية ورئاسية إضافة إلى إنتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، أو أن يكون التغيير ثورياً ينهي هذا الفصل المخجل في تاريخ شعبنا، ويضع حد لعجز القيادة السياسية التي فقدت قدرتها على المبادرة والإبداع ووصلت إلى حد غير محتمل من الإخفاقات المتكررة عقب كل بطولة فلسطينية تترافق مع جريمة إسرائيلية، وقد نبهت إلى أن البطولات والإبداع في الميدان الذي يقوم به الشباب الفلسطيني لا تحرسه قيادة أمينة على مصالح الشعب الفلسطيني، وهي مشغولة حتى النخاع في تدعيم مراكز قوّتها ونفوذها وهيمنتها مهما كانت النتائج، ومهما كان مستوى الجريمة التي نفذتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

خلال الحرب على غزة هناك من تحدث عن مفاجأة سياسية سيعلن عنها الرئيس "عباس" عقب الإتفاق على وقف إطلاق النار، وإنتظر الجميع المفاجأة التي جاءت على شكل تسريبات جزئين من محضر إجتماعات جمعت قيادات من فريق الرئيس وأخرى من حماس بحضور "خالد مشعل" رئيس الحركة، وبرعاية أمير قطر، مضمون هذه الإجتماعات عبارة عن مأساة سياسية حقيقية تكشف عن هشاشة الموقف السياسي الفلسطيني الذي لا يزال يراهن على الموقف الأمريكي في تبني خطة إعلان الدولة الفلسطينية بفترة زمنية مدتها ثلاث سنوات، هذا الرهان الذي سقط أكثر من مرّة في جولات مفاوضات إستمرت قرابة العشرين عاماً لم تفض إلى نتائج سوى الصمت عن جرائم الإستيطان وبناء الجدار وعمليات الإعتقال المتواصلة، إضافة إلى ثلاث مجازر إسرائيلية تم تنفيذها في قطاع غزة خلال خمسة أعوام دون أن يكون فعل فلسطيني جاد لمحاكمة قادة إسرائيل، ولا توقيع ميثاق روما المنشئ لمحكمة الجنايات الدولية، ولا حتى وقف التنسيق الأمني الذي كان مطلباً شعبياً فلسطينياً جرى التعبير عنه بأكثر من طريقة.

محور إهتمام عباس في محضر الإجتماعات هو العودة إلى المفاوضات من خلال البوابة الأمريكية بأي شكل من الإشكال، دون تقييم لهذه التجربة أو مراعاة للمستجدات الإقليمية والعالمية التي تجري وسجلت تراجعاً لكل السياسات الأمريكة في المنطقة، وأفادت بما لا يدع مجالاً للشك أن أمريكا لم تعد وحدها تقرر في هذا الكون، وأن الإستفادة مما يجري من تحولات ممكنة وينبغي الإستفادة منها قدر الإمكان أو حتى المناورة بها لتحسين واقع المفاوضات إن كان لا مفر منه في عقل الرئيس عباس.

اللافت أن حركة حماس لم تبد إعتراض على خطة وسياسة "عباس" بقدر ما كان يعنيها "الشراكة في التفاصيل" إضافة إلى تركيزها على قضايا اللجان مثال اللجنة "الأمنية" و"المعابر" ومسألة "الرواتب" وغيرها من قضايا تبتعد عن نقاش معمق في مجمل الحالة السياسية الفلسطينية بعد الكارثة، التي ألمت بالشعب الفلسطيني جراء إستمرار نهج المفاوضات والمغامرات العسكرية طول العقود المنصرمة، فهي تتفق مع عباس في المبادئ العامة وهاجسها الشراكة معه مهما كانت النتائج السابقة وكان الأمر لا يستحق المراجعة وإعادة التفكير حتى في القضايا الفلسطينية الداخلية من بينها قضية الحكومة شكلاً ومضموناً وسياسات.

أقل ما يقال عن هذه الإجتماعات من ملاحظات أنها تجري من خلف الشعب الفلسطيني، ولا تستند إلى قواعد الشراكة الحقيقية مع الشعب الذي لم يستشر في إي قضية من قضاياه منذ زمن، الحاضر بقوة في تقديم التضحيات والمغيّب بشكل خطير عند صناعة السياسيات، ومع تغييب الشعب يجرى تغييب مؤسسات صناعة القرار الفلسطيني على عواهنها وكهولتها التي بدت واضحة أكثر من ذي قبل خلال الحرب على غزة.

التخطيط الفلسطيني لا يكون فردياً ومزاجياً يسير حسب تعليمات الرئيس، بل هو محصلة تفكير تصنعها مؤسسة فلسطينية مقررة تستند إلى حصيلة تجارب وأستخلاصات منها، وتستند إلى عناصر قوة ينبغي البناء عليها وتطويرها وتحليل حقيقي لأوضاع الفلسطينيين داخلياً وخارجياً ومدى القدرة على تجنيد الدعم والحشد العالميين لهذا الخطة، لا أن تصاغ بمعزل عن الشعب وبمواقف شخصية وردات فعل إنفعالية سرعان ما تتهاوى تحت ضغط وتأثير التمويل أو سحب بعض الإمتيازات لبعض المسؤولين.

حجم التضحيات الفلسطينية والكارثة التي لحقت بقطاع غزة يجب التعبير عنها بمسؤولية وطنية تبتعد عن نهج المغامرة والتفرد، ما جرى كفيل أن يدفع الجميع لإعادة حساباته وفقاً لقواعد وطنية وأخلاقية تنهض بالمجتمع الفلسطيني وتعزز قدرته على الصمود وتجاوز الآثار المدمرة للمعركة.

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا