الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إحرصوا على أرواح العراقيين

محمد ضياء عيسى العقابي

2014 / 9 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


إحرصوا على أرواح العراقيين
محمد ضياء عيسى العقابي
ورد في شريط أخبار فضائية (الحرة – عراق) الخبر التالي نقلاً عن الدكتور سليم الجبوري رئيس مجلس النواب وأحد قادة تحالف القوى العراقية المعنيين بالتفاوض حول تشكيل الحكومة الجديدة :
"وافق حيدر العبادي على إطلاق سراح جميع الموقوفين الذين لم يقدموا إلى محاكمة وتجاوز إحتجازهم المدة القانونية."
بادئ ذي بدء علينا أن نعلم أن مدة الإحتجاز القانوني لأي متهم في العراق الجديد هي، حسب علمي المتواضع، 48 ساعة وبعدها أما أن يتم توجيه تهمة محددة له واما أن يطلق سراحه.
هنا تصبح مصلحة الشعب أمام خيارين يستحقان التمحيص لتلمس الموقف الصحيح حيال قرار رئيس الوزراء المكلف الدكتور حيدر العبادي الذي صرح به الدكتور سليم الجبوري.
فأما الإلتزام بالقانون بصرامة وإطلاق سراح من تخفق السلطات القضائية في التحقيق معه خلال 48 ساعة؛ رغم أن هذا الإجراء ينطوي على مخاطر أن تكون بين المحتجزين نسبة مهما صغر حجمها من المجرمين الخطرين الذين تسببوا بقتل المواطنين وسيتسببون بمزيد من الإجرام بعد إطلاق سراحهم،
وأما أن يتم الخضوع للأمر الواقع وتطول فترة الإحتجاز ريثما يتسنى التحقيق مع المتهم وفي ذلك خرق للقانون.
في الحقيقة فإن إطلاق سراح من لا يتم التحقيق معه خلال الفترة القانونية هو مطلب كرره الدكتور صالح المطلك في فضائية (الحرة – عراق) / برنامج "حوار خاص" لأكثر من مرة.
وإن الذين يركض الدكتوران صالح وسليم لنجدتهم هم المتهمون بموجب المادة 4 إرهاب.
وإن الإرهاب هو حقيقة واقعة وبدأ منذ 2003 حتى هذه اللحظة وقد قتل وأصاب نصف مليون مواطن برئ سواءً كان مدنياً أو عسكرياً أو شرطياً إذ لا يحق حتى لثائر حقيقي قتلُهم في دولة يسودها الدستور وحكومة منتخبة تمثل الجميع رغم أن البعض الطغموي* منهم يساهم في المزايا ويتنصل عن المسؤولية بل يتستر على الإرهاب. حتى حجة وجود القوات الأجنبية قد إنتفت منذ بداية عام 2012 بينما إزداد الإرهاب ضراوة، مما يدل على وجود أجندات أخرى غير المعلنة مهما قيل عن الإقصاء والتهميش اللذين ظهرا جلياً بأنهما لم يكونا أكثر من غطاء لتمكين داعش من محاولة الإستيلاء على العراق وإجراء تغيير ديموغرافي في تركيبته السكانية لكن العراق لم يكن لقمة سائغة لجميع المتآمرين المتنوعين ففشلوا وحوصروا في الفلوجة وتكريت والموصل وبقع أخرى.
نشأت هذه الحالة أي حالة مكوث متهم في الحجز لأكثر من المدة القانونية، للأسباب التالية:
1- إن مدة الإحتجاز القانوني، أي 48 ساعة، تفترض وضعاً مثالياً من حيث ندرة الجرائم ومن حيث توفر العدد الكافي من القضاة بأصنافهم ومن حيث توفر البيئة الوطنية السليمة أي المعادية للجريمة وخاصة الجرائم ذات الطابع الأمني دع عنك إذا كان البلد يتعرض لإرهاب وجرائم إبادة جماعية ندر شبيهها وله حواضن عنيدة وجناح سياسي يتبوّأ ساسته أعلى المناصب في الدولة تلك الدولة التي لا يمتلك معظم "مثقفيها" الشجاعة والأمانة الكافيتين لقول كلمة الحق فيساوون بين الجاني والضحية لذا فلا يشعر الإرهابي ومن يحتضن ويتستر عليه بأي حرج ويعتبر نفسه محقاً بدلالة عدم الإدانة عدا اللفظية العامة والمبهمة التي تصدر من هؤلاء المستثقفين والفاشلين.

لا أعلم إن جرت محاولات لتعديل القانون وتمديد فترة الإحتجاز كما فعلت دول عديدة تصنَّف في قمة "المثالية والديمقراطية وإحترام حقوق الإنسان والإستقرار" إذا ما أحست بأي قدر من التهديد الأمني. وقد قال رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير "إذا تعرض البلد إلى مخاطر أمنية فإنسَ حقوق الإنسان". لقد ذهبت هذه البلدان إلى أبعد من ذلك بإصدار قوانين تبيح الإحتجاز التحوطي للمشبوهين لمدد غير قصيرة.

ولكنني واثق أنه لو جرت محاولات من هذا القبيل لتصدى لها الطغمويون في محطات عديدة لقتل المحاولة. وإن عبرت المحاولة جميع المراحل فستلقى، على يد رئيس مجلس النواب السابق أسامة النجيفي، ذات المصير الذي واجه طلبات مجلس القضاء الأعلى برفع الحصانة النيابية عن 16 نائباً متهماً بالإرهاب تمهيداً للتحقيق معهم.

2- النقص الشديد في عدد القضاة من الأصناف المتنوعة وذلك بسبب عدم وجود الحاجة إليهم إبّان العهد البعثي الطغموي. فتونس التي لا يزيد عدد نفوسها عن العشرة ملايين نسمة لديها (5000) قاضياً. بينما العراق ذو الثلاثين مليون نسمة لم يكن له سوى (1500) قاضياً عند سقوط النظام البعثي. ورغم سعي وزارة العدل ومجلس القضاء لتأهيل المزيد من القضاة ولو باختزال بعض الإجراءات النظامية إلا أن عدد القضاة يبقى لا يوازي المهمة المطروحة أمامه من أعداد المتهمين المتضخم جداً بتدبير كما سنرى لاحقاً.

3- الكيد وراء إحداث فيض من المشبوهين والموقوفين المدفوعين بتخطيط وتصميم لتكتظ بهم مواقف الإحتجاز وتدق الطبول سواءً كان المحتجز مجرماً أو بريئاً ولكنه مخلص لـ"القضية" ومستعد أن يدخل التوقيف الذي لا يكلفه كثيراً حيث لا تعذيب ولا إهانات ولا تغييب وله رهط كبير من المدافعين عنه لتوفير الظروف الجيدة من إضاءة وغيرها، بدءاً بالأمم المتحدة هبوطاً إلى أصغر طغموي مروراً بزعماء دول وحكومات ووزراء وشركات نفط وإعلام ومنظمات مجتمع مدني وغيرها وغيرها. أضف إلى كل ذلك فإن التعويض ينتظرهم، كما نالوا "شرف" النضال ضد ديمقراطية الصفويين وقد يؤهلهم ذلك لتبوّء مكانة أو موقع مرموق بعد "الإنتصار".

أغرب المتعاطفين معهم أو الحريصين على الوضع العراقي (لا أعرف) هم مجموعة من الأدباء والمثقفين إجتمعوا في النجف قبل فترة قصيرة وطالبوا بالعفو عن جميع السجناء والموقوفين سواءً تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء أو لم تتلطخ.

آخذين بنظر الإعتبار كل ما جاء أعلاه، أرى أن موافقة الدكتور العبادي على إطلاق سراح الموقوفين حسب تصريح الدكتور سليم الجبوري جاءت ناقصة إلا إذا كانت مرتبطة بشرطين مما يلي :

أما الحصول على تعهد من إئتلاف القوى الوطنية بضمان عدم إقدام المطلق سراحهم على أعمال تخل بالأمن العام أي منافية للقوانين.

أو ربطهم بكفالات تضمن حضورهم عند استدعائهم لإستكمال التحقيق إذا اقتضت الضرورة ذلك.

إضافة إلى ذلك يتوجب الحصول على موافقة الدكتور الجبوري ومن يمثلهم بتعديل القوانين في مجلس النواب بما يتيح الاحتجاز بانتظار التحقيق لمدة مناسبة لإمكانيات القضاء وحسب تقديرات مجلس القضاء الأعلى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*):للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته: “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو