الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرض الفساد فى مصر - الأعراض والحلول

شريف عشري

2014 / 9 / 6
الادارة و الاقتصاد


أصبح الفساد فى مصر لا يعدو عن كونة مجرد ظاهرة بل أسلوب للحياة يتحكم فى معظم مفاصل الدولة بل يسود حياة المصريين أنفسهم بالقدر الذى جعلهم يألفوه ويتعايشون معه أيما تعايش ! والحقيقة أن الفساد لا يقتصر على مصر وحسب بل يمتد لمعظم دول العالم تقريبا إلا أن مصر تحرز مراكز متقدمة فيه وفقا لتقارير منظمة الشفافية الدولية ..حيث تطور ترتيبها من 115 عام 2009 ثم 105 عام 2007 ثم 70 عام 2006 وهكذا ترتفع رتبة مصر فى الفساد على مر الزمن وهذا ان دل انما يدل على ان تواتر الحكومات المختلفة على مصر لم يحقق اى تقدم ملحوظ فى مواجهة تلك الظاهرة المدمرة للحياة بكافة جوانبها فى مصر . ويكفيك بكبسة زر واحدة بالبحث فى العم جوجل ان تتوصل الى ارقام مرعبة عن حجم الفساد الذى دب فى كل مفاصل الدولة للحد الذى بلغ معه 200 مليار جنيه سنويا وفقا لتصريحات المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات ! وهذا يحوى بين طياته استنزاف سنوى لموارد الدولة وإهدار لجميع الطاقات المبذولة فى سبيل دفع هذا البلد قدما للأمام ! فما يبذل من جهد وعمل يتم ابتزازه وامتصاصه من قبل مصاصي دماء وعصابات دأبت على التهام خيرات الوطن وتحقيق مكاسب شخصية على حساب الصالح العام .. وفى الواقع يختلف المهتمين بدراسة ظاهرة الفساد حول تعريفهم للفساد إلا ان المفهوم الاصطلاحى يمكن اشتقاقه من منظمة الشفافية الدولية على اساس انه إساءة استخدام السلطة المخولة لتحقيق مكاسب خاصة على حساب مصلحة المجتمع ككل . وللفساد صورا متعددة تتراوح بين الرشوة والمحسوبية والإثراء الغير مشروع والاستيلاء على المال العام وغسيل الاموال ...أما نتائجه التى لمسناها خصوصا فى الفترة السابقة واللاحقة لانتفاضة 25 يناير - والتي كانت سببا من الاسباب الرئيسية لتلك الانتفاضة - فيمكن حصرها على سبيل المثال فى : حوادث القطارات ، وغرق عبارة السلام ، وانهيار الدويقة ، اهدار المال العام ،الازمات المتتالية من قطع الكهرباء والبوتاجاز وتصدير الغاز بأسعار بخسة و تهريب رؤوس الاموال للخارج والتوسع فى الائتمان بدون ضمانات ...الخ ....بينما تتراوح انواع الفساد مابين إداري وسياسي واقتصادى ومالى وتشريعي والحقيقة ان الفساد لم يكن وليد اللحظة بل امتدت جذوره للوراء خصوصا منذ عهد الانفتاح الاقتصادى ولعل الاسباب الحقيقة التى تكمن وراء تفشي تلك الظاهرة يمكن اجمالها فيما يلى :
1- غياب سيادة القانون وسقوط هيبته فقد شرعت قوانين لخدمة فئات معينة على حساب المجتمع ككل فضلا عن ان تنفيذ تلك القوانين لم يخضع لمبدأ العدالة بل خضع لاعتبارات سياسية ومالية ، ناهيك عن المماطلات فى محاكمات الفاسدين والتى ادت لهروبهم للخارج قبل محاكماتهم ..هذا غير ان القانون لم يوفر الحماية الكافية للشهود فى قضايا الفساد المختلفة مما أدى الى هروب الفاسدين - خصوصا من هم فى أعلى الهرم الوظيفي للدولة - من العقاب الرادع.
2- الفساد اصبح أسلوب حياة للمصريين حتى ألفوه وأصبح جزء لا يتجزأ من حياتهم اليومية فى صورة إكراميات وشاى وقهوة وتيبس وحلاوة ..الخ من المسميات تحت بند الرشوة ..كما أصبحت التعيينات فى الشرطة والقضاء والسلك الدبلوماسي ومعظم شركات القطاع العام والخاص خاضعة لاعتبارات المحسوبية والوساطة والرشوة !
3- ضعف الجهاز الادارى بالدولة وتفشي البيروقراطية وانخفاض الاجور والمرتبات أدى الى افساح المجال للفساد أن يعمل فيها وبقوة ...ناهيك عن عدم وضوح الهدف والرؤية وتنازع الاختصاصات وضعف الاجهزة الرقابية للدولة ادى الى ان بعض المؤسسات لا تتعاون مع تلك الاجهزة معها وعلى رأسها وزارة الداخلية بالرغم من ان القانون يخول الحق للاجهزة الرقابية بالضبطية القضائية الا ان وزارة الداخلية لم تتعاون بل منعت الخبراء من القيام بدورهم الرقابى المنوطين به . والقانون نفسه جعل الاجهزة الرقابية خاضعة للسلطة التنفيذية فأضعفها بل اوصل رسالة للمصريين مفادها ان الحكومة نفسها فاسدة وتتستر على الفساد مما كسر روابط الثقة بين المواطن والحكومة .
4- مجموعة اسباب تتعلق بالموازنة العامة للدولة وبسياسات الجهاز المصرفى : فالإنفاق الحكومى البذخى وارتفاع عدد المستشارين ورواتبهم وغياب الصناديق الخاصة عن الموازنة وعدم خضوعها للرقابة والفساد فى تسعير منتجات الثروة المعدنية وعلى رأسها الغاز والدعم الذى لا يوجه لمستحقيه وتصفية القطاع العام تحت دعوة الخصخصة والتوسع فى منح القروض بدون ضابط ولا رابط ...كل هذه الامور كانت ابوابا مفتوحة لولوج الفساد فى الحياة الاقتصادية فى مصر .
وحيث انه عند بلوغ مرحلة التشخيص للمرض ومعرفة اسبابه يمكن وضع روشتة العلاج على النحو التالى :
1- اولا توافر الإرادة السياسية لمكافحة الفساد وهذا بالفعل موجود فى توجهات سيادة الرئيس السيسي منذ اول يوم تولى به الرئاسة حيث وضع أمامه ملفان لهما الأولوية فى التصدى وهما : الأمن ومكافحة الفساد .
2-الشفافية ودور أجهزة الدولة فى مواجهة الشعب بالحقائق دون مواربة أو تزيين أو تزييف فالشعب أصبح جزء لا يتجزأ من المعادلة السياسية بل أصبح القائد والداعم لأى عملية تنموية إصلاحية تحدث فى البلاد .
3- تهيئة الاطار القانونى الموائم الذى يكفل تعظيم دور الاجهزة الرقابية فى الرقابة وتخويلها كل السلطات اللازمة التى تكفل عملها على اعلى مستوى من الكفاءة والفعالية مع ضرورة فصلها عن السلطة التنفيذية ولا سيما تجميعها بالكامل تحت وزارة مستقلة .
4- العمل على خلق منظومة تشريعات قانونية جديدة تسترجع هيبة وسيادة القانون مرة أخرى وتسد المنافذ فى وجه الفساد والمفسدين .
5- تحقيق العدالة الناجزة والسريعة لكى يتوافر عنصر الردع لأى شخص تسول له نفسه ان يقترب من الفساد .
6- رفع درجة الوعى والثقافة العامة بظاهرة الفساد من خلال مؤسسات الاعلام والتعليم والمؤسسات الدينية .
7- الاصلاح المالى والاقتصادى بضبط الموازنة العامة للدولة والرقابة على الائتمان الممنوح من الجهاز المصرفي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس مجلس النواب الأميركي: سنطرح إلغاء الإعفاءات الضريبية عن


.. ملايين السياح في الشوارع ومحطات القطار .. هكذا بدا -الأسبوع




.. لماذا امتدت الأزمة الاقتصادية من الاقتصاد الكلي الإسرائيلي ب


.. تقرير خطير.. جولدمان ساكس يتوقع ارتفاع أسعار الذهب لـ3 آلاف




.. -فيتش- تُعدل نظرتها المستقبلية لاقتصاد مصر إلى إيجابية