الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سبايكر من جريمة جنائية إلى قضية سياسية

مهتدي رضا الموسوي

2014 / 9 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


بعد تعاقب شهرين متتاليين أو أكثر على مجزرة لم يشهد لها التاريخ الإنساني المعاصر مثيل إلا القليل، إبادة جماعية وكأنه نعيش في العصر الحجري إذ صح التعبير، وبعد أن نشرت لها في بادئ الأمر صور ومقاطع فيديوا على بعض القنوات لطوابير من الشباب يسيرون اتجاه الموت ونحو منيتهم هادئين وبدماً بارد، يخرج الناطق الرسمي تارةٌ والمتحدث العسكري تارةٌ أخرى بأسم القوات المسلحة ينفي تلك الصور ويلصقها بدولة أخرى وكأن الحفاظ على الحكومة ورجالها من الفضيحة أهم من آلاف الأرواح التي زهقت جرماً وبلا ذنب.
لكن وما حصل بعد شهريين روجت قنوات عده لتفعيل قضية جريمة سبايكر وظهر اعترافات الناجين منهم على التلفاز مما أدى أثارة غضب جماهيري المطالبة بدماء أبنائهم أو معرفة المفقودين منهم والمحتجزين، وعندما أخذت الاحتجاجات رواجها سارعت الأحزاب السياسية لاحتضانها وهذا أمراً بديهياً لانتهازية الأحزاب كي تحصل على مكسب سياسي بدماء الأبرياء والمتاجرة بهم، فتحولت جريمة سبايكر من جريمة جنائية إلى قضية سياسية، أما الشعب الفقير وعوائل الشهداء لم تدرك هذا الأمر لأنها عوائل متعففة بسيطة تريد أي خيط يوصلها إلى أبنائها أو المطالبة بحقوقهم كالإنسان الغارق ويريد أن يقبض على خيط النجاة.
أود أن أضيف بعض النقاط التي توضح بأن القضية تحولت من جريمة جنائية إلى قضية سياسية. وكالآتي
1- استجواب القيادات الأمنية في هذا الوقت، هو تخدير اجتماعي للعوائل وبالتالي ما حصل في الجلسة البرلمانية حول قضية سبايكر هي مهزلة سياسية، فليس من المعقول استجواب تلك القيادات في ضل حكومة حصلت فيها الجريمة فمن الطبيعي يكون هناك أسراراً عميقة خفيت وهذا ما حصل فعلاً ولم تخرج الجلسة بشيء يقنع العوائل.
2- تحريض بعض الإعلام المغرض بجعل قضية سبايكر في ملعب البرلمان في هذا الوقت العصيب كي ينشغل بها البرلمانين بتلك القضية حتى يتعثر بسن بعض القوانين أو يجعلوا البرلمان غير مستقر تماماً أو ما شابه ذلك.
3- تحاول كل كتلة أن تتبنى تلك القضية تبني شكلي وليس جوهري وذلك لكي تحصل على قبول اجتماعي يؤهلها لحصول مكاسب سياسية، وهذا ما لاحظته بعدم وجود نية حقيقة لمعرفة ملابسات القضية أو عدم وجود كتلة أعطت مقترحات ايجابية لمعرفة ملابساتها.
ومن هنا أقول يجب على عوائل الضحايا أن تعي ذلك جيداً أن المسؤول الأول على تلك القضية هو القائد العام للقوات المسلحة لأنه هو حمّل على عاتقة أدارة البلاد كما أن التقصير الواضح في الملف العسكري في حكومته وهو الذي أدى إلى وقوع مثل تلك الجريمة، كما على البرلمانين أن يؤجلوا استجواب القيادات الأمنية في الوقت الراهن لأنهم لم يصلوا إلى شيء إيجابي لأن الحكومة التي حصلت فيها تلك الجريمة ما زالت قائمة، وعليهم أولا أن يضعوا لجنة تحقيقة تفاوضية لمعرفة المفقودين والمحتجزين وان تصل أليهم بأي طريقة لأن المواطن العراقي هو أغلى من كل شيء. وثانياً على البرلمان أن يسن قوانين تعطي حقوق هولاء الشهداء كي تضمن مصير عوائلهم أو تكريمهم وهذا شيء قليل بحقهم.
أما ملابسات القضية والجريمة التي ارتكبت تؤجل معرفتها إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة وتقبض على زمام الأمور, لأن بهذا الأمر سوف تُكتشف حقائق لم تعرف من قبل، وعلى الحكومة الجديدة من السلطات الثلاثة (التشريعية، التنفيذية والقضائية) تشكيل لجنة لتقصي الحقائق ومعرفة ما حدث من الانهيار الأمني والانسحاب العسكري بدءاً من الموصل ووصولاً إلى قضية سبايكر حتى تكون هناك رؤيا واضحة وكاملة لمعرفة منفذين الجريمة والمسببين لها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من ساحة الحرب إلى حلبة السباقات..مواجهة روسية أوكرانية مرتقب


.. محمود ماهر يطالب جلال عمارة بالقيام بمقلب بوالدته ????




.. ملاحقات قضائية وضغوط وتهديدات.. هل الصحافيون أحرار في عملهم؟


.. الانتخابات الأوروبية: نقص المعلومات بشأنها يفاقم من قلة وعي




.. كيف ولدت المدرسة الإنطباعية وكيف غيرت مسار تاريخ الفن ؟ • فر