الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بعد -خطة فك الارتباط-؟

محمد أبو مهادي

2005 / 8 / 15
القضية الفلسطينية


صادقت الحكومة الإسرائيلية علي تنفيذ المرحلة الأولي من خطتها لفك الارتباط مع قطاع غزة ، وأعلنت بان المرحلة الأولي لتنفيذ هذه الخطة ستشمل إخلاء ثلاث مستوطنات .
إخلاء بعض المستوطنات المقامة علي مساحات واسعة من الأراضي المحتلة عام 1967 يعد إنجاز سياسي يمكن البناء عليه واعتباره مدخلاً جديداً إلي جانب القانون الدولي لإعادة طرح عدم شرعية وقانونية الاستيطان وملحقاته سواء كانت الطرق الالتفافية أو ما بات يعرف "بالتمدد الطبيعي للمستوطنات" والمناطق العازلة حولها واستغلال ما في جوف هذه الأراضي وما عليها لسنوات طويلة.
التحدي الحقيقي الذي يواجهه الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية يتمثل في كيفية عدم تكرار أخطاء تجربة " غزة اريحا أولاً" علي المستويين الإداري والسياسي وجعل هذا الإنجاز الوطني مقدمة أولي علي طريق الاستقلال والسيادة الكاملين.
فإذا ما أحسنت السلطة الوطنية الفلسطينية إدارة واستخدام الجزء المخلي من التواجد العسكري والاستيطاني الإسرائيلي، وأسست لشراكة حقيقة مع القوي الوطنية والإسلامية تعتمد علي قواعد الديمقراطية والانتخابات، وأحدثت تغيراً إصلاحياً ملموساً في شكل علاقاتها مع الجماهير وخففت من حدة الفقر والبطالة وقضت علي مظاهر الفوضى وغياب القانون ولجمت "الإقطاعيين الجدد" عن أطماعهم الاقتصادية، فإنها بذلك تجعل من المساحة التي لا تزيد عن 1.3% من مساحة فلسطين التاريخية نموذجاً يدمج ما بين المواطنة والديمقراطية ومعركة مستمرة في مواجهة الاحتلال، كان ذلك إنجازاً تاريخياً رائعاً يعيد اللحمة والثقة بين الجماهير وقواها و السلطة الوطنية الفلسطينية وتضرب مثلاً للعالم يدلل عن مدي قدرة الفلسطينيين علي تنظيم شئون أنفسهم بعيداً عن أشكال الوصاية والتشكيك في إمكانية حصول ذلك.
إن الفرحة والاحتفال بهذا الإنجاز الوطني والتاريخي بعد مسيرة بطولية خاضها الشعب الفلسطيني معمدة بالدماء والتضحيات الكبيرة يجب أن لا يغفل أعين القادة السياسيين عن معركة مستمرة من اجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عن كافة أرجاء الوطن، وهذه المعركة بحاجة إلي إعادة ترتيب الأوضاع الداخلية الفلسطينية ووضع خطة وطنية كاملة لتحقيق هدف التحرر والاستقلال الذي لن تستطيع قوة فلسطينية بمفردها وتفردها تحقيقه، فلا زال الاحتلال يلتهم الجزء الكبير من الأراضي الفلسطينية ويواصل عزل وتهويد القدس وبناء جدار الفصل العنصري واعتقال الآلاف من خيرة أبناء الشعب الفلسطيني، كما انه يواصل سيطرته علي معابر قطاع غزة وحدوده وأجوائه ويتحكم بحركته الاقتصادية، وهذا الحد الفاصل ما بين السجن الكبير والجلاء الكامل.
لقد نجحت إسرائيل بعد مدريد واوسلوا من ترويج رسائل إعلامية تفيد بان المعركة مع الفلسطينيين قد انتهت، وأنها لم تصبح قوة احتلال وحاولت مراراً من أن تعبث وتقوض مضمون قرارات الشرعية الدولية وتستبدلها بمرجعيات تفاوضية أخري جري الاتفاق عليها واخرها ما يسمي "بخطة خارطة الطريق"، ولا زلت تحاول ربط ما تنفذه من خططها ومشاريعها بهذه الخارطة ويبدوا أنها استطاعت أن تحدث قبولاً دولياً بهذا الاتجاه، وهذا ما ينبغي التحذير منه والعمل فلسطينياً علي عدم تكريسه بعد تنفيذ خطة فك الارتباط مع قطاع غزة والانتباه للرسائل الإعلامية التي تنقل عن الفلسطينيين سواء كانوا قادة أم مواطنين عاديين فرحين بتفكيك بعض المستوطنات.
إن رحيل الاحتلال عن جزء من الأراضي المحتلة يجب أن يكون مناسبة لإعادة انتزاع المبادرة السياسية الفلسطينية وعدم ترك المجال مفتوحاً أمام العروض الإسرائيلية التي تلقي حضناً أمريكياً دافئاً ومن ثم تصبح قواعد ينبغي التحرك وفقها، وبات من المناسب في هذا الوقت بالذات الاستفادة من الدعوات التي وجهت لعقد مؤتمر سلام دولي وتبنيها والانطلاق بها للمجتمع الدولي بعيداً الاحتكار الأمريكي لعملية السلام أو الخوف منه، واستعادة لأشكال التضامن الدولي مع القضية الوطنية الفلسطينية ولضمان عدم استصدار قرارات دولية جديدة تلغي أو تنسف القرارات التي اعتبرت كقاعدة في مؤتمر مدريد للسلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الذي يربط الحوثيين بحركة الشباب الصومالية؟ | الأخبار


.. نتنياهو يحل مجلس الحرب في إسرائيل.. ما الأسباب وما البدائل؟




.. -هدنة تكتيكية- للجيش الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة ونتانياهو ي


.. جرّاح أسترالي يروي ما حصل له بعد عودته من غزة




.. حل مجلس الحرب الإسرائيلي.. والترددات على تطورات الحرب في غزة